حفلٌ

4.3K 24 1
                                    

بعدمَا أرغمني ليو على حضورِ الحفلِ معهُ وجدتُني جالسًا في المطبخِ بعيدًا عن كلِّ ذلكَ الصخبِ ورائحةِ الكُحول ، لم يدُم هذا السلامُ طويلًا ،  ليو كانَ قادمًا باتجاهي وهو يتحدث ولم أفهم مايقولهُ فقد كانَ بعيدًا و أيضًا بدا لي ثملاً . كانَ ليو شابًا أسكتلندي ، طويلَ القامةِ ذو شعرٍ أحمرَ طبيعي وعينانِ زرقاوتانِ ضيقتانِ ولكن جذابتانِ . أنفٌ طويلٌ مرسوم بدقةٍ و شفتانِ مُنتفختانِ و بعضٌ مِن النمشِ و إبتسامةٌ كإبتساماتِ نُجومِ هوليوودْ غنيْ ومرحْ وذكيٌ و صديقٌ جيدٌ ومُخلص ولكن ساخرٌ جدًا ومع ذلك يظلُّ مثاليًا وليسَ مِن الغريبِ أن يكونَ محبوبًا ومعروفًا في الوسطِ الجامعي وربما حتى في المدينةِ كُلها . 

وصل ليو إلى إيثانْ أخيرًا بعدما تخطى الكثيرَ مِن الأجسادِ مِنها ما على الأرضِ ومنها الواقفُ المُتمايل و أيضًا من يرقصونَ وماتجِدُه عادةً في حفلاتِ المراهقينِ ، سحبَ مقعدًا و أخذ يتحدثُ بحماسةٍ شديدةٍ تحتَ نظراتِ الآخرِ المُتسائلة " إنهُ هنا إنه وسيمٌ جدًا عن قُرب لا أعرفُ كيفَ إستطعتُ التحكُم بنفسي أمامه " لمْ يكُن إيثان يعي مايتحدثُ ليو عنهُ ولكنهُ إنتظر بصبرٍ حتى ينتهي صديقُه مِن الحديثِ ليسألَ بِفضولٍ " عَن مَن تتحدث ؟ " ، وقفَ ليو قائلًا بدراميةٍ مُتصنعًا تعابيرَ الصدمةِ " يا إلهي إيثان أنتَ لستَ في عالمنا تمامًا " ولمْ ينتظر ردًا مِن إيثانْ بل جذبهُ مِن معصمهِ فحسبْ متوجهًا بِه نحو المجهولِ ترتطمُ أجسادهُما بالحشودِ التي كانا يعبرانِ خلالهمُ ، وقريبًا مِن غرفةِ الجلوسِ توقفَ ليو أخيرًا واضعًا يداهُ على كتفي إيثان ، بعدما جعلهُ يقفُ أمامهُ ، قالَ وهو يشيرُ بعينيهِ نحو أحدِ الأرائكِ ، " أنظُر هُناكَ إنهُ ايان سيث ، طالبُ إدارةِ الأعمال الوسيمْ ، لا يفوتُ أي حفلةٍ ولديهِ شعبيةٌ هائلةْ ليس لجماله فحسب بل لأنه مرحٌ ولطيفٌ معَ الجميعِ " ، توقفَ ليو عن الكلامِ حتى يديرَ إيثان ليقابِل وجهه ثمَّ يقولُ بنفس طريقتهِ الدراميةِ السابقة " لو كُنتَ مِن مُرتادي الحفلاتِ مثلي لكُنتَ عرفتهُ ولكنكَ يا إيثان .. " أنهى كلامهُ مُتنهدًا وهو يحركُ رأسه يمينًا وشمالًا بخيبةِ أملٍ و مجددًا بدونِ أن يعطي إيثانْ أي فرصةٍ للردِّ ، جذبهُ معهُ حتى جلسا على أريكةً قريبةٍ مِنْ و تُقابل مكانَ جلوسِ ايان الذي كانَ مشغولًا بالحديثِ مع صاحبِ الحفلِ جُويِ الشابُ الأمريكي اللطيفُ بشعرٍ أشقر ، والذي بدا مُقربًا مِن ايان ، إقتربَ ليو مِن أذُنِ إيثانْ وقالْ هامسًا " تأمل وجههُ عَن قرب إنهُ قطعةٌ مِن الفنِّ ! " نفذ إيثان كلامهُ . لم يكُن ليو يكذِب في النهاية أو يبالغُ حتى ، فكُّ ايانْ كانَ حادًا وعظمتي فكِه بارزتانِ بشكلٍ واضحٍ للعيان ، شعرُه البُني اللامعُ تحتَ الأضواءِ الملونةِ كانَ يغطي عيناهُ وبعضًا مِن خدِه ، أنفٌ رفيعٌ مستقيمْ ولكِن ليسَ طويلًا جدًا ، وشفتانِ صغيرتانِ تتقوسانِ بلطفٍ أثناءَ حديثِه ، لقد كان إيثانْ يستطيعُ رؤية الجانبِ مِن وجهِه فقط وإن كانَ الجانبُ رائعًا هكذا فكيفَ كاملُ وجهِه ؟ و أثناء تفحُصِ إيثان لوجهِ القابعِ أمامهُ ، استدار ايان ناحيتهُ و إبتسمْ و بنظرةٍ واحدةٍ إلى عينيهِ ، عرفَ إيثانْ أنهُ في ورطةٍ ، يكادُ قلبهُ يُحطِمُ عظامَ قفصهِ الصدري ويقفِزَ خارجًا بسببِ قوةِ وسرعةِ نبضاتِه ، و الحرارةُ التي شعرَ بها رغمَ برودةٍ المكانِ ، رُبما هذا بسببِ الكُحول التي لم يشربها حتى وليس لأنهُ لا يشربها بل فقط لأن لديهِ مُحاضرةٌ في الغدْ ، أشاح بنظره بسُرعة و دنا من ليو قائلًا بنبرة متوترةٍ ، " علينا الذهاب لدي محاضرةٌ غدًا " نظرَ إليه ليو وقال بسخرية " لا يُمكنك الإبتعاد عن كتبكَ إذًا " و أخذ يضحكُ و لكنَّ صمتُ صديقهِ ونظراتهُ الحادة أوقفته ، تنهدَ قبلَ أن يقول " حسنًا لنذهب .. يالكَ مِن قاتلٍ للمتعة " ، تظاهر إيثان بعدمِ سماعهِ لتعليقِ ليو الأخير ، خرجَا أخيرًا .. ليسَ بتلكَ السُرعة ، لأن ليو ودعَ كلَّ مَن بالحفلِ وبما فيهم ايان الذي كان هذهِ المرة يُحادثُ فتاةً شقراءَ جميلةً أثناء وقوفِ ايثان بالزاويةِ ينتظرُ صديقهَُ ، وكانَت هذهِ الحفلةُ هي بدايةُ تولدِ تلكَ المشاعرِ في قلبِ إيثان فهو في ليلتها لم يستطعِ النوم بل ظلَّ يفكرُ في عيني ايان و التي تبينَ أنهُما بنيتانِ كبيرتانِ . 

𝙇𝙤𝙫𝙞𝙣𝙜 𝙔𝙤𝙪 | حُبكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن