مَفقودْ

356 6 2
                                    

في حديقةِ الجامعة و على الكراسي التي كانَت تحت الأشجارِ الخضراء الضخمة لتظلُّها ، جلسَ آدم وحيداً يتناولُ فطوره المُتأخر حتى أقبل صديقه اللطيف ، ايان .
" إذًا كيف كان موعدُك؟ " سأل آدم وهو يضع قطعة من الكعك في فمه ، جلسَ ايان بجانِبه وقال بإنزعاج " لم يكن موعدًا ! " ، إستغرب انزعاجه ، هل حصلَ شيءٌ بينه و بين ايثان أمس؟ ربما هذا ممكن لأن ايان لا يتوقف عن الحديثِ عنه حتى في مجموعةِ الدردشةِ خاصتهم و لكنه بالأمس ، لم يدخُل المحادثة أصلاً وهما بالتأكيد لم يبقيا سويًا حتى المساء ! ، قطع حبلُ أفكاره ظلٌ حجب نور الشمسِ عنه ، لم يحتج لأن ينظُر إلى الأعلى ليتعرف على صاحبِ الظِّل فتغيُر مزاج ايان كان كافيًا ، هذا يعني أن لا شيء حصلَ بينهما.
نهضَ ايان من مقعده و قام بمعانقة ايثان الذي تجمد في مكانه مِن مفاجئة الحركة التي قام بها الآخر ، إبتعد ايان بسرعه بعد إستيعابه لما فعله ، هذا مُحرج ، لقد أمسكا الأيادي في الأمس ولكن هذا مختلف ، العناق المفاجئ هكذا و الذي ليس لديه أي مُبرر شيء آخرُ تماماً .
إبتسَم ايثان و أخبره عقله أنه من الصحي لهُ و لقلبه أن يتجاهل ماحصل للتّو ، لكن لا يمكنه الإستماعُ إلى صوت عقله حين تكونُ نبضات قلبه أعلى منه ، " أوه لم أعلم أنك إشتقت لي لهذا الحد ؟ " قال مُضايقا وهو يربت على راس ايان ، أحيانا ، ايان يشعر أن لديه انفصامْ ، كثيرا ما يشعر بالخجل من مغازلات ايثان ولكنه في بعضِ الأحيانِ و من ضمن ذلك هذه المرة لم يشعر بأيٍ منه وهو يجيب بـ " نعم " أثناء ايماءه لرأسه كجرو متحمسٍ للخروجِ في نزهة ، عبث ايثان بشعره وهو يقهقه بخفةٍ ' لطيف ' هذا ما كرره عقله منذ قابل ايان و حتى اليوم . " كما تعلمان .. أنا لازلتُ هنا " تحدث آدم الذي كان يراقبُ المشهد بصمتٍ طوال الوقتِ ليجذب انتباههما و لقد نجح ذلك فايثان أبعد يده بسرعه بينما كان ايان يحاول النظر إلى أي شيء آخر غيره ، إستأنف موجها كلامه لإيثان " أعني لكان من اللياقة ٱن تلقي التحية عليّ على الأقل " ، ردًا على ذلك .. إبتسم إيثان إبتسامةً مرحة و توجه نحو آدم و قام بمعانقته قائلاً " مرحبا صديق ايان! " ، دفعه آدم بعيدا تحت تهديد نظراتِ صديقه " هاي! نحن لسنا مقربين بعد! " ، و لأول مرةٍ ، رأى ايان إيثان وهو يقوم بإدارة عينيه ، " أنت طلبتَ مني إلقاء التحية " ، أجاب آدم " إلقاء التحية وليس العناق! يا إلهي ايان كيف يمكنك أن.. " إختفى صوت آدم بعد أن قام ايان بالقفز عليه وتغطيه فمه بيديه الإثنين ، " لا تهتم له! إنه مجرد ثرثار " قال ايان لأسودِ الشعر و ضحِك بتوترٍ ثم أعاد نظره إلى الشاب الآخر الذي كان يصارع للتخلصِ مِن يديهِ و قام بإبعادهما و النهوض بعيداً عنه ، كان الصمتُ رهيبًا ، والتوتر يكادُ يأكُل ايان حيًا ، " على أي حال لديك صديقٌ غريب حقا يا اياني ~ " تكلَم آدم بنبرةٍ طفولية وهو يقفُ كاسرا الصمتَ ثم قام بتقبيل وجنة ايان والركضِ بعيدًا هربا مِن سخطِ الآخر ، " ذلك الوغد! سأخبر رون عنه! " قال ايان بغضب وهو يمسح خده بعنف و لم يُوقف سيل الشتائم التي اخذ يلقيها على الهارِب إلا صوت ضحك إيثان الذي كان عالياً ، قام إيثان بوضع ذراعه حول كتف ايان من خلفه وتحدث وهو ينظُر إلى عينيه مباشرةً " أنت مخيفٌ حين تغضب " ، " لهذا لا تغضبني " أجاب ايان بدون التفكير مرتين وهو يغمز وخداه متوردانِ قليلاً ، عناقٌ آخر ، عناقٌ خلفي .
" لن أغضبك " قال ايثان شبه هامسٍ ثم إبتعدَ و تابع " علي أن أذهب لمحاضرتي الآن ، لنتقابل لاحقاً " لم يستطع ايان التحدث و اكتفى بالتلويح حتى إختفى الشاب من أمامه ، زفر بقوةٍ مُخرجا الأنفاس التي حبسها بسببِ ما حصل قبل قليل ، يا إلهي لقد غرقَ ، إنه واقعٌ حتى الأعماق ... ، هكذا خاطب نفسه ، " إستفق يا ايان أنت أيضا لديكَ مُحاضرة! " أخبرهُ عقله الذي غاب هو أيضا للحظاتٍ ، صفع وجهه و هزَّ رأسه بقوة و أخذ نفساً عميقا ليتحرك أخيراً نحو قاعة المحاضرة .
التركيز كان صعباً ، ذاته لا تكفُّ عن عتابِه بسببِ مافعل قبل قليل ' هل أنا أحمق؟ ' هذا كان السؤال الذي شغل باله طوالَ المُحاضرة ، كيف جاءت إليه الجُرأة مِن الأساس ليقوم بأمرٍ كهذا ، يا إلهي لقد انتهيتْ قال لنفسه واضعاً رأسه على الطاولةِ بإحباط ، محاولة التكهُنِ بما فكرَّ فيه ايان حيالَ فعلتِه المُفاجِئة باءَت بالفشلِ ولم ينتُج عن الفرضِياتِ إلا أفكارٌ مزعجةٌ لإعادة التفكيرِ فيها حتى . حالما إنتهت المحاضرة حمل أغراضه وتوجه لغرفته ، لا رغبة لديه في إكمال بقية اليومِ حتى وهذا ليس من عاداته أيضًا . وضع أغراضهُ في أماكنها و بدون أن يغير ثايبه إستلقى على السرير متنهدًا ثم أخرجَ هاتفه ليراسل ليو ، لا أحد سيساعده غيرُه .
                                                                                                                                                                       أنا غبي

𝙇𝙤𝙫𝙞𝙣𝙜 𝙔𝙤𝙪 | حُبكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن