عمري وأنت الجزء الأول من سلسلة وللعمر بقية-الفصل الأخير والخاتمة

979 36 8
                                    

نظرت للمرآة ولثوبها الأبيض الذي ينساب على قدها بنعومة بتطريزه الهادئ بالدانتيل حول منطقة الصدر والذي يمتد لذراعيها.. وتصفيفة شعرها البسيطة التي زينته بتاج من الزهور البيضاء.. وكما أمر المعلم لم يكن يظهر منها أي شيء.. مطت شفتيها وهي تتذكر قسمها بأن تشتري فستانًا ضيقًا وقصيرًا الذي حنثته ما أن رأت نفسها بهذا الثوب الذي توسلت لها نوارة أن ترتديه.. والمحتالة اختارته يناسبها تمامًا ليجعلها تبدو مبهرة وتتراجع عن قرارها باستفزازه.. التفتت تنظر لمروة بفستانها الأحمر الصارخ وتبرجها المبهر وتقى ونوارة البسيطتان بكل شيء.. وهي لا تصدق أنهن أصبحن صديقات رغم الفارق الواضح حتى بالثياب والتبرج.
:"تبدين رائعة يا آنسة"
قالتها نوارة فابتسمت لها قبل أن ترد مروة بخبث: "يا فتاة نادها باسمها. فهذا اللقب لن يصلح بعد اليوم"
وبينما كانت تضحك نوارة بشدة وتقى بخجل التفتت لذات العيون الجريئة وقالت: "أتمنى أن يرحمنا أي أحد من سلاطة لسانك قريبًا ويشغله بأمر آخر"
ازداد ضحك نوارة وتبعتها تقى.. بينما رفعت مروة يديها وهي ترد: "اسمع منها يا إلهي"
ثم نظرت لها واقتربت منها وابتسمت بخبث وهي تكمل: "لكن أنت سبقتني وستخبريني بكل ما سيحدث أليس كذلك؟"
ردت تغيظها: "بأحلامك إن أخبرتك بأي شيء!"
شهقت مروة بعنف ثم لكزتها بذراعها وهي تقول: "يا لك من خائنة وضيعة!"
لاعبت أصالة حاجبيها لتغيظها أكثر.. وفي اللحظة التالية دخلت سالمة التي كانت بالكاد توقفت عن البكاء.. وما منعها من البكاء مجددًا استغرابها لضحكات نوارة وتقى وسألتهما: "لم تضحكان بهذا الشكل؟"
ردت أصالة: "مروة أطلقت دعابة وحسب سالمة"
التفتت لمروة التي ابتسمت ببراءة فابتسمت لها سالمة هي الأخرى وردت: "العاقبة لك حبيبتي"
ارتفع حاجبي أصالة بينما ترى كيف ادعت المحتالة الخجل وهي تؤمن على كلامها!
:"أصالة زوجك يحذرك من الرقص أمام المدعوين"
أفاقت من ذهولها والتفتت لسالمة بحدة قبل أن ترد: "وما المشكلة إن رقصت؟!"
ردت سالمة بهدوء: "أنا أخبرته أن تجلسا بغرفة الجلوس المغلقة قليلًا وترقصا كما تريدان.. أهم شيء أنه لا يريد رؤية خصرك يتمايل.. وإلا فهو يحذرك سيحملك ككيس البطاطا إلى شقته دون اكتراث لأي شيء"
كزت على أسنانها بغضب بينما نظرت لها مروة وقالت بخبث: "اسمعي كلام زوجك أصالة ولا تغضبيه بيوم كهذا"
ضاقت عينيها وهي تنظر لها بتوعد.. وما أن سبقتها سالمة التفتت تتبعها وهمست بينما تخرج: "سأنتقم منك قريبًا!"
ردت بهمس مغيظ: "ليسمع منك الله يا حبيبتي"
وبالخلف كانت تقى ونوارة على وشك الإغماء من فرط الضحك.
***
وبعد ليلة طويلة من الرقص والضحك والغناء الذي لم تتوقع أن تمتلئ به ليلة زفافها.. فمنذ علمت أنها ستتزوج أمير سار كل شيء بسرعة.. وتوقعت أنها ستكون ليلة عادية لا تحمل أي بهجة.. لكن توقعها كان خاطئا وكان هذا بفضل المجنونتان نوارة ومروة اللتان لم تجلسا أو تتوقفا عن الرقص.. حمدت الله أن سالمة نظفت غرفة الجلوس وأفرغتها من الأثاث المتكدس بداخلها.. وها هي الآن بعد ليلة من المرح ودموع سالمة ورؤيتها لزوجها الغالي وهو يرقص باستخدام الأسلحة البيضاء مع رفاقه.. ها هي الآن تجلس على الأرض بغرفة النوم التي أعدها أمير لهما بشقته التي كانت معدة بكل وسائل الرفاهية.. بأثاثها الراقي الذي انبهرت برؤيته وتصاميمها الرائعة.. فعلى ما يبدو هو أعدها منذ زمن لتكون شقة الزوجية.. ورغم كل هذا كانت تشعر بفراغ رهيب وكل ما يتردد ببالها جملة قديمة لوالدتها: "ليلة زفافك ستكون اجمل ليلة بحياتنا"
ابتسمت بحزن وهي تتذكر كم الأشياء التي كانت تخبرها أنها ستفعلها هي ووالدها بليلة زفافها ولم يتسنى لهما أن يحققاها.. نظرت للسقف وهي تهمس بحزن: "الشيء الوحيد الذي أضمن لكما أنه تحقق أني كنت سعيدة دون أن أفهم السبب.. فقط ما كان يحزنني غيابكما عني"
ومع تلك الجملة الأخيرة لم تتمالك نفسها وبدأت بالبكاء.
***
دخل غرفة نومه ليجدها تجلس على الأرض بفستان الزفاف وتضع رأسها بين ساقيها.. فتحرك وجلس بجوارها.. وما أن سمع تنهيدة بكائها سألها: "لم البكاء الآن؟"
همست ببكاء: "تمنيت أن يكون والداي معي اليوم!"
تنهد ورد: "أجل.. وأنا أيضًا"
رفعت عينيها له فأكمل بدلًا عنها: "لكن هذا ليس سبب بكائك أصالة.. أنا أدرك هذا"
عقدت ذراعيها وسألته: "وماذا تخاله برأيك؟"
نظر لها قليلًا قبل أن يلتفت وينظر أمامه وقد استفزها تجاهله لها.. فلكزته بذراعه قائلة: "اخرج الآن أريد تبديل ثيابي.. وخذ معك وسادةً وغطاء"
التفت لها وبابتسامة ساخرة سألها: "لم يا حبيبة والدتك؟!"
نهضت وهي تمسح وجهها حامدة الله أنها أزالت مساحيق التجميل قبل أن ترد: "لأنك ستنام بالخارج ..ولا تأتي على ذكر والدتي يا هذا!"
نظر لها قليلًا قبل أن ينهض ويقول ببساطة: "هذا لن يحدث!"
اتسعت عيناها وبدت وكأنها مصدومة وهي تسأله: "لماذا؟!"
كان لا يصدق ما يحدث لكنه لم يكن سيتراجع ورد: "لأنه كما ترين فخامتك.. هذه غرفة نومي وأنت زوجتي.. ونحن بليلة زفافنا.. هذه العوامل تقود للفراش لا للأريكة"
شهقت بعنف وقالت: "هل تظن أنك ستلمسني؟!"
انعقد حاجبيه ورد: "لا أظن أني سأفعل شيئًا آخر!"
اتسعت عينيها أكثر وهي ترى الجدية تعلو ملامحه فارتبكت.. وهذه المرة فشلت بإخفاء ارتباكها وهي تقول: "من المفترض أن نأخذ بعض الوقت"
ضحك بخفة وقال: "حضرة الطبيبة.. بعرفي لا يوجد طريقة أفضل مما سنفعله لنتعرف على بعضنا"
هتفت باعتراض: "عرفك مخطئ!"
نظر لها قليلًا ثم ببساطة خلع سترته واقترب منها.. فتراجعت بتلقائية حتى اصطدمت بالجدار وأصبحت بينه وبين جسد أمير الطويل مفتول العضلات.. والذي بدوره كان يفك أزرار أكمامه ويقترب منها حتى التصق بها وقال بخفوت: "أنا أعرفك جيدا أصالة.. أعرفك أكثر مما تظنين"
كانت تتكئ على الحائط حتى شعرت أن جسدها سيحفر مكانه بداخله من فرط الضغط.. ثم وجدته يرفع إبهاما ويمسد به شفتيها وتلك الحركة البسيطة أشعلت حواسها.. لكن ما فعله تاليًا فجر براكينًا وأشعرها بحمم تجتاح رأسها.. لقد قبلها!. أول قبلة بحياتها.. وبأفضل أحلامها لم تكن تتخيل أن يقبلها أي أحد بهذه الرقة.. وبالتحديد كتلة العضلات المستخفة بها والهازئة من كل شيء.. شعرت بطعم حلو بفمها وانتقل فورًا لتشعر به بكل جزء من جسدها.. وكأن أنغامًا ساحرة انطلقت لتعبث ببشرتها الحساسة.. ابتعد عنها بعد ثوان ورغم  شعورها أنها ليست على الأرض وجدت نفسها تقول: "لكني لا أعرفك!"
فتحت عينيها بعدها لتجده يبتسم بسخرية.. بينما يداه تلتفان حولها لتنزل السحاب ببطء وهو يقول بنبرة شعرت أنها حزينة: "ستعرفينني عندما تريدين هذا أصالة"
وقبل أن تحاول تبين سبب هذا الحزن كان قد أسرها بين ذراعيه مشبعًا إياها تقبيلًا وأحضانًا كما وعدها بتلك الليلة.
***
باليوم التالي استيقظت على أصوات غريبة.. تجاهلتها بالبداية بسبب نعاسها.. لكن عندما تكررت فتحت عينيها وهي تحاول استيعاب ما يحدث.. وما أن استفاقت نظرت حولها بغرابة لتجد نفسها محاطة بذراعين قويتين وتواجهها أنفاس حارة لزوجها الذي كان يغط بنوم عميق.. اتسعت عيناها وكل ما حدث البارحة يضرب ذاكرتها.. وعندها نظرت للأسفل بتلقائية لتتأكد بأنها عارية وبذات اللحظة علت الأصوات من الخارج.. فانتفضت وابتلعت لعابها ثم ربتت على كتفه وهي تقول: "أمير استيقظ!"
لم تصدر عنه أي حركة فقامت بهزه بعنف وهي تقول: "أمير هل مت؟. استيقظ الآن!"
رد بنعاس: "كيف سأكون ميتًا واستيقظ يا هذه.. انتقي تعبيرك قبل إيقاظي"
كادت تهتف به لكن عاد الصوت يصدر مجددًا فانتفضت وهي تنظر للخارج بفزع
-: "لا تخافي"
التفتت تنظر له وجدته لازال مغمضا عينيه بينما يكمل: "هم فقط يزيلون أفرع الإضاءة"
تنهدت براحة عندها ثم نظرت له وقررت الانتقام منه تلفتت تنظر حولها إلى أن وجدت قميصه فالتقطته وارتدته بسرعة.. ثم جلست أمامه وبأقصى قوتها ضربته بساقيها بذات الوقت.. ولأنها باغتته فرغم ضخامة جسده إلا أنه سقط بالفعل عن الفراش وتأوه بعنف.. بينما انفجرت هي بالضحك على منظره ما أن سقط وهي تقول: "ليتني التقطت المشهد بهاتفي قبلها!"
وما أن استوعب أمير ما فعلته نهض ونظر لها بغيظ قبل أن يقول بحدة: "لم فعلت هذا يا ابنة المجانين؟!"
استقامت عندها ووضعت يدها بخصرها وهي تهتف: "من هي ابنة المجانين يا هذا؟!"
وقبل أن تكمل هتافها وجدتها يضع يده على فمها وهو يهمس: "هششش يا مجنونة سيسمع العمال والجيران صوتنا ماذا سيقولون عنا؟"
عضت يده فأبعدها فورًا وهو يكتم تأوهه.. بينما استلقت هي على الفراش وهي تضع ساقًا فوق الأخرى بينما ترد بخبث: "سيقولون عنك أنت لا أنا يا معلم"
نظر لساقيها العاريتين ورغم شعورها بالخجل إلا أنها ولسبب ما كانت تستمع بإغاظته رغم علمها بما سيؤول له الحال.. بينما عاد هو ينظر لها وهو يمسد إحدى ساقيها بكفه الضخم.. ثم انحنى عليها هامسًا: "وأنا من ظننتك مؤدبة!"
ردت بحدة: "مؤدبة رغما عنك!"
ثم عادت تسترخي وهي تكمل: "لكن إن لم تكن لاحظت أنا طبيبة وعمري ثمانية وعشرين عامًا.. لذا أملك بعض المعلومات العامة"
التفت ينظر لساقيها المثاليتان بينما يهمس: "معلومات عامة؟!"
ثم تحرك ليعلوها وهو يحرك كفه للأعلى ويخلع عنها قميصها وهو يرد: "بإمكاني إخراس الناس ما أن أجعلك حامل بأربعة توائم"
كانت وجنتاها تشتعلان كحال كل جسدها.. لكن ما أن سمعت جملته فتحت عينيها وقالت: "هذا مستحيل ليست بمقدرتك"
عندها اتسعت عيناه.. وفجأة سمعت صوت تمزق القميص وبه يرفعها لتقابله وهو يرد: "سأريك ما أنا قادر على فعله حالًا"
وقبل أن توضح كانت شفتيه تتملكان شفتيها بذات الطريقة الرقيقة الشهية ودفع جسدها لتستلقي مجددًا.. وبحركة تلقائية ودون أن تشعر وجدت نفسها تحيط جسده بذراعيها وهي لا تريده أن يتوقف.. لكنه ابتعد عنها لتتنفس وعندها انتهزت الفرصة وبأنفاس منقطعة قالت: "كنت أعني أن خريطة عائلتك الجينية لا تحوي أي توائم.. لذا ستكون نسبة أن تنجب توائم ضئيلة للغاية ليس ما فهمته"
كان ينظر لها وهو يحاول فك طلاسم كلماتها.. وقبل أن تحاول التوضيح رد: "لا أريد أن أعرف فحديثك لن يغير شيئًا"
مطت شفتيها وابتسمت بخبث وهي تقول: "أنت تتحجج يا معلم!"
لاعب حاجبيه بينما يهمس: "وهذا يعجبك يا قلب المعلم!"
ثم دفن رأسه بعنقها وهو يدغدغها بلسانه فانفجرت ضاحكة.. وآخر ما وعت عليه كانت همسته: "يا لك من مشاكسة!"
***
بعد مرور أسبوع
كانت تسير بجواره بالسوق التجاري وهي تقول: "لا يجب أن نشتري أي شيء لا نعلم مصدره حبيبي فالصحة لا تعوض"
مط شفتيه ورد: "كل هذا لأني طلبت أن أتناول الفسيخ (السمك البوري المملح)"
التفتت له وقالت: "سأطلب من سالمة أن تعده لك بنفسها كما كانت تفعل مع والدي"
عادت للنظر لما ستشتريه من معلبات بينما اقترب منها وهمس بقربها: "دعك من كل هذا.. المهم أن كلمة حبيبي منك هي أروع ما سمعته طيلة يومي"
التفتت تضع العلبة بالعربة وهي تبتسم له وترد: "أنا أقولها لك باستمرار"
دفع العربة وهو يهمس بقرب أذنها: "لا تكون بتلك العفوية" 
نظرت له بتحذير قبل أن تتحرك أمامه وهي تقول بخبث: "الفضل للموقف يا معلم" 
ضحك بينما يتبعها لكنه توقف ما أن سمع صوتا يأتي من خلفهم:
"أصالة.. هل هذه أنت؟"
التفتت ونظرت للمتقدم نحوها وابتسمت بهدوء وردت: "كيف الحال دكتور شاكر؟"
اقترب منهم قائلا بحفاوة: "كيف حالك؟"
ومد يده لها وقبل أن تفكر حتى بمد يدها وجدت يد أمير تسحب كفه.. وعندها تفاجأ شاكر من الرجل الغريب الذي قال بنبرة تحذيرية: "أمير عبدالغفار زوج أصالة"
شعرت ببعض الحرج للموقف لكن كان هناك سعادة غريبة تنتابها.. مع هذا تجاهلت الأمر وتدخلت لتلطيف الجو وهي تقول: "أمير دعني أعرفك الدكتور شاكر كان واحد من محاضريني"
أومأ ببرود فقامت بإحاطة ذراعه بيديها وقد حدث ما تمنته فقد هدأ قليلًا وتراجع عن تحفزه.. بينما ابتسمت هي وقالت: "دكتور شاكر هذا أمير زوجي"
ابتسم لها رغم أنه كان يشعر بالحرج ورد: "سمعت بالخبر وقد أسعدني كثيرا أصالة.. مبارك لكما"
:"أبي!"
التفتوا ينظرون للطفلة التي اقتربت منهم ووقفت بجوار شاكر.. وتشبثت بثيابه فقالت أصالة: "كيف حالك كندة؟"
ابتسمت لها بخجل وأومأت: "بخير"
نظرت له وقالت: "ما شاء الله كبرت"
بينما رد أمير بابتسامة: "ليبارك لك بها الله"
فتنهدت براحة وهي تحمد الله أن الطفلة ظهرت لتهدئ من غضبه.. بينما نظر لهما شاكر ورد: "شكرا لكما.. العاقبة لكما"
أومأ له قبل أن يودعاه بأدب ويغادران نحو آلة الدفع.
***
بقي صامتا طيلة الطريق وقد فهمت السبب.. فمن حديثها مع شاكر فهم أن زوجته متوفاة.. كما أنها سألته عن العمل فقال بعض المصطلحات التي بالتأكيد لم يفهم منها أمير أي شيء.. لذا بقي صامتا وقد كان موقفًا سخيفًا وهي تعلم هذا.. لكنها لم تلحظ إلا عندما طال الصمت بعد أن غادرا.. وصلا للشارع وكان به بعض السيارات فقال: " انزلي أنت أصالة.. سأركن السيارة بالشارع المجاور"
أومأت له وأخذت الأكياس وهبطت تسير نحو المنزل.. لتجد أن صديقه المحامي رامي يقف بجوار أنور فقررت إلقاء التحية واقتربت تقول: "مرحبا"
التفتا لها وابتسما بينما رد أنور: "مرحبا سيدتي أين المعلم؟"
كادت ترد لكن نفير إحدى السيارات الواقفة تعالى فتحرك أنور نحوها بينما قال رامي: "أنا أسعى لإيجاد حل لا تقلقي"
انعقد حاجبيها وردت: "عفوا؟!"
ابتسم لها وقال: "بشأن إعادتك للنقابة ومزاولة المهنة"
تجمدت ملامحها بصدمة بينما أكمل : "الأمر صعب لكن أنا أحاول أيجاد حل مع أمير.. وسنجده بإذن الله"
كانت لا تصدق ما سمعته لكنها ابتسمت بهدوء وشكرته.. قبل أن تستأذن وتغادر وهي مذهولة..
***
استيقظت في الصباح التالي والذي كان يوم الإجازة لتكتشف أنه ليس بجوارها.. انعقد حاجبيها بينما تمسد جبهتها لتتذكر أنه حادثها في المساء وأخبرها أنه سيتأخر وهي غلبها النعاس.. تثاءبت ونهضت من الفراش واتجهت للحمام الملحق بغرفتها واغتسلت.. وما أن خرجت سمعت صوت التلفاز فخرجت من الغرفة نحو غرفة الجلوس.. لتجده يجلس على الأريكة المواجهة للتلفاز وبجواره النارجيلة كالعادة  فتحركت نحوه.. وما أن وقفت أمامه ابتسم قائلًا: "صباح الخير حضرة السفيرة"
تأففت بحنق وردت: "أنا لست سفيرة أمير أنا طبيبة.. ولا أعلم كم مرة سأخبرك أن ما تفعله الآن يضر بصحتك!"
رافقت جملتها بالإشارة إلى النارجيلة فقال: "ما بها النارجيلة.. إنها ليست سجائر!"
حركت عينيها بضجر قبل أن ترد بتوضيح: "ليست سجائر هي أسوأ.. ذلك النفس الذي تمتصه يعادل مائة نفس من السجائر العادية تقريبًا.. إضافة أنه يسبب أمراضا إضافية كالالتهاب الكبدي بالإضافة للسرطانات!"
