part 2

132 12 6
                                    

لم يتبق  الآن سوى أسبوع واحد يفصلني عن انتهاء المرحلة الابتدائية ، لذا انبغى على أهلي تذكري مرة أخرى و أخدي إلى البيت .

و ها قد حل وقت الوداع و فراق غرفتي الرمادية المتسخة و مقعدي المليء بفني الخاص ، جاء أبي في يوم السبت ، لقد تأخر بيوم و تسبب في ضياع الوقت من عطلتي الصيفية ، لم أتعرف عليه بسهولة و هو كذلك ، لذلك اكتفا بمناداة أسمي :
_ لين !!
عندها تقدمت نحوه قليلا نظر إلي بنظرات كأنها رصاصة لم أر أسوء منها من قبل . لم أقل شيئا  فتقدم إلي السائق ليركبني في المقعد الخلفي بجانب والدي ، انطلقنا و نحن في جو متوثر كادت أنفاسي أن تتقطع من شدة القلق ، لن أخفي حقيقة أنني كنت متشوقة بعض الشيء للتعرف على عائلتي .
و ها قد وصلنا أخيرا ، كان ذلك بيتا كبيرا و كأنه قصر ،  نزلت من السيارة و ذهبت راكدة نحو لباب و محفظتي تتمايل يمينا و شمالا على ظهري ، لم احصل على فرصة لأطرق الباب حتى فتحته امرأة مسنة ، استقبلتني بابتسامة عريضة ، الجميع يظن أنها أمي ، لكن لا ، كانت تلك المساعدة في أعمال البيت و  المربية التي ربتني حتى بلغة 6 سنوات و التي لم تفارقني إلى بدموع كالشلال . كان الشخص الوحيد الذي يهتم بي هناك ، و كيف لي ألا أتذكرها .

لم أرى التي ولدتني إلا بعد أسبوع من قدومي  . كنت كشخص غريب في ذلك المنزل لا أحدث أحدا  كعادتي ، لذلك كنت أكتفي بالجلوس في غرفتي و التكلم مع الجدران ، أعلم أن هذا مضحك لكنه أفضل من التكلم مع شخص ليست له رغبة برايتك من الأساس . فجأة و أنا أكلم نفسي و دون سابق إنذار دخلت أمي علي ، فوقفت منصدمة و أحدق في وجهها ، لقد كانت جميلة جدا -مثلي تماما-  كانت ترتدي فستانا أسود طويل مع كعب متوسط العلو ، كنا نبادل بعضنا البعض نظرات تملأها الحقد و الكراهية . قطعت الصمت و قلت باستهزاء :
_ من أنت؟
لم تنطق بحرف و أقفلت الباب بقوة و خرجت كانت تلك أول مرة أكلمها فيها و أخر مرة أيضا ، كنت أكره كل من بذلك المنزل ، من يوم قدومي لم أسمع أحدهم ناداني باسمي ، "الوحش" كانت أسهل  من "لين" بنسبة لهم .

كنت أنتظر  بفارغ صبري انتهاء العطلة كي  أغادر هذا المكان و أبدأ رحلة جديدة في مدرسة أخرى .
و حتى بعد مرور كل هذا الوقت كنت لا أزال أحلم بذلك الحلم الشبيه بالجحيم ، و اعتدت الفزع المستمر ، لكن أكثر شيء يجعلني أجن من تفكيري  هو أن كل أحلامي كانت واقعية أكثر من اللازم ، لدرجة أنني لا أعدّ نفسي شخصا نائما بل شخصا يغمض عيناه ليذهب إلى عالم أسوء من هذا الذي فيه .

وفي أحد الليالي الحارة وضعت رأسي على وسادتي و نزعت سماعتي من أذني ثم أغمضت عيني لأنام ، لكنني سرعان ما سمعت صوتا في غرفتي ففتحت عينا واحدة لمعرفة ما الأمر ، لأجد شخصا يرتدي رداء أسودا لا يظهر منه شيئا سوى يده اليسرى و التي كانت تحمل سكينا ، كنت أسمع صوته و هو يضحك ضحكة شريرة ، كنت أحاول الهرب و أنا أصرخ لكن هذا لم يجد نفعا ، كنت مقيدة و لا أستطيع الحراك ، أوقف الضحك و كتب لي في ورقة بخط كبير و واضح و بكثير من الحبر الأسود  "أصمتي أنت تجعزينني" لم أستمع لكلامه وواصلت الصراخ طالبة النجدة من أحد قريب فإذا هو يحمل ذلك السكين و يدخل يده في فمي بقوة ويمسك لساني بين أنامله وينتهي بتمرير السكين عليه و قطعه ، مهما طالة الأسطر و سقط الحبر على الأوراق لن يعبر عن الألم الذي شعرت به المقترن بالخوف و الرعب .

صمت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن