عقد حواجبه بعدم فهم لأن هالمصطلح مامر عليه المرور اللي يخليّه يرسخ برأسه .. ولا مر عليه بشكل يخليه يفهمه : أبوي المغرب أمس يلعب معي .. وش قصدك بمات
قال إبن الثامِنة وهو يأخذ الكورة من يده : يعني ماعاد راح تشوفه مرة ثانية
ناظره بصدمة وقال بطفولية : وش تقول أنت ، أبوي أصلاً ما يطلع من البيت وطول الوقت عندنا .. بس أمس الليل رقدت من دونه
محد رد عليه وهو كان يناظرهم بتوتر وخوف من نظراتهم وإنسحابهم وكان بيتكلم لولا الصوت الجهوري والجِسم الرجولي العريض اللي دنى منه ناظره بضيق وقال : يا سند الكبير ، يقولون أبوي مات ، صدق اللي يقولونه؟
كتم ضِيقته وحاول يرسم إبتسامة هادية على وجهه وهو يتأمل وجه سند الصغِير بحنيّة .. رفع كفّه وبدأ يمسح على رأس ولد طارق بلطف وسند الصغير تضايق وقال : اليوم الكل يمسح على رأسي ، وش يعني هالحركة
غمض عيونه لوهلة ثم فتحها وناظره بجديّة وقال : سند .. تعرف وش هي الجنة؟
هز رأسه بطفولية وهو يتذكر هالكلمة اللي مرت كثير عليه : إيوة المكان الحلو اللي ربي يدخل فيه المسلمين
أبتسم بهُدوء وحاول يوصل له المعلومة بأبسط قُدرة يقدر عليها : طيب وأبوك مسلم صح والا لا؟
ناظره بإستنكار وميّل شفايفه بطفولية وهو يعدد على أصابعه : يصلي ويصوم يعني مسلم
هز رأسه بخُفوت وقال : طيب تدري أبوك راح الجنة ؟
شهق بصدمة وناظره وهو يحاول يكبّت دموعه : راح من دوني ؟ ليه ما أخذني معه! هو صار يسافر كثير وماياخذني معه والله ماعاد أكلمه إذا مارجع ياخذني
ناظره بصدمة من كلامه ومسح على وجهه بتوتر وضيق .. ماحسب حساب هالنقطة قال بعد تردد وبدون يسمع جواب سند الصغير : سند أنت صرت رجال كبير ، والرجال ما يبكي عشان ما راح مع أبوه .. أبوك راح الجنة .. وهو بيبقى هناك طول العمر
غمض عيونه وهو ينزل دموعه بخوف وشهقاته الصغيرة تتعالى : طيب وأنا وأمي من بيبقى عندنا ؟ ليه الأب يروح ويتركنا ؟ هو ما يحبنا ؟
عض على شفايفه وهو يحس إنه بأي لحظة بينهار وبتزعزع هالقوة .. وش هالصدفة اللي خلّته هو يبث هالخبر لولده ؟
حاول يتقاوى وقال بإبتسامة وهو يشد على كتفه : سند أنت قوي .. وأبوك راح لأنه يدري إنك كبير وكفو وما تبكي مثل الأطفال .. عشان كذا أنت لازم تنتبه لنفسك وأمك لأنك رجال
ناظره ودموعه تنزل لا إرادياً من فكرة ذهاب أبوه من دونه .. والى الآن ما تأكد من عدم رجوعه نهائياً لذلك رفع يده الصغيرة ومسح دموعه بسرعة وطفولية وهو يقول برجوليّة مصطنعة : صح أنا رجال وبنتبه لأمي يا سند الكبير لا تخاف
أبتسم له سند ووقف وهو يقول : يالله كمل لعبك
ناظره للحظات بشُرود ثم هز رأسه بلا : بروح أعلّم أمي إن أبوي في الجنة
وقبل ما يتكلم سند أنطلق بكل سرعته للبيت .. تنهد بضيق وهو يشتت نظراته لِلمكان ومسح على وجهه وهو يِتجه لمجلس الدِيرة اللي العزاء فيه .. وكل همّ أعتراه .. من بين بدّ الناس بهالديرة .. ليه وقع عليه الإختيار عشان يقول لولدها هالخبر !
-
-
{ شروق }
من وصلها الخبر وهي هاديّة .. وتناظر للحريم اللي يلفهم السواد وجالسين جنبها .. وعلى يد أمها اللي تطبطب على ظهرها
التبلّد صابها .. وكيانها هُدم على رأسها للحظة من الزمن
تذكرت آخر موقف لهم سوى .. لما مدّ يده عليها عشان ما تروح لزواج سحابة .. ولكنها عاندت وراحت !
تذكرت آخر أيامهم سوى وشلون كانت مليانة مُر ووجع .. وكانت كل لحظة تدعي عليه بالموت ولكن ليه يوم تحققت دعوتها حسّت بأن حياتها أنتهت معه ؟ ليه وجع الكون مجتمع بقلبها هاللحظة وتحس من قوته ماعاد هي قادرة تعبر عنه حتى بدموعها ؟ ليه تحس بأن النار اللي أحرقت جسّده ماهي الا نار تحترق فيها الحين ؟
رفعت رأسها بخفوت وهي تناظر للزُول اللي أقبل عليها وهو يتنفس بسرعة وعيونه مليانه دموع ويوقف قدامها : يمة .. سند الكبير يقول إن أبوي صار بالجنة وإني لازم أصير رجال عشانك .. أنا بكيت قبل شوي عشان أبوي راح من دوني بس ماعليك من اليوم ورايح بصير كفو وبحميك وماعد ببكي مثل الغران"الأطفال"
رفع كفه وهو يمسح على خدها بطفولية أمتزجت ببراءة : لا تخافين طيب ! أنا سندك
أخذت نفس بكل ما أوتيت من قوة وزفرته بصعوبة شديدة .. وهي تحس إن قلبها بأي لحظة بينفجر
بدأت دموعها تأخذ مجراها الطبيعي على خدها .. بدأت شهقاتها تعلى
وسط خوف وصدمة سند الصغير
وقفت وحدة من الموجودين وهي تأخذه بحضنها وتطلع برى الغرفة وهو يبكي بسخط ويحاول يفك نفسه : يمة ليه تبكين أنا معك لا تخافين
وهنا شروق أستوعبت الموقف .. وبكت بصوت عالِي وبسخط شدِيد
وهي تئن بكل صعوبة .. صوت أنينها أخترق مسامع جميع المعُزيات .. لدرجة ما تحملو وبكو من إنهيارها
كانت تبكي بطريقة مُوجعة ، بدأت تضرب يدها على صدرها وهي ساخِطة ..
سخطها كان على بقاء ولدها بدون أب ، بكاءها المفجع على تيّتم إبنها أبو الخمس سنين ، بكاءها فجعة وخوف على مصيره !
ماقدرت تهدأ .. ولاقدرت تهدي من بكاهها .. كلما قررت ترتاح من الصراخ ، ترجع بها الذاكرة لِضحكة سند الصغير لاحضر طارق .. وتنهار أكثر !
وهذي حالتها طول الوقت !
-
-
{ عبد العزيز }
ألتفت بضيق لأبو ساجي الي متلثم ويبكي من كل قلب .. وطبطب على ظهره وهو يقول : البقاء لله يا أبو ساجي .. كفكف دمعك خبرناك قوي
قال وهو يحاول يكتم دموعه : موتته شنيعة يا شيخ .. شنيعة لدرجة توجع القلب
تنهد بضيق ومسح على وجهه .. وهو يناظر لجمُوع المعزيّن بمجلس الدِيرة .. وناظر لسند اللي واقف ومستند على الباب بهدوء
وقف من مكانه .. ومشى بإتجاهه وهو يمسك معصمه ويسحبه .. قال بهدوء : متى ناويّ تسافر ؟
رفع حاجبه بإستنكار من سؤال وعبدالعزيز أردف : منت قلت تبي تهج ؟ متى ناوي ؟
تنهد بضيق وسكت .. وبعدها زفر وقال : أروح وأخليك بهالمعمعة لحالك ! ماني بكفو إني سويتها
أبتسم بخفوت .. وهو يتأمل نظرات عيونه .. اللي تنطق وجع من حُر الشعور اللي يحس فيه .. والنار اللي يحترق فيها بسبب قلبه
لذلك هّون عليه الموضوع .. ونطق بخفوت وهو يقترب منه : وجودك معي وأنت بهالحالة ، ماراح يزيدني إلا وجع يابن فياض ! روح إن كان بهالروحة راحتك ! روح ودربك تساهيل وجعلك بحِل من العتاب مني !
هز رأسه بالنفي وهو متناقض .. جهة من قلبه تبي تهرب تبي ترتاح .. وجهة منه متعلقة بعز وخوفه عليه
ولكن إصرار عبد العزيز بأن وجوده وهو يحس بهالأحاسيس ماراح تنفعه !
قال بضيق : ميّر إن رحت خذتني الأيام وطولت
أبتسم بهدوء وقال ؛ فداك ! إن كنت بترجع وحساباتك صافيّة بعد اللي صار في حقك .. ولاراح يطولك لا عتاب ولا لوم
ناظره بتردد وقال : وهي ؟
ميّل شفايفه بهُدوء وهو يناظره للحظات ثم قال : أنت قلتها .. ماودك تخليها تعيش الخيبة اللي أنت عشتها !
هز رأسه بإيجاب وعبد العزيز أردف : ماراح أخلي كلام يطولك ، لو تبغى الليلة حرك من الخسوف !
سند سكت .. والود وده فعلاً ينتهي من عذاب الروح اللي بيدمره ولكن قال : بعد العزاء .. لأن حن نرتبط بنفس القبيلة
هز رأسه بإيجاب .. ومشى عنه وهو يربت على كتفه.. وسند زفر بضيق وهو يتحسس شماغه المنكُوس : يارب تكفى !
ألتفت له عبد العزيز وناظره بضيق .. محد موجعه هاليوم كِثره وكثر نسيم .. ولاشيء قادر يسلب النوم من عيونه إلا وجع أحبابه نطق بضيق : ياربّ ذيك القلوب تلقى مسراتها وتلقى جبرها وصلاحها وتلقى النور من عندك وتلقى الفرحِة والانشراح والراحه!
-
{ نسيم }
رفعت رأسها بتعب .. وهي تِحس من قوة الصداع اللي يضغط عليه راح ينفجر بأي لحظة !
غمضت عيونها بقوة وفتحتها وهي تِتحس بطنها بخوف ، ضغطت على نفسها كثير لدرجة نسيّت حملها !
ألتفت وهي تناظر بإستغراب للي جالسة جنب رأسها .. عقدت حواجبها وهي تشوف أمها جالسة جنبها وتناظرها بهدوء وخوف
تنحنت وعدلت جلستها .. وهي ترتب شعرها اللي تبِعثر سكتت للحظات ثم قالت : الساعة كم ؟
نعمة اللي تتأملها وجهها اللي سُلبت منه الحياة بين ليلة وضحاها .. ما تنسى إنهيار راجح الكبير لما حكى لهم عن ردة فعلها .. تجمّد قلبها على بنتها .. وحست بأن الضيق بيقتلها .. لذلك بقت على رأس نسيم طول اليوم .. حتى عزاء طارق ما حضرته من خوفها عليها نطقت بهدوء : الساعة ثمانيّة العشاء !
عقدت حواجبها بصدمة ووقفت على عجل وهي تناظر حولها بربكة ، من لمحت عبايتها حتى سحبتها بسرعة .. وهي توقف وتطلع من الغرفة متجاهلة أمها
دورت بالصالة ولا لقت قدامها الا الجادل اللي وقفت ومشت لها .. مسكت كفها وهي تضغط عليه وقالت بهدوء : كيفك الحين ؟
هزت رأسها بإيجاب وهي تقول : طيبة .. أنا بخير بس عتبانة ليه ما صحيتوني ؟ ليه جسار للحين لوحده !
ابتسمت وقالت : لا تخافين .. عزيز تطمن عليه وهو للحين تحت أثر المخدر ، تطمنيّ
نسيم قالت بضيق وهي تتنهد : ولو .. لازم أكون معه لحظة بلحظة .. لازم ما يحس بغيابي أبداً !
هزت رأسها بإيجاب : ميّر محد متواجد بالبيت غيري ، حضرنا العزاء العصر وبعدها رجعت بعدما أستثقلت الجو ولكن البقية عيّو .. حتى أبو سحابة وأمها إتجهو للعزاء
تضايقت ومسحت على وجهها والجادل تذكرت وقالت : سحابة ماراحت مع أهلها .. أكيد باقي هي وسعود هنا .. بس عيـ...
قاطع كلامها إتجاه نسيم لغرفة سعود .. والجادل حكت حجابها بعشوائِية : ياااارب تعدي هالفترة على خير بس !
-
-
{ سعود }
دقائق معدودة قضاها وهو يتأمل السقف .. ويحس بثقلها على ذراعه ، ناسي تماماً عن السبب اللي خلاها تتوسط حضنه .. ومستنكر وجودها
يحس فيه قطعة ناقصة بعقله ولا هي قادرة الصورة تكتمل لأجل يحل العقدة اللي بعقله !
رفع رأسه وهو يحس بوجع بمعصمه . . أنصدم لما ناظر الجرح .. وأستوعب إنه تعرض له لما طاحت عليه الخشبة ببيت جسار
تنهد وهو يشوف الشال القصِير الملفوف حوله .. وليدها اللي مخبيّه أطراف الجرح فيها .. ولا غاب عن باله برودة ذِراعه بسبب سائل بارد للآن يتساقط عليها ! تأملها للحظات وهو متضايق وبباله كثير أسئلة
ولكن مصيره يلقى الإجابة عنها ، ألتفت برأسه بسرعة وهو يسمع دق الباب الخفيف وحاول يسحب نفسه قبل ما تحس عليّه
وقف وهو يتجه للباب وفتحه بخفة وهو يناظر لنسيم : أرحبي يا روحي
نسيم كانت منحرجة ولكن غامرت بإحراجها عشان جسّار قالت بصوت خافت بإحراج : سعود .. الكل بعزاء طارق ومحد فاضي يوديني لجسّار اذا ماعليـ...
سكتت بعدما قاطعها وهو يقول بصدمة : نسيت العزاء.. نسيت جسار من التعب .. انتظري انتظري ، أصلي اللي فاتني وأجيك
رجع الغرفة وتوضأ وبدأ يصلي الصلوات اللي فاتته من تعبه.. وألتفت لما خلص وهو يفتح الدرج بهدوء ، أخذ ثوبه الأسود وسحب غترته السوداء وهو يرميها بعشوائية على كتوفه .. ناظر للشال اللي على السرير وأخذه على عجل وهو يدخله بجيبه .. ألقى آخر نظراته عليها وهي نايمة ثم تنهد وطلع من الغرفة على طول !
ومن تقفل باب الغرفة حتى فتحت عيونها براحة من عدم وجوده وبدأت تمسح دموعها على عجل .. لها ساعة صاحية ولكن ماهي قادرة تتحرك بسبب يده وكل ماناظرت لجرحه رجعت تبكي .. وبسبب خوفها من إنه يصحى بسببها وتطيح عيونه بعيونها ! ماكانت عارفة وين تخبي وجهها من الفشلة
مع ذلك تذكرت شروق .. فزت بتوتر من مكانها ولبست شيِلتها السوداء وفتحت باب الغرفة وهي تركض تدور عليه ، من لمحته واقف جنب نسيم اللي تعدل نقابها حتى ناظرته بربكة : ياولد الشيخ
ألتفت بإستنكار من النداء وهي تنحت بنظراته ولما أستوعبت نفسها قالت : بروح معك للعزاء !
ناظرها بهدوء ثم هز رأسه بطيب : إستعجلي
دخلت للغرفة وبدلت ملابسها بعدما قررت تصلي ببيت شروق .. ومن أنتهت حتى خرجت من الغرفة وركبت السيارة اللي كانو ينتظرونها فيها
-
-
بعد ما مرت ثلاثة أيام .. لا جديد فيها سوى الوجع لقلب شروق .. الخوف بقلب نسيم .. الربكة بقلب سحابة
والضيق بقلب سند والتوتر بقلب حياة !
عدّت أيام العزاء بصعوبة .. خصوصاً بحضور الشرطة اللي أخذت تحقق مع كل شخص مر من قدام بيت جسّار .. أو حضر تطفئة الحريق معهم !
جسّار اللي للآن يصارع الموقف ، للآن يحس بالوجع يخترق قلبه ، ومنظر طارق المتفحم نصب عيونه
يصحى ساعات قليلة باليوم ، بعدها يرجعون يخدرونه بسبب وجعه
وبسبب هلوساته المتكررة ! ولكن يبقى الشيء اللي يخفف عليه هو وجود نسيم معه بأصعب مواقفه كان المُخفف عليه .. والمؤنس الوحيد له
جيّشه الوحيد .. عائلته وكل ما بقي له من الدنيا .. حتى لحظة وحدة رفضت تفارقه فيها .. وهالمرة رغم زنّ"إصرار" عبد العزيز على رجوعها إلا إنها إلتزمت بموقفها لذلك رضخ لها ولرغبتها وحرّص على المتواجدين بالمستشفى عليها!
-
{ سحابة }
بعد آخر موقف لها مع سعود ، صار يتصدد عنها بسبب العزاء ، بسبب إنشغاله مع عبد العزيز ومحاولته بتخفيف الحمل عن ظهره ، لذلك حررت سعود من نظراتها ومن عتابها وقررت تنتظره .. خصوصاً بأنها مشغولة مع شروق .. اللي أنهت كل دموعها معها ! ماكانت تظنها بتبكيّه للدرجة المُميته هذه !
*
{ حياة }
بقلبها مُقت وعتب شديد على سند ! الي للآن تنتظر طلاقه منها ! ولكنه ما أقبل عليها .. ما جاء ورمى هالكلمة وفكّها من وجعها اللي تصارعه ! لولا منى اللي تثبتها وتهديّها كان راحت برجولها له لأجل ينطق هالكلمة وترتاح !
*
{ سند }
تشتتات غريبة ، مشاعر بغيضة تجتاح قلبه ، كلما قرر ينام يكسوه الأرق يتعبه وينهي كل راحته
وكلما نام تحضر الكوابيس اللي توجعه .. طاح بين شعورين يبغضها .. ولا وده يعيش شيء مو متأكد منه ! لذلك أيقن إن ذهابه باللحظة ذي أنسب حل للكل !
-
-
{ منى }
اللي لهّت نفسها بحياة .. وبالطريقة اللي بتقدر تهديّها وتطلعها من جوها فيها ! ولكن آخر جلسة لهم مع أم سعد قلبّت كيانها !
بعدما رجعت هي واياها من العزاء ، صارحتها برغبة أم ناصر بزواجها من بنتها .. وفهمتها إنها ما تبغى توقف بنصيبها ولو لها رغبة راح تتكفل هي بكل تفاصيل زواجها !
من ذيك الليلة وحياتها مقلوبة فوق تحت ! تحس بشعور غريب ! لا تنكر صدمتها من سعد وتجرأه على التطفل على خصوصيتها ولكن إنه يتقدم لها شخص غيره كان هذا الإحتمال خارج حساباتها !
_
_
{ سعد }
اللي حاول بشتى الطرق يلتهي بالعزاء ، تعبّ نفسه قدر المُستطاع
شايل العزاء على كتوفه ، يعديّ ويأخذ ويعطي ، يصب القهوة يقرب العشاء ويستقبل المُعزين ! لأن لو بقى يفكر بنظراتها باللحظة ذيك راح يتوه !
{ الجادِل }
الشخص اللي ماعرفت من تقلق عليه .. على حياة أو نسيم أو على منى اللي تصرفاتها غريبة ! والا على عزيزها اللي بينهيّه التعب وهو مازال يكابر ! وزعت خوفها بالتساوِي عليهم .. ولكن قلبها عند الشخص الكبير وبس !
-
-
{ عبد العزيز}
الشِيخ اللي أضماه التعب ! أُنهك لدرجة إنه يحس بتفتت عظامه ، كان يقاوم بكل ما يقدر .. مستلم التحقيق مع النقيّب .. اللي يباشر ويعلمه بكل المعلومات عن أخو الضحية ، متكفل بعزاء طارق ومتوسط صدر المجلس ليل ونهار
، محاور للشيوخ الناقدين والحاقدين والمحرضين على الحرب بينهم وبين هشيمان ، مطبطب على ظهر خويّه وعلى قلب أخته وعلى رأس أبوه اللي معتمد عليه
ولا كانت الراحة تزوره .. إلا لا لمحها ، أو أستراح بين كفوفها وهذا كان الوقت المفضل له بأيامه السابقة !
-
-
{ سعد }
من حضر صهُيب ولد جيرانهم مجلس الشيخ وخبّره عن رغبة أمه بحضوره لبيتهم ، حتى أكتسى بالهم هو من جنب الباب من قادر يمر ، شلون لامنه قرر يوقف داخل البيت ؟
ولكن رغبة أمه فوق كل حدث عندهم .. دعسّ على قلبه وعلى شعوره ووقف قدام الباب وهو يدقه بهُدوء .. ولحظات بسيطة وحضرت أم سعد وهي تناظره ميّلت شفايفها بضيق وحست بحرارة بقلبها وهي تلاحظ التعب يكسو ملامحه ، مسكت وجهه بين يديّنها اللي تكسوها التجاعيد البسيطة وقالت بضيق : ايش قومك يا سعد جعلني نذرك " جعلني قبلك" ايش بلى الهم خذى وجهك مكان له
أبتسم وهو يشد على كفوفها وقال بنبرة هاديّة يطمنها فيها : طيّب ولا حولي وجع اخذّت ضيمش .. مير عزاء طارق خذى راحتنا ، الله يرحمه
تنهدت بضيق وقالت : إنتبه لعمرك ، والا والله لأحلف عليك ما تحرك شبر واحد من هالبيت ، وترجع تعيش معي
ضحك وقال : تبريت من المعلمات ؟
هزت رأسها بلا : وهم بحسبة بناتي ، يبقون داخل وأنت بغرفتك اللي بنهاية البيت مامن خلاف
أبتسم بهدوء وناظرها وهو يقول : ها إسلمي يا تاج راسي .. وش في خاطرش ؟
نزلت يدها وهي تتذكر السبب اللي نادت سعد عشانه .. وتذكرت سكُوت منى عن موضوع ناصر واللي دلّ لها إنه موافقة لذلك أردفت بالقول : تدري إن احنا صرنا أهل للبنات اللي لجئو لنا ؟ وعاشو معنا شهور طويلة
هز رأسه بإيجاب : اي بالله ان احنا اهلهم ومن يقول غير هالكلام ؟
أسترسلت بالكلام وقالت بهدوء وهي تدقق بملامحه : أم ناصر بن فهّاد ، طلبت منى لولدها وقالت إن كنا موافقين بيجي ولدّها وأبوه يخطبونها منك ، لأنك صرت بحسبّه أخوها
طارت عيونه من مكانها ، وناظرها بصدمة من كلامها ، تجمّد الكلام بحلقه ولاعاد قدر ينطق بكلمه وحدة " طلبت منى" يخطبونها منك " بحسبة أخوها" كلمات خلت كل جزء منه يشتعل
ناظرها بهدوء عكس الغضب اللي أشتعل بكل جزء منه : والأخت منى موافقة ؟
أمه ناظرته وهزت رأسها بإيجاب : حاكيتها "كلمتها" وسكتت الواضح إنه سكوت عن رضا وخجل
رفع حاجبه بإستنكار وميّل شفايفه بعدم إعجاب وهو يقول بصوت جهوري لعلّها تسمعه : خذي رايها مرة ثانية ، وخليها تتعدل وتفكر زين ! ناصر الأجرب ما غيره رجال ما يؤتمن له ، خليها تراجع حساباتها وتستخير .. مهب من حركة وحدة تقطع وترمي وترضى بغير ! الزواج مهب لعبة
ناظرته أمه بطرف عينه وقالت : ناصر بن فهّاد ضابط يا سعد
تنحنح وقال : يبقى خسيس وراعي لعب .. إن وافقت فمحد بيعارض عليه غيري .. مهب حنا أهلها ؟
واجب علينا نختار لها الزوج اللي يصونها !
ناظرته بإستنكار وهو قرب وحبّ رأسها واستأذن وهو يبتعد عن نظرها ، ومن وقف بمكانه حتى سحب شماغه بعصبية من على رأسه ، وهو يحس بفوران غريب ، يحس إنه مثل البركان اللي كاتمين فُوهته .. النار تحترق بجسده ، من اللي تجرأ وفكر يقرب منها وهي عائدة له ؟ ولو إنه للآن يصارع كرامته ولكنه بيحرق أي شخص يفكر يقرب منها ، ضرب بيده عرض الجدار اللي قدامه وهو يصرخ بغبنه : والله لأدمرك يالأجرب لو تفكر تقرب منها ، يالله بس لو يصير هالشيء لأدعي يكون بفستانها أشواك وفي ثوبه xxxxبٍ سود، ونارٍ تحرق الكوشة وتحرق بيتهم حتى ، جرب جرب يا الضابط المترهل الله يشتلك كانك اقلقت حياتي
مشى بعصبية وهو يحاول يفكر بحل ولكن هيهاات ! كل اللي قدر يفكر فيه بهاللحظة طريقة تفريغه لغضبه .. اللي لو بقى بجسده راح يسمّمه من قوته!
-
-
{ سعود }
من خرج من عند جسار وتطمن عليه ، حتى توجه للبيت بكل تعب الدنيا ، دخل لجناحه بعدما سلّم على أمه وألتفت وهم يشوفها واقفة جنب التسريحة للآن ما تعود على وجودها
والمصايب اللي لحقتهم ما تركت له مجال يتعود حتى !
تقدم وهو يجلس على السرير ويرمي شماغه جنبه
وهي ألتفت من حست بوجوده .. بلعت ريقها بصعوبة وهي تخبِي يدينها بأطراف جاكِيتها بعدما حست إنها ترتجف من خجلها .. ما تدري متى بينتهي هالشعور !
ومتى بينتهي هالخجل من حضوره ولكن كل اللي تعرفه إن حضوره بالطريقة هذي وإنسحابه بنفس الطريقة مو عاجِبها !
تقدمت ووقفت جنبه وأخذت شماغه وهي ترتبه على طرف الدولاب ، ورجعت تأخذ باقي أغراضه وترتبها وسط نظراته المُستنكِرة
جلست على طرف السرير .. وهي تتنحنح وتحاول تتكلم ، ولكن ماهي قادرة من خجلها وإرتباكها
رفعت رأسها بدهشة وهي تسمع كلامه :
أذهلها بمبادرته بالكلام .. وبإستباق جميع الأحداث : إن كنتي بتبوحين عن سبب موافقتك عليّ فإحكي .. غيره لا تقولين شيء
سكتت وحاولت ترتب شتات أمرها وناظرته بإرتباك وهو تنهد ومسح على وجهه .. هو يعتِرف إنه متهور وقاسِي وكلامه ما يُوزنه لا تكلم مع النِساء أبداً ! يترك الكلمة بثقلها على قلوبهم ولا يهتِم
.. ولكن لاشافها يتنهي هالتهور ولا يبقى بباله إلا كلام أبوها عنها .. توصيته عليّها ! والأهم وعده بأنه بيصونها
لذلك قبل تهوره .. قبل ينهي حياة بسبب عصبيته قرر يعطيها فرصة مرة وثنتين وثلاث .. لأجل يعيش بشكل ودِي معها !
ناظرها بهُدوء لما بدأت تتكلم
وقالت بصوت خافِت يُكاد يسمع بسبب خجلها : وافقت لأنك سعود
رفع حاجبه من ردها اللي جاهد عشانه يسمعه ، وقال بتريّقة : مير يا سحابة ظنيت إني مفلح !
رفعت رأسها وناظرت له بإستنكار وبعدها ميّلت شفايفها وهي موقنة يستهزأ بردها لذلك قالت : وافقت لأني حاطه ببالي إنك كفو ولا تقرب للردى صوب .. وأبوي ما قصر ما بقى مدحة ما مدحك إياها .. والأهم إنه قال إنك رجال حلفت إنك لاتصونيّ وتخليني أغلى من نور عيونك بشوي ! أنا وافقت لأجل هالحكي فلوسك ، سمعتك ، والجاهه اللي تملكه ما أحتاجه إن ما صِنتني !
ناظرها بهدوء وهو يتأمل وجهها وهي تِتكلم وبعدها قال بتردُد وهو يدّعي تعطيه الإجابة اللي يتمناها : والرجل اللي ..
قاطعته وهي توقف بسخط من كلامه وملامحها لجئت للغضب: هالحكي ما ينحكى ياولد الشيخ .. أنا بنت رجال وأصون ولا أخون .. ماخنت أبوي من قبلك لأجل الحين أخونك ! .. أنا ما أقرب للعيب باب أنا صرت على ذمتك .. ولا لرجل غيرك رمش من رموشي ، أنا سحابتـ...
قاطعها سحبّته القوية له وهو يناظرها بإبتسامة .. وكأن التعب أنهد من على جسده .. ما ينكر ميُوله الكبير لها .. ولكن هالموقف كان للان حاضر بينهم.. بكلامها هذا ريّحت كل أعصابه ، وأنهت الضيق من قلبه
وهونت عليه كل التعب اللي عاشّه .. لأنه شهور ينتظر هالرد .. ينتظر هالكلمة !
بلعت رِيقها بصعوبة وهي تحس بأن كل حرارتها تجمعت بخدُودها من كثر خجلها من قُربه .. والأهم إنها مصدومة من كلامها ! كانت بتحكي كل اللي بقلبها بدون ما تهتم لرده ، ولكنها صُعقت بفعلته
مسح على شعرها بهُدوء وهو يتأملها وهي غمضت عيونها بقوة وهي تِحس بإحراج ماعاشته من قبل .. ولا فتحتها إلا على صوت ضحكته الهادية اللي بسببها رتبت نفسها وعدلت جلستها .. وهي تناظره بحياء وخجل .. مثلما تعودت !
-
-
{ سعد }
وقف قدام مركز الشرطة .. ولمّح المحقق اللي كان مُشرف على قضية طارق .. سلم عليه وحيّاه وتسائل عن وجوده ولكن سعد قطع عليه الموضوع وخبّره إنه ينتظر أحد .. ومن خرج ناصر
حتى صار يترصد له .. ويتتبع خطاه
ألتفت ناصر بخوف وناظر لسعد وبعدها ناظره بسخرية : سعد الشايّب .. وش صاير لين انك تلحقني ؟
سعد كتف يديّنه وقال : شابت ضلوعك يا ناصر قل آمين
رفع حاجبه بعدم إعجاب وقال : وش صاير .. ليه ترميّ شرارك علينا ؟
سعد أبتسم وقال : سمعت إنكم ناوين تتقدمون لوحدة من المعلمات
هز رأسه بإيجاب : اية سمعك صحيح .. كلمت أمي تكلم أمك عشان الموضوع هذا ، وين المشكلة ؟
سعد ترك يدينه عن بعض ووقف قدامه وقال بهدوء : ميّر البنت رافضة تتزوج
رفع حاجبه بعدم إعجاب وقال : يحصّل لها ؟ ضابط يكسيّها ؟ بينيّ وبينك يا سعد .. هالبنت لمحتها يومني رحت أخذ أختي من المدرسة .. تطيّح الطير الطاير من السماء .. ولكن مهب لدرجة تتكبر على شخص مثلي ! خصوصاً لو كانت باقي ما تغطت ما قربت منها ، يوم إن كل شخص يلمح وجهها ويتـ....
سكت بصدمة وهو يرجع بخطواته لورى ويناظره وبذهُول أخترق كل عقله قبل تِخترق اللكمة وجهه !
رفع يده وهو يتحسس شفاهه اللي بدأت تِنزف دم من قوة الضربة
ناظره بصدمة وبعصبية أستحلت جسده : تمد يدك على ضابط يا سعد ؟ والله لا أهينك
ناظره سعد ، وكل خلاياه تِرتجف ، حتى نبضه تلخبط لدرجة حس إنه بيدمره ! الغضب اللي تمكن منه أعمى عينه عن كل شيء .. الخبر ووقعه عليه كان قويّ ، والحين كلام ناصر عنها وإستصغاره لها زاد الطيّن بله !
ناظره وهو يتنفس بسرعة ، وعيُونه تنطق شرر .. نطّق من بين شفايفه وبحدة : إرفع علومك عن البنات الشريفات ! اللي لا أنت ولا عشرة مثلك تسُوون إصبع منهم !
رفع حاجبه بعدم إعجاب وبإستنكار وقال بسخرية : بنت وجهها واضح لكل الرجال ، يتمقلون فيه " يناظرون على راحتهم " مهيـ...
ماقدر يسكت عليه سعد وقرب بجسّده الرفِيع وهو ينقض على ناصر اللي طوله ولا شيء جنب سعد .. حطّ تعب كل الأيام السابقة بظهر ناصر .. يضرب بدون ما يتنفس أو بدون يلتفت !
وكأنه يحاول يبرد حرّته من فكرة إنه يتقدم لها شخص غيره ! وإنها بعد سوء الفهم اللي حصل بينهم راح يخطر ببالها توافق !
ما وعى إلا على ضُباط الشرطة اللي سحبوه بكل وحشية من على ناصر اللي تنُفسه صار صعب عليه ، بسبب بُنية سعد الجسدية حتى رفع يده كان من المستحيل !
سعد كان يحاول يفلت منهم ، ولكنهم ثبتوه بقوتهم ، وهم يحاولون ما يأذونه ، ولكن وحشِيته اللي أعمت عينه جبرتهم يضربونه على ظهره لعله يهدأ أو يستوعب اللي ييصير !
ومن أستوعب حتى صار يتنفس بهدوء ويناظر للمحقق اللي ثبّت الكلبشات بيده وناظره بعصبية : جنيَت على نفسك كثير يا سعد .. آخرتها تضرب ضابط قدام مركز الشرطة ؟ تطاولت كثير
سعد ما رد عليه وهو باقي يناظر لناصر اللي مثبّتينه أخوياه على يدهم ويحاولون يوقفون الدم اللي ينزف
أرتاح للحظات ومشى معهم وهو ساكت .. لحتى رموه شرّ رمية بالزنزانة .. تنهد وهو يجلس ويمسح على وجهه بضيق .. الأيام السابقة ما حصل له فرصة يكلمها .. أو يوضح لها وش هي عنده !
كان طول وقته ملازم عبد العزيز .. خوفاً من إنه يحتاج شيء وما يكون حوله !
السؤال اللي يضرب كل أنحاء جسده ! ليه سكتت لما عرضت أمه عليها العريس ! معقولة هي موافقة وتجاهلته بسبب سوء فهم !
-
-
قِدام بيت فيّاض .. واقِف جنب الباب وبيدينه شنطته .. يناظر بعشوائِية للشارع .. ينتظر، وبإنتظاره يصارع مليون شعُور
إنتهى من وداع أمه اللي بالبداية سخطت عليه ، أنهارت وعصّبت
ولكنها من لمحت التعب بوجهه .. هدأت من روعها ، وتركته في حال سبيله .. ودعته بالكثير من البكاء والكثير من الدعوات والرجاء بعودته بخير !
ألتفت على صُوت فياض .. اللي وقف جنبه وقال بهُـدوء : حتى بأبسط المعارك اللي بالحياة .. كنت تقاتل ولا ترضى بالهزِيمة .. ليه الحين يا بن فياض صرت تتهرب من المواجهة ؟
أصدر تنهِيدة عميقة نبّعت من جوفه المُتهشم .. محد قادر يفهمه .. ولا يفهم بعثرة المشاعر اللي قادر تنهِي شخص مثله ! وقال بتعب : هالمرة يا يبه .. بهرب عشان أكون بخير ، عشان أبقى بن فياض ..
همس من حُر الخنّقة اللي صابِته ، واللي ما شهِد عليها من قبل أبدا ، حتى لو بكى ماراح تنتهي ! : عشان ما أموت يبه !
ربّت على كتفه بضيق من كلامه .. وشدّ عليه بهدوء وقال : مهيّب مشكلة .. لو بترجع تصلح كل اللي أنكسر فتوكل على الله
عمّ الصمت للحظات وبعدها ألتفت لأبوه وقال بتساؤل وبدون مقدمات : وشلون نسيت الحرمة اللي عاش حبها فيك لسنين طويلة ؟ وشلون أقبّلت وتزوجت أمي دون ما يكون بقلبك شك إنك بتظلمها بسبب ماضيك !
عقد حواجبّه بإستنكار من سُؤاله.. وللحظات راودته كل حالات سند قبل سفّره .. من بكاه لضِحكته
ومن سعته لضيقته .. اللي كان شخص واحد متحكم فيها .. تِذكر آخر أيامه وشلون أختفت الضحكة عن وجهه بسببها .. تنهد عُقبها وقال وهو يتمتم بِثبات .. وبحكمة خذاها مِن الحياة .. وخذاها من تجرُبته اللي يِشهد على مُرها : سند يابوك .. الحب اللي تنساه لا تسميّه حب !
والشخص اللي فَرط فيك يستحيل يبقى له مكان بحياتك !
أما عن زواجي من أمك .. فيشهد اللي خالقك من وطت رجلها بيتي إني حرّمت بعدها كل بنات حواء !
حتى الحب اللي ظنيت إني تجرعته لسنين .. دريت إنه كذب وزيف وخداع .. ماهو إلا إعجاب وتعود،
من ذقت طعم الحب الحقيقي الصادق أيقنت إنه ولا شيء يعلى عليه .. وإن اللي قبله كذب !
وحتى اللي بعده كذب !
سند سكت بضيق وبعدها قال : شلون دريت إنه حبك حقيقي !
أبتسم له برزانة وقال وهو يصغر عُيونه اللي تِدل على كِبر سنه وناظره بهُدوء : إتّبع قلبك .. قلبك دليلك يا بن فيَاض
غمض عيونه وهو يفتحه ويشتت نظراته للِمكان .. غرق بمشاعره أكثر !
ألتفت على صوت سيارة عبدالعزيز اللي وقف ونزل من سيارته وهو يبتسم إبتسامة يحاول فيها يخفِي ضيقته من فراق بن فياض : سلام عليكم يا أبو سند
أبو سند أبتسم بترحيب وقال : عليكم السلام والرحمة يا شيخ عيب علينا بعد التعب اللي كاسِيك نتعبك زيادة !
هز رأسه بإبتسامة : يستاهل بن فياض من يتعنى له
أبو سند تأمل سند اللي حبّه على رأسه وودعه ومشى وهو يركب سيارته اللي ركب فيها عبد العزيز ثم تنهد بضيق : عسى بعد هالضيق فرج يا رهيّف القلب
*
عبد العزيز وهو مثبّت يدينه على الدريسكون ويناظر بتركِيز للطريق
قاطع هالهدوء صوت سند الهادي : منت بشارهه ؟ متأكد
ألتفت له نُص إلتفاتة ثم أبتسم بهدوء : راحِتك عندي بالدنيا ومافيها لا تخاف !
تنهد بهدوء والتفت على تأشيرة طفل لهم عقد حواجبه وقال : عز .. اشبح " ناظر " يأشر عليك ولا !
ألتفت عبد العزيز ودققّ بملامحه ثم تذكره .. وقف على طول
وفتح دِريشة السيارة وهو يناظره بإستغراب : وش صاير يا صُهيب !
وقف وهو يتنفس بصعوبة ويحاول يتكلم من بين تنفسه: الحمد لله لحقت عليكم .. عمي سعد تهاد "تضارب" مع الضابط ناصر بن فهّاد .. والحين راقعين به " راميّنه" في الزنزانة
عقد حواجبه بصدمة وهو يناظر لصهيب وناظر لسند اللي ميّل شفايفه بإستنكار
صهيب قال وهو يمسح على وجهه : جدتي أم سعد ما تدري ، وأبوي راح لمجلس الشيخ وماشافك ، وأنا على طول جاء ببالي بيت جدي فياض والحمد لله لحقت عليكم
هز رأسه بإيجاب وقال : تسلم يا صهيب ، توكل على الله وصلني علم
ألتفت لسند وقال : يصير شيء لا تأخرت لك ساعة؟
سند ناظره بطرف عين وقال : حرّك حرّك نشوف هالشيبة وش مسوي !
ابتسم بضحكة وهو يفكر وش اللي طلّع سعد عن طوره ؟
-
-
{ نسيم }
ناظرت بإبتسامة لباقة الورد .. اللي قطّفتها من حديقة بيت راجح .. وغلفتها بطِريقة بسيطة وأستنقشت عبِيرها بكل رحابة صدر .. نسّت تماماً بيتها .. ذكرياتها اللي كانت تسكُن أطرافه .. حدِيقتها .. حياتها بين حنايا هالبيت
وكل اللي بقى بين عُيونها .. سلامات جسّار اللي بالدنيا ومافيها !
جلست جنبه وهي ترفع كتفه لوجهه وتُقبله براحة عميقة .. وبسبب قُبلتها فتح عيونه بإستغراب .. بادِرت بالإبتسام .. وهو تأملها للحظات ثم أبتسم بطمأنينة ، وجهها كان الجهة الآمنة طُول أيام حياته .. والأهم خلال آخر أيامه اللي سكّنها الرُعب
ناظر لبطنها وقال بهمس بسبب أوجاعه اللي ما خفِت واللي بدأت تظهر بعدما آنتهى المُخدر من جسده : عساك بخير !
تنهدت تنهيدة عميقة .. صادرة من راحتها اللي تغلغلت بكل أجزاءها ونطقت من عُمقها : أنا بخير .. لامنّك يا أبو ورد بخير !
ضحك بخفة ومن بين تعبه : أيقنتي إنها بنت يعني ؟
هزت رأسها بإبتسامة وهي ترفع كتُوفها بعدم معرفة : ما أدري .. ولكن جاء ببالي هاللقب .. لأنه يناسبك!
أبتسم بهُدوء وغمض عيونه للحظة وبباله كومة أدعية لا حصر لها .. ولا يطغى عليها سوى" الحمد " و "الشكر" لله اللي أستجاب دعوته وحفظه للورد وبنته
ثم فتحها وهو يتحسّس يدينها اللي باقي بيدينه قال بصوت مرتجف : نسِيم .. تدرين إنك أمي بهالدنيا !
رفعت رأسها وناظرته بذُهول من كلمته ثم أبتسمت وهو أردف : مثل ما الطفل خايف تعيش أمه دونه .. خُوفي الكبير كان على حياتك اللي بتكون من دوني
تغيرت ملامحها للجُمود والخوف ، من الذكرى اللي أنعادت لذاكرتها ووقفت وهي تحاول تقويّ نفسها وتبتسم وهي تمسح على شعره : كل شيء عدّى .. أنت الحين بحضّرة الورد ولا بيمسك سوء بإذن الله .. كلها كم شهر ويطيّب الجرح وينسى الوجع وتكون بخير
أبتسم بخُفوت وهو يأخذ كُفوفها ويغطي بها عُيونه وهي تنهدت وهي تتأمله .. وكعادته هذي طريقته بمُحاربة الدنيا ووجعه .. عن طريقها
عن طريق كفُوف وردتـه !
-
-
{ مركز الشـرطة }
ألتفت عبد العزيز لِـناصر وهو يتأمل وجهه المجرُوح من كل إتجاه .. تِنهد بعتب لما فِهم السالفة وعرف إن الخطأ من سعد .. بس اللي صدمه سعد مهب شخص متهُور هالكِثر !
ناصر تِنحنح وهو يناظر لسعد اللي يمشي مع الضابِط .. بعد ما جاء الشيخ عبد العزيز برأسه لأجل يحل الموضُوع أستحى حتى يبدأ بالحكي .. وعفى وأفرج عنه قبل ما يباشر عبد العزيز بالكلام
قال بهُدوء وهو يناظر لِسعد : الأهم يا شيخ ما يتعرض لي مرة ثانية عشان ما أنجبر أخليه يعشش بالسجن
عبد العزيز ربَت على كتف ناصر بإبتسامة وقال : كفو يا ناصر .. وأنت الصادق العفو من شيّم الكبار وأنت كبير
رد له الإبتسامة وأستأذن وألتفت لسند اللي يناظر لسعد بنص عين : أنت تكبر بالعمر وتستجن ؟ ما تعرف للعقالة درب ؟
ناظره بعشوائية وبدون نفس وهو ينزل كمه اللي شمّره وقال : أنا إن حصل موقف وما زان لي ، أنزل عقلي لمستوى عقل اللي قدامي ، وأهيّنه وأمشي عليه
ضحك نص ضحكة وهو يقول : والله إنك لتحمد ربك على لحاق الورع لنا وفزعة عبد العزيز لك ، والا كان أنت الحين متنقع بالسجن
ناظر لعبد العزيز ثم لسند ثم أصدر تنهِيدة عميقة وهو يصد عنهم : ليتكم تركتوني هناك .. على الأقل مكان أشتت فيه أفكاري
سند رفع حاجِبه بإستنكار .. وعبدالعزيز تأمل ملامح وجيههم الإثنين بهدوء .. متى قدر الهم يستحّل أقرب شخصين له ؟ ويسوي عمايله دون ما يخجل ؟ ليه ماهو قادِر يساعدهم أو يدأوي جراحهم ؟
ألتزم الصمت وهو ينقل نظراته بِينهم .. ثم قال بعدما طال السكُوت : يا سعد ..
ألتفت سعد على عجل وقال بسرعة الضوء : إحتزم بي !
أبتسم له بخُفوت ثم أردف وقال : بن فيّاض راجع للبحر .. ماهوب ودك تخاويَه ؟
ناظره سند بصدمة ورفع يده وهو يقول : منك لله ياعز .. تبيّني آخذ هالمخبول معي ؟
سعد سكت بإستغراب من مبادرة عبدالعزيز وما تكلم .. ولكنه قال بعدها : عيّب عليّ .. أشوف الليالي السود تحُوم حولك وأخليك لحالك يا شيخ
سند ميّل شفايفه بعدم إعجاب وعبدالعزيز أبتسم وهو يعدِل طرف عُصبته اللي أختلت ومن عدلها ناظره بثبّات وقال : الليالي السُود ما تقرب مننا بعون الله يا سعد .. والميّت ودفناه .. والحيّ وطيبنا جرحه .. والبيت وبنرمِمه .. وإن كنت ذال " خايف" على شخص مثلي فقرحت الدنيا
ماحد تكلم وهو ناظرهم بيقين تام .. إنهم شخصيّن لابد يبتعدو عن هالديرة ، اليوم قبل بكرة ! لأن الهم بلغ فيهم ما بلغ .. ولا هو هروب من الواقع قد ماهو محاولة للعيش بطريقة آمنة : أنا شيخ ياسعد .. والشيوخ مشاكلهم ما تِتنهي .. مير إنهم ما يرمون همومهم على أحد وإن كثرت ، أنا مطلبي ورجاي الحين تكونون بخير وفي خير .. وإن كان الوضع بعيد عني ! أبيكم ترجعون للخسوف .. أخويايّ الأولين أصحاب الوجيه السمحة والضحكة الطيّبة !
تنهد سعد ومسح على وجهه وسند تأمل عبد العزيز ثم أبتسم وهو يربت على كتف سعد : إسمع كلام الشيخ ياسعد .. هو طلبّ ولياّ طلب بن راجح ما ينرد طلبه
ناظرهُم بتردد ، وبخيبّة كونه فعلاً أنحط بموقف ما ينرد فيه الطلب !
هو يبي الراحة فعلاً ، والإنسحاب للحظات من دور الكامل والرجل القوي الثاير ! لذلك أبتسم وهز رأسه بطيّب ، وعبد العزيز ربّت على كتفه وهو يناظر لسند اللي قال : يالله أجل .. الحين تلم قشّك "أغراضك" عشان يمدينا نلحق !
-
-
{ قدام بيت أم سعد }
بعدما أخذ إذن بالدخول .. دخل لغُرفته تأملها للحظات ثم أبتسم بهُدوء ، كانت عاديّة بنظره ورغم إن بكل جزء منها بصمة لها إلا إنها ما إزدانت بعُيونه إلا لما وطّت رجلها على عتبة الباب ! ولا بيرضى يفرط بشخص مِثلها ! كان يدري إنه بيوصل لمسامِع إذنها فعلته لناصر وبتعرف أشد المعرفة وش موقفه من هالقرار ! لِذلك أكتفى بمكتُوب وضعه بالصُندوق اللي غيّر نظرتها عنه .. وتركه فُوق الدرج .. وهو مُوقن أشد اليقين إنها راح تدخل وتأخذه .. أو الأهم بتقرأه ! وهذا يكفيّه .
طلع من الغُرفة بعدما لمّ أغراضه وناظر لأمه وهو يبتسم ! حكى لها موضوع سفره بإختصار وإنه رايّح مع أحد أخويّاه لأجل يرتاح بعد الفوضاء
رفضت رفض قاطع بالبداية ولما كانت بتحلف ، فهمّها إنه ماراح يطول وانه يحتاج يسافر رضخت له ووافقت .. ودعها وداع حار
وطلع من البيت .. راكِب سيارة سند اللي من تعدُو حدود الخسوف .. حتى نزل عبد العزيز وهو يسّلم عليُهم ويطلبهم سلامتهم !
توكلّو على الله هم .. وهو رجع أدراجه للبيت .. بعد يوم ما ينكر كثرة التعب فيه !
-
وصِل للبيت .. بعدما رمى السلام على كُل شخص قابله بطرِيق عودته .. بصِدر رحب وبإبتسامة يُكابد بها
دخل للِبيت وهي ضايّقة به الوسِيعة .. هو فعلاً يبي راحتهم ولو كانت راحُتهم ببعده ، ولكن ما خفف من وطأة الشوق لسند خِلال خمس سنين إلا سعد .. وش السواة الحين لاغابو الإثنين !
أخذ نفس وهو يِحس بالأكُسجين يفِيض من صدره .. ثم زفره بإبتسامة خرجت بِسببها كل الضِيقة من صدره .. وأيقن من لِمحها واقِفة جنب جدِيلة .. إنها الشخص الِلي بيبقى طول عُمره ممتن ، لوجهها لإبتسامتها ولوجُودها بحد ذاتِه .. لأنه مهما مرت عليّه أيام مُرة وتبّكي من مرارتها إلا إنه الشخص اللي يحليّ كل مُر يمُره !
كُل القسوة اللي شكّلتها الأيام على ظهره ، وحِملت كُتوفها الهم
تذُوب في حنايّا وجهها .. فعلاً هو يمِاري بوجهها لدرجة ينقال لها بهاللحظة وبكل رحابِة صدر بقلبه تمكِنت" والله إني مُحيّا وجهك الطاهِر أمارِي .. وكُل زين يمرني عُقبك أمره وأتعدا !
في محطات العمر ماكنت ضمن الاختيار
القدر جابك .. و أنا ممنون لـ الأقدار جدًا "
ألتفت بوجهِها ناحِيه الطيف اللي يتأملها .. ثم أبتسمت بضِيق وهي تتأمل التعب اللي أخذ مكانة كبيرة من وجهه .. مع ذِلك للآن النور ينبّعث منه،للآن هو قوي وشامِخ مثل الجبل ،هالرجُل لايمكن تشوف مِثل هيبته،صمُوده،وقوته
اللي يستحيل يمتِلكها شخص غيره،كُل اللي قِدرت تسويه باللحظة ذِي ، إنها تفتح ذراعها على وُسعها لعلّ دفء عِناقها يُخفف ما حمّلته الأيام على كتفِيه
قال بخُفوت : والله يا معلمة العربِي مثلما تعرفِين دروب الإعراب والرفع والنصب،يمين بالله عرفتِي طريقة الضم والسكُون لشخص مثِلي
ضحكت من كلامه وشدت عليه بهُدوء وهي تمتم بِـ : أنت على الرحب دائماً يا عزيز ..وأنا كلي سِعة !
{ بعد مُرور أربـعة أشهر }
في واجِهة الملعب الكِبير .. وفي حضرة حُشود جماهِير الخسوف .. يتوسط هذا الكُرسي العتِيق .. بِبشته الأسود وعلى مُحياه إبتسامة مُهيبة يناظر بكل حمّاس للسِباق اللي يحمل إسمه .. وللخُيول التي تتحاشر داخِل المضمار وتتسابق بِشرارة للفوز باللقلب .. فُرسان ديرته يتقاتلُون من أجل الفوز .. وبقِية الرجال يتوسطُون كراسِي الملعب الكبيرة .. إلتفت بإبتسامة ناحِية سعود اللي على مقرِبة منه .. ولكِن منهمك في الكلام ويأشر بكل حمّاس للفُرسان وهو يتمتم بصوت جهُوري : أعزائنا المُشاهدين لقناتنا الفضائية .. ننقل الآن سِباق الخيول بدِيرة الخسوف والقائِم عليها الشيخ عبد العزيز بن راجح
ومن هذا المحطة المتواضعة .. سنزُف خبر الفوز لِـ...
سكت بصدمة وهو يسمع الصراخ اللي أعتلى الملعب .. واللي بدأ ينتفض من قوة الحماس اللي يعترِيهم .. صوت التصفيق يعلا .. صوت الطبل على ظهور الكراسِي .. إهزوجاتهم اللي أنتقوها لكل فارِس بالملعب .. ألتفت بحماس وهو يقول : لم يتبقى سوى القليل .. أعزائي المشاهدين المعلق سيعـ...
قطع كلامه وهو يلتفت بإستغراب ناحية الجمهور اللي توجهت أنظارهم للواجهة الرئيسية للملعب .. اللي من بدأ الحماس حتى ثبّت بِشته تحت ذِراعه اليمين ووقف .. وبوُقوفه أُجبر جميع الجالِسين بالواجهة على الوقوف معه ومن بدأ يأشر بيده من حماسه بهالإنتفاضة حتى تحولت العيون علِيه .. وبدأ الحماس لوقوف عبد العزيز نفسه
ضحك وهو يأشر بيده على الفارس اللي أُعلن فوزه وهِنا بدأت الفرحة تعتلي جمهور هذا الفارِس بينما جمهُور بقية الفُرسان خيّم عليه الحزن
أستعاد سعود وعيّه من صراخهم وبدأ يعلن خبر الفُوز وهو مستمتع بالتغِير الكبير على أنحاء الخسوف .. اللي لازال تطورها مُستمر !
قال بحماس بعدها وهو يتمتم بِـ : ننتقل الآن للصحفي محمد ينقل لنا مراسم التتويج لِـ الفارس الفائز
كان معكم سعود بن راجح ال جبار
إنتقل البث للصحفي الثاني وسعود أبتسم وهو يقترب بخطوات سريعة لِـ عبد العزيز اللي واقف مع راجح ..في صُورة عظيمة تُجسد الفخامة على أبهى أشكالها
وقف بجانبهم وقال بفرحة عاِرمة سكنت أطرافه من حماس الجمهور اللي ملأ كل أنحاء الخسوف : ماكنت أظن إن السباق بيكون بهالعظمة .. والله إسمك شاله على الكتوف يا عز
ضحك بخُفوت وهو يناظر لِـ الفارس اللي يتبختر على فرسه وقال بحماس : الود ودي إنه يحصل هالسباق ! وأتبختر مع الفرس اللي كانت بتنغدر .. كبدِي ناشفة يا سعُود .. أشتقت لعز الودّق .. أشتقت أسابِق .. ولو إنه آخر سباق لي .. بس أبي يحصل ونخلّص
ميّل شفايفه بضيق من الطاري وقال : والله لو ندري سبب تأجيلهم للسباق ليكون خنجري ببطونهم ! كلما تحدد موعده قالو حصلت مصيبة .. عسى الموضوع خير وبس
أبتسم وهو يناظر للفُرسان اللي أرتصو على شكل مستقيم ويناظرون له وهم ماسِكين برسن خيُولهم .. وهنا ألتفت لراجح وقال : يابن جبّار .. صار وقت التتويج
أبتسم وهز رأسه بثبّات .. وهو يمشي قدام عبد العزيز .. وهو وراه وسعود يناظرهم بإبتسامة !
أصوات الحماس للآن ما أنقطعت .. حتى الجماهِير اللي كانت حزِينة لخسارة فارسهُم زار الفرح قُلوبهم وهم يشوفون شِيخهم بأمان وبخير قدامهُهم .. !
