"يا مَن تَلُـومُ بـأنّي أغارُ عَلـيهـا مِنـهُمُ
اِعلَـم بِـأنّي أغارُ عَلَـيهـا أن تُرى
وَأغارِ مِن سالِكِ الطُّـرُقاتِ المَـشيَ بِـجَنـبِهـا
وَأغارُ مِن طَيـرٍ عَلا مِن فَوقِهـا
وَأغارُ مِن نَسـمٍ يُلاعِبُ شَعـرَها
وَأغارُ مِن شَمـسٍ تُضـيءُ لِـوَجهِـها
وَأغارُ مِن قَمَـرٍ يُنَـوِّرُ لَيـلَهـا
وَأغارُ عَلَُـيهـا إن تَلامَسَ كَفُّـها
مَع غَيـرِ كَفّـي. مِن غيـرَتي يا وَيلَـها
وَأغارُ مِنَ الَّذي تَرميـهِ بِـسَهـمِهـا
مِن غَيـرِ قَوسٍ، سَهـمُ عَيـنِهـا ما لَهـى
وَيحـرِقُ قَلـبي فَوزُ غَيـري بِـضِحـكِهـا
وَأموتُ حِقـداً إن لَمَـحتُـم بَسـمَهـا
وَأغارُ مِن ماءٍ رَوى لَهـا جَوفَهـا
وأغارُ مِن نارٍ تُدَفِّئ بَردَها
وَزَميـلُهـا فِي خَافِقـي يَشُـبُّ ذي النِّـيران
لَكَ المَـوتُ ظَفِـرتَ بِـقُربِهـا يا زَميـلَهـا
أوَلَسـتُ أولى أن أكونَ بِـقُربِهـا
أوَلَسـتُ أولى أن أبَدِّدَ حُزنَهـا
أوَلَسـتُ أولى؛ وَأنا الَّذي عاهَدتُهـا
أنّي هُنـا ما دامَ قُربي يُريحُـها
أوَليـسَ حَقِّـي أن أخَبِّـئ وَجهَـها
عَن عَيـنِ غَيـري، أوليـسَ أيضـاً حَقـها؟
أغارُ أنا... كَم أغارُ لِأجلِـها
كَم خافِقـي لا يَهـتَدي إلّا مِن بَعـدِ كلامِهـا
إن أخطَأَت أو أذنَبَـت أو أحرَقَت نيـرانُهـا
مَهـما يَكُـن، يُهَـدِّئ قَلـبي صَوتُهـا
وَبَعـدَ الهُدوءِ أعودُ أحِسُّ بِـنارِها
تلاظى في فُؤادي حَرائق نارِها
وَأعودُ بَعـد قَلـيلٍ، أو بِضـعَ قَلـيلٍ أغارُها
وأعودُ أكرَهُ نارَها وَشَرارَها وَقَريبَـها أو جارَها
وَزَميـلَهـا وَصَديقَـها وَبَريقَـها وَنَهـارَها
وَحِسـابَهـا وَخِداعَهـا وَإيابَهـا وَذَهابَهـا
وَصُمـودَها وَبَقـاءها وَزَوالَهـا انكِـسارَها
وَطَيـورَها وَنَسـيمَـها وَكُفـوفَهـا أقمـارها
وَسِهـامَهـا نَظَـراتِهـا ضِحـكاتِهـا ابتِـسامَهـا
وأكرَهُ كُلَّ ما تَضَـمَّنَ "ها" لَهـا
مِن مائهـا مِن قُربِهـا مِن حُزنِها مِن نارِها
مِن عَهـدِها مِن صِدقِهـا مِن كِذبِهـا اغتِـرارَها
حُبِّـي لَهـا سَكَـني بِهـا مِن فِعـلِهـا افتِـعالهـا
شَوقي لَهـا حُزني أنا إن ما حَكَـت أخبـارَها
أغارُ أنا...كَم أغارُ لِأجلِـها...
مِن كُلِّ شَيء قَد تَوَصَّلَ بـالمَـجازِ بِهـا
مِن كَلِّ شَخـصٍ أقرَبَ مِنـي لِـدارِها
أغارَ أنا يا وَيلَـتي..
يا وَيلَـتي مِن حَرقَتـي كَم ذا أغارُ أنا..."