8

5.4K 125 0
                                    

8 - قصر الكونت

بعدما تجاوزا لويس أميتوس قطعا مسافة عشرين ميلاً اخرى قبل ان يصلا الى وجهتهما . وكانت المناظر حولهما تتغير كلما تقدمت السيارة , من سهول متبطحة بين التلال المنخفضة الى تضاريس طبيعية وعرة , حيث تتخذ التلال شكل الجبال المغطاة بالغابات.
تغير ايضاً نوع الطريق التي يمران عليها , اذا ضاقت كثيراً حتى كادت لا تتسع إلا لسيارة واحدة خاصة عندما بدأت السيارة بصعود مرتفع شاهق شديد الانحدار كان يحتضن جبلاً من ناحية تاركاً منحدراً صخرياً يهبط في واد عميق مكشوف على ناحية اخرى.
سألته كارولين وقد شعرت بأنهما لن يصلا ابداً:" كم بقي لنا لنصل ؟"
اجاب وقد عاد اليه التوتر واشتدت قبضته على عجلة القيادة.
الوادي التالي.
فكرت بصمت انه لا يريد العودة الى هنا . لا يريد ان يقابل اناساً سبق ان صمموا على الكراهية والعداء له , وكان ثمة نذير سوء و الجوّ اصبح بارداً وهاهي ترتجف وتدعك ذراعيها العياريتين , عندئذ سارع يشغل جهاز التدفئة قائلاً" كان عليك ان تحضري معك سترة "
ابتسمت آسفة " لو كنت اعلم الى اين نحن قادمان , لفكرت في ذلك"

هناك دثار في المقعد الخلفي اذا كنت ...
بل أنا بخير.
طمأنته برقة, متمنية لو كان بمقدورها وصفه بالشيء نفسه , لكنه يعيد عن ان يكون بخير , فتملكها القلق , إذ كلما ازداد صعوداً , ازداد توتراً.
قالت مقترحة " يمكنك دوماً ان تقوم بلفتة ودية وتسلم كل شيء لأخيك غير الشقيق ثم تترك كل شيء"
هز رأسه قائلاً:" هذا ليس وارداً"
ألأنك تشعر بأنه مدين لك بالسنوات التي كنت لا تملك فيها شيئاً بينما هو يملك كل شيء؟
بل لأنه فقط ليس وارداً.
كرر ذلك بصوت متوتر أنذرها بأنها تنخس بالعصا حيواناً شديد الخطر.
تنهدت ولاذت بالصمت , وكانا الآن يسيران بين جبلين مرتفعين. ورأت كارولين انهما اذا لم يصلا الى الوادي بسرعة, فالمكان الوحيد الذي يبقى لهما هو الذي مابعد ذلك الجانب من الجبل لأنهما لن يستطيعا الصعود أكثر من ذلك. ثمودون إنذار حدث الأمر اخيراً, فقد استدار حول منعطف حاد ليجدا نفسهما فجأة يسيران في شق في الجبل .. ولاح لهما القصر.
كان أجمل مكان رأته كارولين في حياتها . قالت بصوت خافت " أوه , يا لويس !!"
اما هو فبدا عليه الجمود عدة لحظات .. قبل ان يوقف السيارة .

جلسا بعد ذلك لا يفعلان شيئاً سوى التحديق برهبة , مخطوفي الأنفاس.
انه قصر فال دي لويس انجلس .. مستحيل ان يكون غير ذلك, قالت كارولين في نفسها إنها تراه في اجمل اللحظات حيث شفق الغروب يتدفق كاللهب فوق المنحدرات المعشوشبة, مضيفاً على مناظر قعر الوادي الفسيح لمسات سحرية.
تحتهما مباشرة , كانت مجموعة من المباني البيضاء التي صبغتها حمرة الشفق قائمة حول كنيسة صغيرة قامت وسط ساحة القرية , ومن هناك , في موازاة الوادي كان جدول ماء يتسلل برقة قرب طريق مشجر.
وهناك, انتصب امامهم القصر وكأن كل حكايات الجن الخرافية قد حدثت فيه. كان قصراً ابيض الجدران , سقفه من القرميد الأحمر , ذا ابراج اسطوانية وجسر يجري تحته جدول المياه , وينتهي امامه الطريق الترابي.
همست كارولين " إنه الجمال بعينه"
وتصلب جسم لويس بحدة, وكأن صوتها أيقظه من حالة ذهول , لكنه لم ينطق بكلمة بل تحرك بالسيارة التي سارت بهما مرة اخرى وقد احاطت به موجة جديدة من التوتر ابقت لسان كارولين معقوداً.
لم يكن النزول الى الوداي مخيفاً كالصعود اليه. وبدلاً من المنحدرات المخيفة , اخذا يهبطان بشكل متعرج عبر جلال مزروعة انتشرت على جابني الطريق وكلها خضراء خصبة.
استقرت بهما الطريق اخيراً في قعر الوادي خلف القرية مباشرة. وكان دخولهما الى القرية شيئاً مختلفاً تماماً, كان الناس خارج بيوتهم يتمشون او يتحدثون الى جيرانهم , بينما الكلاب تنبح حول اطفال يلعبون, إن الأمر أشبه بدخولهما عالماً آخر . وبدا كل شيء في هذا المكان , غير حقيقي , الناس البسطاء السود العيون و الشعر , والبيوت البيضاء الحسنة بأبوابها و نوافذها المتألقة الألوان .
و ازداد هذا الاحساس مع وقوف الأشخاص في الطريق يحدقون اليهما وهما يمران بهم.
فكرت كارولين في انهم يعرفونهما , او على الأقل يعرفونه هو . واستغربت وهي تراهم يحدقون بفضول من نوافذ السيارة الى جانب وجه لويس المتجهم .

أريد حياتك فقط !/ روايات احلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن