-" صلوا على شفيعنا يوم لا ينفع مال و لا بنون ❤..."
# الفصل السادس
بعد محاولات عديدة باتت بالفشل للتحكم بها ، لم يُسْمَعْ بعدها في الأجواء سوى صوت ارتطام السيارة بتلك الشاحنة العملاقة ،حتى تَسْكُن في لحظة غير محسوبة أصواتهم جميعا مع صوت الارتطام، لتتصاعد ألسنة النيران لتبلغ ما بلغته السحب في تلك الليلة ،لنتفجر بعدها سيارتهم في أقل من ثانية....."
استيقظ بفزع من تلك الذكرى المشؤومة، ليجد ذاته مسلتقي على الأرضية الملساء في تلك المستشفى،شعر بالبرودة تسري في جسده مسببة قشعريرة قاتله شعر بها...، تقدم ببطء من المكان الساكن به جسدها،و لأول مرة في حياته منذ فقدانهم يتبسم بسمة علت محياه بإشراقة، و هو يشعر بها جواره تواسيه ... تذكر حديثها و هي تأخذ عليه وعدا بعدم الحزن على فراق الآخر إن حانت ساعة موته... تحولت ابتسامته لدمعات شقت سكون قلبه الدامي على ما يحدث معه،و مازال يحدث ... !
أبى قلبه استيعاب مغادرتها دون رؤيتها منذ ما يقارب الخمسة عشر عام ، و لعله لاحظ تلك المرة عدم وجود أبيه او شقيقه جواره،فقط هو وحده المتواجد دون داعم يُلقي عليه حموله ،فيستسلم هو بعدها ...الرابطة بينه و بين توأمته لم تكن كرابطة بين شقيق و شقيقته و إنما تخطت كل الروابط ، لقد أحبها بصدق ك" أبٍ" لها و ليس ك" شقيق" فأحبته بدورها ك" أم، و اخت و صديقة" له.... فيتلاشى كل ذلك برحيلها المفاجئ.....
مسح دمعاته بعنف، محاولا التنفس بطبيعية بعدما أحس بضيق صدره .... غير وجهته بعد تذكره فروضه التى أهملها لحظة ضعف و عدم إيمان بنصيبه ،فكلنا فانون و البقاء لله....خرج من ذاك الصرح الطبي بصعوبة ليبدأ بالسؤال عن أقرب مسجد من مكانه ... و بعد مدة لا تتجاوز العشر دقائق قد وصل لوجهته المنشودة، ليدخل ببطء متماسكا رافضا البكاء تلك المرة ،ليتلاشى وعده لنفسه بعدم البكاء عند سجدته الأولى، لتعلوا صيحاته بعنف ،شاكية لله ما مر بتلك الروح منذ تلك الحادثة ، لم تسكن صيحاته و لم تسكن شكواه و مازال راجيا منه صبرا فصبرا فصبرا على تلك الروح المتعبة ....!
____________________________
" قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا"ظل يردد تلك الكلمات القرآنية المباركة بقلب خاشع ،و عينان تذرفان عبرات الخشية من الله لا مما يحدث في حياته، يتسائل بينه و بين نفسه ما الخطأ الذي اقترفه في دنياه كي يُعَاقب بتلك الطريقة ..
أغمض عينيه لوهلات قبل أن يفتحها سريعا بعد علمه بوجود أخيه هنا راغبا بزيارته ....مسح عبراته بهدوء، ظنَّ بأن من جاء لزيارته كالعادة أخيه الأصغر " معتز" و لكن اتساع حدقتيه الواضح كان دليلا بتفاجئه بوجود شقيقه الأكبر" عمر" لا " معتز"........
تحولت نظراته المشتاقه له من عليه لتستقر على الأرض ، شاعرا بالخجل من رؤيته على الرغم من علمه ببراءته ،ظل على تلك الحالة لدقائق حتى قطعها صوت " عمر" ببحة امتلأت بالبكاء:" تقدم مني يا " رحيم" تقدم يا أخي..."
ارتفع ببصره ليستقر على وجهه، ليبكي بدموع خارجة عن إرادته ،مسرعاً لأحضان أخيه ... شدد من احتضانه باكيا كما لم يبكي من قبل، هامسا له بضعف ما رآه في هذا السجن منذ دخوله، شكى له مرارة الاتهام الباطل ،ثم شكى له ظُلمه عليه ، نعم لقد ظَلَمَهُ كما البقية ،و كان ظلمه أشد قسوة من ظلم الآخرين .......
خرج من أحضانه بعد مدة ليست بقصيرة، ليجلس جواره منتحبا ، ليربت الآخر على ظهره بحنان أخوي، طالبا منه الهدوء للتحدث ...!
انتظر هدوءه ليبدأ في سؤاله مباشرة تلك المرة عازما على عدم المغادرة دون معرفة كل شئ تلك المرة منه هو :" من كان معها في نهار يوم الحادثة يا رحيم ، أجبني بصدق بربك...؟!"
صمت للحظات قبل أن يجيبه عازما على إخباره بما يعتري جوفه من حقائق مُرَّة :" لقد كان " سفيان" لقد كان معها، آخذا إياها لرؤية أخيها" كريم" لقد كان معها و لست أنا كما رأيتني ،لقد كنت مارا بالصدفة من مكان وقوع الحادث في ذاك اليوم ،و لم أكن معها من البداية......!"
_________________________تطلع لصورته المنعكسة في المرآة ،مستندا بساعديه على حافة الحائط أمامه ،ماسحا بيديه دمعة حارقة لم يكن له الحكم عليها ...... يؤلمه رؤية صديقه هكذا ،و لكنه لا يملك الجرأة على البوح بما يعلمه في حقيقة موت شقيقته آراء ...
لقد رآها في يوم امتلئت فيه الأمطار و الرياح ، فأعجب بعفويتها و بسمتها الرائعة و هي مستندة على ذراع أخيها، ظل يراقبها من بعيد دون علمه بأنها شقيقة صديقه المختفية، حتى تحول إعجابه ل" مشاعر حب صادقة" فتقدم لخطبتها من أخيها، فكانت هناك الصدمة حين رؤيته لتلك الصورة المعلقة على الحائط و التي تماثل الصورة التي يحملها" كريم" ، فبدأت شكوكه تدور حول ذاك الموضوع حتى تيقن من أنها "آراء" أخته ،فتحدث معها بذاك الشأن فكانت استجابتها واضحة ، فأخذها لزيارة أخيها ، و لكنه لم يعلم بأنه سيكون هو العامل الرئيسي في عدم لقائها مع شقيقها للأبد....!
خرج من سكونه و الأفكار التي تدفقت بعنف في مخيلته، ليلقي رأسه في الماء ، سامحا لدموعه بالنزول على فراقها و الذنب المحمل على عاتقه ......
_________________________# يتبع
# يارا عصام
# و قالت
أنت تقرأ
نوفيلا " وقالت" بقلم'"يارا عصام أحمد"'
Mystery / Thrillerلعل ما حدث معه كان لمعرفة أن التعلق الزائد لا يجيد، لعله بسرد ما عاشته ترتوي روحه المتعلقة بحبال أُهلِكتْ بما فيه الكفاية، و لعله هو الحرف الثائر المفقود لتكتمل نهايتها.......! # نوفيلا # و قالت