كان ينظر لها بعينين مفتوحتين على اتساعهما.. ثم انعقد حاجبيه وهو ينظر للنارجيلة ثم ابتسم وتركها بجواره.. قبل أن يلتفت لها وبلمح البصر سحبها لتقترب منه.. وقبل أن تفتح فمها وجدته يدفن وجهه بصدرها قائلا: "لم أفهم من هذا الكلام سوى أنك خائفة علي"
حاربت تلك الابتسامة التي تريد الظهور على وجهها بصعوبة قبل إن ترد: "توقف عن حركاتك تلك.. أنا أتحدث بجدية"
رد: "وأنا استمع"
ثم بقي بمكانه بعدها فتنهدت ورغمًا عنها ابتسمت تقول: "واضح"
نظر لها عندها فتنهدت وردت: "أعلم أنك لن تستمع لي.. لكني طبيبة وواجبي أن أحذرك"
خفتت ابتسامته قليلًا فعلمت أنها أخطأت لكنه تنهد وقال: "سأعتبر أني لم استمع لجملتك الأخيرة"
عاد لاحتضانها مجددًا وهي لم تستطع الحركة بينما تفكر بما يجب قوله لتصحح غباء تلك الجملة.. لكن الحديث أتى منه عندما قال: "أنا لم أقصد إحراجك أصالة"
مطت شفتيها قبل أن ترد: "أعلم أمير.. أنا أتفهم عاداتك"
نظر لها فأكملت: "لكن صدقني هو لم يقصد.. هو فقط معتاد على مصافحتي"
عاد لدفن رأسه بصدرها قبل أن يقول: "لا يجب أن يلمسك أحد غيري أصالة"
شعرت أنها تتعامل مع طفل متذمر.. لذا ابتسمت ووضعت يدها بشعره وربتت على رأسه قائلة: "لن تتكرر يا معلم أمير أعدك"
اهتزت رأسه فعلمت أنه يضحك بخفوت.. قبل أن يجلسها بجواره ويسحبها نحوه ويده تمتد أسفل ثيابها.. وهو يحرك كفه على ساقيها إلى أن وصل لأردافها.. وعندها انتفضت وهتفت: "أمير!"
نظر لها عندها بابتسامة خبيثة فضاقت عينيها وهمست: "يا لك من مخادع!"
بقيت تنظر له قبل أن تكمل: "لم تريد إعادتي للعمل أمير؟"
ارتفع حاجباه ثم تذكر وجود رامي البارحة وفهم من أين عرفت ثم رد: "لأنك تريدين هذا"
سألته بتلقائية: "وماذا عَمَ تريده أنت؟"
ابتسم لها ذات الابتسامة التي أسرت قلبها منذ اللحظة الأولى التي رأته بها بينما يرد: "أنا أريد ما تريدينه أنت.. وسأكون سعيد ما دمت بجواري سعيدة"
ملأت الدموع عينيها وقالت: "قد لا تصدقني لكني لن أحزن إن لم أعد للوظيفة"
انعقد حاجبيه وسألها: "لماذا؟!"
ردت ببساطة: "لأن والدة نوارة كانت محقة.. فقد أرسل الله لي عوضي عن كل ما فقدته"

تجمدت ابتسامته لثانية  وبدا مصدومًا وسعيدًا من كلامها بذات الوقت.. فضحكت بخفة ثم احتضنته وهي تقول: "هل أخبرتك قبل الآن أني أحبك أكثر من أي شيء على هذه الأرض؟"
بقي على صدمته لثوان طويلة قبل أن يضع جبهته على جبهتها ويهمس بأنفاس مثقلة: "هل أخبرتك قبل الآن أنكِ أروع ما تمنيته وأغلى ما امتلكته يومًا؟"
***
***
الخاتمة
بيوم زفاف أمير وأصالة...
تحركت نوارة ناحية المطبخ لتجلب المزيد من علب المياه الغازية.. وبينما كانت تخرج كادت أن تصطدم بشخص ما لكنه تفاداها باللحظة الأخيرة.. فأسرعت بالاعتذار: "أنا حقا آسفة فقد كنت على عجلة"
التفت ينظر لها وحدق بها لثوان قبل أن يرد: "أنت نوارة أليس كذلك؟"
كانت قد عرفته فورا وابتلعت لعابها برعب بينما تقول: "أجـ... أجل أنا هي.. كيف حالك يا معلم سعد؟"
ابتسم لها ورد: "الحمد لله بخير.. كيف حالك أنتِ؟"
ارتبكت وهي تشعر أنها ستسقط من فرط الرعب إلى أن سمعت صوت نداء باسمها أنقذها.. فاعتذرت وتحركت تغادر المكان تاركة إياه يحدق بأثرها بافتتان هامسًا: "متى كبرت تلك الصغيرة الفاتنة؟"
***
تم الجزء الأول والحمد لله
لو عاوزني أبدأ تنزيل الجزء الثاني من بكرة ياريت تكتبولي في الكومنتات 🤗
وكل سنة وانتوا طيبين ❤🌹

🎉 لقد انتهيت من قراءة عمري وأنت الجزء الأول من سلسلة وللعمر بقية- مكتملة 🎉
عمري وأنت الجزء الأول من سلسلة وللعمر بقية- مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن