سجن القناطر - قسم الزيارات الخاصة.

36 14 0
                                    

الساعة 12:00 مُنتصف الليل.

وصلت المسجونة إلىٰ حيث كُنت أنا انتظرها وسط كُل تلڪ المنضدات الفارغة، إلّا من هيثم الذي كان علىٰ وشڪ فُقدان وعيه والاستسلام للنوم، وكانت معه السجانة المسئولة عنها يدًا بيد.

قامت بتركها لتجلس أمامي، لاستنتج أنا أنها بأواخر الأربعينات من عمرها، إنه وإن طلبتَ رأيي لسنٌّ مثالي لنُضج الجسد الأنثوي، خاصةً، وإن كانت المذكورة قواضة تُطلق الحريم فداء المال.

- ... مين سعادتڪ يا باشا؟

أخرجت من لدني سيجارة لأشعلها وأنا أرد:

- ... مش مهم تعرفيني الأول، أكيد تعرفي النقيب أكرم الشِشتاوي.

- ابن الكلب! هوَ إللي جابني هنا.

ابتسمتُ مُخفيًا أن ذٰلڪ الذي كان سببًا في تضييع مُستقبلها في الأساس هوَ تلميذًا لدي، فقُلت:

- بُصي يا رحاب، إنتي أكيد ذكية وهتستنتجي لوحدڪ إني مش جايلڪ هنا في وقت زي ده، وجايبڪ في ميعاد مينفعش فيه الزيارات عشان أهزر معاكي أو أضيع وقتي!

ازدردت ريقها قبل أن استكمل أنا:

- ... فريدة مُختار.

قُلتها وصمتُّ مُنتظرًا سماع ما لديها، ومن بعد تلڪ المُقدمة العريضة التي واجهتها بها قبلًا، كان من الطبيعي أن تفقد ثباتها الانفعالي:

- والله العظيم يا باشا كان من عشمي! أنا هنا كبيرة السجن بين النسوان، مينفعش هيَ في الرايحة والجاية تهزقني بالشكل ده.

كاد هيثم يرد:

- تقومي تقـ...

- هششت، استنىٰ!

قُلتها له مُشيرًا نحوه، ثم قُلت لها:

- إنتي شايفة إن ده مُبرر إنڪ تهدديها قُدام الناس بالشكل ده؟!

- ... من غُلبي يا بيه، يعني هوَ أنا كُنت هنفذ إزاي بس وأنا متلقحة هنا؟!

قُلت بمكر:

- هتستعبطي؟! مانتي ليكي شبكة علاقات وسخة برة السجن.

أقسمَت:

- والله يا بيه ما كان في غير المليجي، واتقتل وهوَ بيدافع عني قُصاد رجالة الشرطة، وباقي النسوان دلوقتي متنطورين، وكلهم قُلالات الأصل؛ ولا مَرَة منهم كلفت خاطرها و زارتني حتىٰ فإزازة مياة معدنية!

رمقتها صامتًا لدقيقة كاملة، ثم توقفت علىٰ قدميّ، وقبل أن أرحل قُلت:

- هجيلڪ تاني.

ثم رحلت، فلحق بي هيثم.

الملف الأسود | The Black Folderحيث تعيش القصص. اكتشف الآن