-
-
{ في مكان يبُعد عشرات الأمتار عن السِباق .. تحديداً " مجمع الخُسوف المدرسِي " الصف ثالث مُتوسط }
جميع طالبات الفصل مُصطفات على الدرايّش .. ويتدافعون بكل قوة والقوية هي اللي تتوسط الدِريشة
نطقت وحدة بسخط : يعني ليه هالعنصُرية بالدِيرة ؟
العيال معطيّنهم إجازة لأجل يحضرون السباق اللي كله حلُوين ، وحنا منطقين بهالصف
الكلام إنقال على مسامع مُعلمة العرِبي اللي رفعت حاجبها بعدم إعجاب وقالِت : الشيخ تعّب وأشتغل وسوى المستحيل عشان تكونين بهالصف وأنتي تبين تتملقيّن بالرجال ؟
كتمت بُشرى ضحكتها على شكل الجادِل اللي معصبّة من كلام البنت ودخلت وهي تناظرهم يتراعدون وهم يركضون لكراسِيهُم . . عاتبت رجال الخُسوف اللي فعلاً أصواتهم وصلت للمجمع المدرسة .. وخربت كل توازن البنات من الحماس
مع ذلك أبتسمت بهُدوء وقالت : مهيّب مشكلة .. ترجعون بيوتكم وتشوفون إعادة السباق بالتلفزيون
ردت سعاد : بس يا أبلة .. مهب متعة ، مهب مثل ليّا كان مُباشر وقدام عيوننا
أبتسمت وهي تكتم عصبيتها وقالت : سعاد .. خلينا نبدأ الدرس قبل أعصب
أبتسمت سعاد بوهقة وسكتت وهِنا تكلمت اللي وراها وقالت : جعل يسقى " تقال عند التذكر " يوم كنتي تعطيّنا دروس خارج المنهج يا أبلة .. الحين صرنا بس أعربي ما تحته خط .. والا وش نوع المفعول .. قسم بالله بنقرح" ببنفجر" من غيضنا .. وهذا ماباقي لنا الا درسين بعد ..
ضحكت بخُفوت وهي تقفل كِتاب اللغة العربية وتِتركه على الطاولة ثم ألتفت للبنت بإبتسامة : وش تبغون يعني ؟ حصّة فاضية ؟
بشرى قالت بضحكة : حصة فاضية عند أبلة العربي ؟ من وين شرقت الشمس
أبتسمت وهزت رأسها بطيب وجلِست على حافة الطاولة وهي تقُول : مهيبّ مشكلة .. دامكم ماراح تستوعبون الدرس والشرح اليوم بسبب إن عقلكم بمكان ثاني .. خلُونا نحكي عن أشياء ثانِية مثلاً عن أشخاص أثرو فِيكم .. زرعو بقلوبكم زهُور يستحيل بيوم تِذبل
لتلتفت قبل أن تنتهي من كلامها للطالِبة القابعة بنهاية الفصل واللي تكسو ملامحها الهدُوء " أنتي "
تسّللت الإبتسامة لقلبها قبل ثُغرها وقالت بإمتنان وهي تشبك أصابع يدينها ببعض من قوُة الشعور اللي وِصلها وقالت بربكة خالطّها فرحة : أثرت بك من أي ناحية !
أبتسمت البنت بِثبات فبعدما عُرف عنها الإنطوائية وحُبها للوحدة في الفصل السابِق . . أصبحت أكثر أُلفة ومحبة منذ نقلها لهذا الفصل اللي تحفُوه البهجة بِسبب بساطة قُلوب طالباته والأهم حفاوة أسلوب رائدته لِتُمتم بهدوء : أشياء كِثير بدايتها من حُبا وكرامة اللي ودعّت من بعدها كلِمة عفواً .. لإلهامك لنا وإثباتك لِنا إننا نقدر .. لزرع القوة بأرواحنا.. والأهم لسقيّك قلُوبنا بِـ كلماتك اللي قد تظنين إنها عابرة بينما هي كانت مُثبته بعقولنا .. أولها وصفّك لِـ الوِرد اللي بسببه صرت محافظة عليه بشكل ما تتخيلنه
أبتسمت بلُطف وهي تِتذكر كلماتها عن عن هالموضوع " التّلاوة اليومية للقرآن ينقال لها "وِرد"
ومعنى الوِرد في اللغة هو: المَاء الذي يُورد.
كما في قوله تعالى: "ولمّا ورَدَ ماء مديَن"
فَيكُون على ذلك وِرد التّلاوة هو: سُقيا القَلب من القُرآن.
فتخيلو لما تلتزمُون بهالسُقيا يومياً .. ظنكم بتقدر الحياة تخليكم تذبُلون "
أرتسمت على وجهها إبتسامة الخجل لما بدؤو الطالبِات يتفقون مع هذِه الطالبة .. ويشيُدون بكلامها
وهي ماكانِت تظن إن مكانتها بهالقوة بقلُوبهم .. كانِت تلقي الكلمة دُون ظن منها إنها أثرت بقلوبهم بشكل إيجابي !
-
-
{ الحِجاز - ميناء جِدة }
رسّت السفِينة المُحملة بأشخاص من جمِيع الجِنسيات المُقبلة لهذه المدِينة بعدما فُحِصت وفُتشت .. ألتفت سند اللي ترك الدُفة براحة بعدما أنتهت رِحلتهم اللي خذت منهم أيام بِلياليها ولا كان بباله إنهم بيأخذُون هالفترة كُلها ! وكل واحد منهم مِتضايق أكثر من الثاني لطولها
ناظر لِسعد اللي لابِس شُورت ملون لتحت الُركبة وتيِشيرت أسود ومكتف يدينه تقدم وهو يضرب مؤخرة رأسه وقال بضحكة: والله لو تشوفك أمك لتكسر عصاتك زين الكسر على ظهرك ،خلاص ترى وصلنا إرجع سعد الأولي
أبتسم سعد بإستعباط وقال بلهجة مصرِية مكسرة بعدما أثرت فيه الرحلة اللي كانت بمصر بعد إختلاطه الكبير براكبِيّ السفينة : اسكت بئى .. دنتا ئرفتني عيشتي يا كابتن ، راحت الشهُور المئرفة اللي عيشتنا اياها
ناظره بسخُرية وهز رأسه وهو يسحب شنطته اللي رتبّها من قبل أيام من العبّارة : الشرهة مهيّب عليك الشرهة عليّ .. انا اللي ضربتك على يدك وقُلت يالله تعال معي .. والله لو أدري إن سود الليالي بتجي بسببك ما خذيتك
ضحك سعد وهو يلحقه وشنطته بيده وقال بلهجة سُودانية خذاها من الشخص اللي كان يسُولف معه من لحظات : ليش يازُول تحكي معي كذا ، داير عليك الله تفرد لنا وشك وتنبسط
ناظره بضحكة وهز رأسه بآسى وألتفت للكابتن الجديد للسفينة وهو يعطيه المعلومات اللي يحتاجها وينتهي من التوقيع على إجازته الجدِيدة اللي قطعها ورجعها لها بقوة هالمرة
ناظر لسعد اللي مبتسم وقال : وأخيراً بعد ما صرعتني ثلاثة أشهر رجعني ورجعني ، وصلنا للديرة
ضحك بعدها سعد وقال وهو يناظره بطرف عينه : أربعة شهور يالظالم ! دنا لو كنت بعرف اني حغيب هالمدة كلها ، ماكنتش قيت معك أبدا
فرد يدينه على وُسعها وهو يأخذ نفس بكل قُوته ويناظر نظرة سريعة للمِيناء : لاح لِي وجه الحجاز .. آه يا رِيحة الحبايب .. ماكنت أظن إني بطول عنش هالمدة كلها .. الله حسِيب كابتن الفلس
ضحك سند بقهر من سعد اللي كان فعلاً ناشب له طول الرحلة .. إما معصب لأنه ماكان يدري إن الرحلة فعلاً بتطول .. وإما إنه طفش .. أو يجي يطقطق عليه
ولكن لا يخفى عليه إنه غيّر له جوه وكثير .. وكان هو السبب بتتغير حالته للأفضل بعد أشياء كثير صارعها ..
أنت تقرأ
من قريت الشعر و انتي اعذبه
Romanceمن قريت الشعر وأنتي أعذبه من كتبت الشعر وأنتي مستحيلة 🍃🌺🍃 .. للكاتبة : فاطمة صالح تجميع : storykaligi