غفلة"!

53 8 5
                                    

" فقط لحظات ، لترميم أرواحا أحرقتها عواصف تائهة...!"
# الفصل الرابع

واعيا لما يدور حوله ، و لكن القدرة علي التمييز لم تعد إليه منذ فقد وعيه..... يعلم بأنه محاط بأجهزة عندما شعر بثقل جاثم علي صدره ، يعوق حركته ..، شعر بأصابع تلتف حول أصابعه ليحوطه الدفء بعدما شعر بأنه قد فقد ذاك الشعور للأبد....

دموعها أصابت وجدانه في مقتل بل و شهقاتها التي علت رويدا رويدا ، صوتها قد استطاع تمييزه بقوة علي عكس الدوار المحتله كليا.....
همسها باسمه ، جعله دونا عنه ، يفتح عيناه ببطء مبادلا إياها همسها:" أراكِ جواري يا " جويرية " فمذا حل بالنظام الكوني حين غفلتي؟!"

تبسمت ضاحكة و هي تهم بطبع قبله علي جبينه:" أتت لأن " عمرا" بحاجتها جواره....."

أومأ برأسه ببطء و هو يعود مرة أخري :" لحالة اللاوعي..."

***********************************
"إذن أين الوجهة اليوم ؟!" هتفت بها بحماس ، لتتلقي بعدها صفعة مدوية علي رأسها، لتسمعه يجيب بغيظ حانقا من تصرفاتها الغير مسئولة:" إلي حفر قبرك بيدي العاريتين يا ذات اللسان السليط....."

أجابته و هي تعود برأسها للخلف متحاشية ليده التي امتدت مرة أخري للمقصد الذي أملاه عليها:"لا أعلم لم أَسْمَيَكَ أَبَوّيّ ب" يوسف" أين الصبر الذي يحمله اسمك بين طياته يا فتي..."

-" أتعلمين ما أحبذ فعله الآن..؟"

اتسعت ابتسامتها و هي تجيبه:" التسوق مع شقيقتك الرائعة ..."

رد عليها بفحيح:" بل إلقائك تحت قدم نمور أفريقيا ،و وضعك بين أنيابهم ....!"

بادلته خبث حديثه:" أو تعلم ما يروق ذهني الآن و ما يشغل بالي بفكرة قد احببتها الآن فقط ...؟!"

بفضوله المنافس لفضولها:" ما هو ...؟"

-" إخبار أبي بضربك لذاك المختل منذ قليل ، و لولاي لكان زجك بالسجن دون رجعة في قراره...!"

تحولت نبرته ليجيبها بلطف:" ما بك يا صغيرة أخيك ، كنت أمزح معك فقط ، أولا تحبذين المزاح...؟!"
***********************************
رآها تخرج من الغرفه الماكث بها ، فأسرع بخطواته يسألها:" كيف حاله الآن يا " جويرية" ...!"

-" لقد أخطأ في حق ذاته يا " معتز" ، أخطأ كثيرا...!"

زفر الهواء بعنف و هو يجيبها بهدوء يخفي خلفه براكين ستثور:" يجب عليَّ مقابلة " كريم" في البداية ....!"

لم ينتظر تعليقها علي حديثه ، بل همَّ بالتوجه للطابق المتواجد به مقصده ، كل خطوة يخطوها يشعر بنيران تندلع في جوفه نتيجة لها ....، تحولت خطواته من سرعه لبطء ، و هو يراه مستندا بحافة رأسه علي الحائط و بيديه " مذكراتها" ، رآه منكسرا، هشا، كالتائه في بلاده ، كالغريب دون قومه ....!"

انزلقت دمعة لم يشعر بها ، جلس أمامه بحنو ، هامسا:" أسعدتني رؤياك يا كريم ، أسعدتني رؤياك يا ابن عم..!"

تقابلت أعينهم بعتاب خفي ، جاهد للحديث دون جدوي و كأن صوته قد فقده مع فقدانها ....!

علم ما يدور بخلده من طريقته في محو تحجر فمه ، فجذبه لأحضانه مكملا همسه:" كان مصيرها، و كان متحتم عليه القدوم ، إنها بخير في مكان أفضل من هنا يا" كريم" تمهل في الحكم علي دنياك ، صبرا في الشعور بالانكسار، فلم يُكْسَر و لن يُكْسَر من اتخذه حامي له عوضا عن البشر ، فرب البشر خير ألف مرة...!"

***********************************
"ماذا فعلت بعدها يا أبي "

تسائل بفضولٍ مترقبا لإجابة أبيه، بعدما رآه ابتسم بمرارة لم يصعب علي صغيره تمييزها ، ليجيبه:" كانت جميلة ، تلك الابتسامة التي رمقتني بها قبل مغادرتها لن تنمحي... ماتت بعدها يا بني، أغلقت المكالمة و من ثم وافتها منِيَّتُها......!"

"و ماذا حل بعمي" كريم " ...؟!"

" أشعر بانكسارٍ يحتله الآن يا بني، انكسار من الصعب مداواته....انكسار أخشي أن يلقيه في الهاوية...!"

"أو لا ينبغي علينا دفن جثمان " راوية" مع " كريم"...؟!"

هتفت بها "سماء " و هي تربت علي ظهره ليجيبها بتحشرج :" فقدتها و أخشي فقدانه خلفها ، فوالله لن أقدر .....ما أنا بقادر!"
***********************************
"هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخاوية"

و كأنها تواسيني يا " رحيم" أرأيت لقد بكت لأجلي... أخبره أنني غادرت الحياة و كان هو أول كلمات أستطيع نطقها بعد خمس عشرة سنة ، أخبره أنه الأب و الشقيق و الأخ و الصاحب و الروح للجسد... أخبره أن يكون بخير ، رأفة بي عند سماعي لبكاءه ... وددت رؤيته، و لكنه أعلم بالخير ، و يبدو الخير هو عدم اللقاء.......!

تذكر كلماتها التي خرجت من فيها ذاك اليوم ، كانت قد دقت الثانية عشر ، قد أتمت العشرون..... أتمتها و هي جسد دون روحٍ تدب فيه...

أغلق " رحيم" عينيه و هو ينطق بتهدج:" رحمة الله عليكِ يا " آراء" رحمة الله عليكِ يا فتاة ... رحمة ربي بك و قد كان قدرك يا صغيرة.... الأسف لك ، وقد كنتِ خيرا في دنياكِ و آخرتكِ بمشيئته....."

# يتبع
# وقالت
# يارا عصام

 نوفيلا " وقالت" بقلم'"يارا عصام أحمد"'حيث تعيش القصص. اكتشف الآن