٥- سم

141 15 3
                                    

-سنضطر لزيادة الجرعة و إضافة أنواع جديدة للعلاج؛ فيبدو أن حالتك تطور نحو الشيزوفرينيا يونغي.

عاينت الطبيب بينما يكتب المزيد و المزيد من تلك الكيماويات و التي من المفترض أن أتجرعها حتى استمر في العيش كشخص عادي.

- ماذا عن أفكاره الانتحاريه؟
نطق تايهيونغ بينما أنا قلبت عيناي بضيق أتفف من إصراره، فقد أخبرته بالفعل أني كنت أشعر بشعور غريب وقتها و لن أعيد الأمر ثانيةً.

- مع رفع الجرعة نتمنى أن تقل تلك الأفكار و يحظى ببعض الراحة.

بالطبع سأحصل على الكثير من الراحة؛ فتلك الأدوية تجعل جسدي خاويًا من النشاط مرتمي على السرير كخرقة بالية، بالطبع هذا في مقابل جعل عقلي مشوش لحد كبير حتى لا أستطيع التفكير بشكل سيء.

الأمر أشبه بكوني في حالة سكر شديدة أو ربما بعد تناول مخدرات، ليس هنالك فارق كبير، لكن على الاقل ينفع الأمر أحيانًا في إلهائي عن التفكير الذائد.

انتهى موعدي لأخرج انا و تايهيونغ الذي سارع لشراء الدواء تاركًا إياي في بهو المشفى، و أنا اتجهت لأقرب كرسي جالسًا في محاولة لإزالة ألم كتفاي و عنقي و ظهري.

لكن من أخدع ! كل جسدي يؤلمني و كأني انتهيت لتوي من شجار خاسر.

سرت بجسدي رعشة شديدة لأضم جسدي بين ذراعيّ و كأنما أقي نفسي البرد، في حين أن تلك الرجفة كانت من الشوق و الذكريات.

كان هاهنا حيث رأيت سان لآخر مرة ، ضممتها لي مودعًا بينما كانت هي جثة باردة، حيث استنشقت عبقها علّي أجد رائحة الياسمين التي تعشقها لم أشتم سوى رائحة تراب الأرض الرطب و رائحة قذرة لمخدرات علقت بها من قاتلها.

كان شاب متعاطي هو من أخذها عنوة من الطريق، ليحصل على مراده منها غير آبه لصغر سنها و قلة حيلتها ما جعل جسدها يدخل في مرحلة صدمة إلى أن ماتت عند أكثر البقاع برودة في الحي..

ضفة نهر ناكدونغ تحت الجسر.

كنت أريد قتله بيدي حين رأيته، لكن القانون ..الدولة .. القضاء .. الأحكام، كل ما وضع لحمايتي كان ضدي، خففوا عقوبته كونه لم يكن بوعيه، لكن ألم يكن بوعيه حين تجرع السم برضاه؟

-هيا بنا.

وقفت لأتبعه لسيارته القديمة بينما أبحث بذكرياتي عن أوقاتنا سويًا أنا و تايهيونغ.

كان فتى مشرق طوال الوقت حين كنا صغارًا، مليء بحب الحياة و الأمل، و لكن من لم يكن هكذا في الصبى؟

لا أتذكر كونه كان وغدًا في أي مرة معي أو حتى مع غيري، دائما ما يكون موجودًا لأجلي و هذا يخنقني.

لمَ عليه أن يظل مقيدًا بشخص هالك مثلي، بينما الحياة تفتح ذراعيها له على مصرعيها داعيةً إياه للترف؟

-وصلنا، انتبه لنفسك، إن أردت أن تخرج للتمشية أخبرني حسنًا؟ سأخرج معك.

أعلم أنك تخاف أن أكرر محاولتي تايهيونغ، لست بحاجة لتجميل كلماتك يا رجل.

- تايهيونغ، أنا لن أخذ ذاك العلاج، لست مجنونًا و لا أهلوس، أنا متعب وحسب.

تنهد ليصدم رأسه بمقود السيارة بلطف ثم يرمقني بطرف عينيه.
-يونغي، سمعت ما قال الطبيب، قد يكون خيالك حاول إنقاذك بإظهار تلك الحورية، أو حتى قد تكون لديك شخصية مزدوجة و هي لا تريد الموت لذا هي أنقذتك و أنت رأيتها في خيالك، كيف تثق بعقلك الذي يريد أن يقتلك؟؟

صرخ بجملته الأخيرة، و للحق حتى و إن لم يصرخ بها فقد كانت تتردد بخلدي ليل نهار.

كيف أثق بعقل يصرخ بي أن أقتل نفسي؟

لكن أنا أعطيه عذره، فما رآه جعله يظن الموت راحة، فلا حرج عليه إن آلت به الحال أن يرتمي بين شوارع المدينة راجيًا الخلاص من الحياة.

لكن ما حدث عند النهر، لم يكن هلوسة، لابد أنه لم يكن كذلك....

لكن ماذا حدث بالظبط؟

لا أكاد أتذكر ما قيل هناك و لا حتى أذكر ملامحها.

لكن ما يطمأنني أن عقلي ينسى الكثير مؤخرا، لذا نسياني لا يعني أن ما رأيته سراب.

-تايهيونغ، لقد اكتفيت من تناول السم، فلأحيا بسلام أو لأمت للأبد.

قفزت من مقعدي أهرع للمنزل بينما أسمع شتائمه التي انهال بها علي و لست ألومه لذلك، فإني شخص مزعج و أستحق تلك الألقاب النابية.

-ها قد وصل البطل الذي يظن نفسه رجلًا و يعيش وحده.

قابلني أبي في الردهة لأعلم أن هناك كارثة، و قد كان.

خرجت والدتي من غرفتي بينما بيدها كومة من أغراضي و رمت بها أرضًا و على ما يبدو فهي قد حطمتهم سابقا.

مجلدات أحتفظ فيها بأوراق كلمات، مشغل موسيقى قديم، بعض الاسطوانات ،و لوحاتي الخاصة بإنتاج الالحان.

- أوصلت بك الحال أن تتعاطى؟؟ الخبر على جميع مواقف التواصل أيها السافل!! كيف تفعل هذا و أنت ابني و قد .......

أنفاسي توقفت فجأة حين لمحت شيئًا معينًا على الأرض، بينما عقلي كان يصرخ ( اصمتي ) باستمرار، لأتجاهل الضجيج الخارجي و ذاك في رأسي، جاثيًا على الأرض ملتقطًا الألبوم بيدي التي أخذت ترتجف فجأة.

نعم، هو ذاك الألبوم خاصتي الذي كانت تحتفظ به سان، و كنت أحمله أنا حيث حللت ليحفظني من أن أفقد عقلي.

- لمَ كان عليكم أن تقتلوها لي ثانيةً؟

_______

تعليقك ورأيك؟

ما الذي يبقيك عاقلًا وسط جنون العالم ؟

حورية || مين يونغيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن