فتحت الباب، وجدت شعره مبعثرا، وتحت عينينه هالات سوداء، وشكله مرهق لأقصى حد.
ردد عليها ماقال:
-بحبك يا (ليلى)، عشان كده كنت ببعد عنك، خايف مشاعري تغلبني، واضطر أقولك كل حاجة.
هزت رأسها بقوة، وقالت بعصبية:
-كفاية عليا اعترافات لحد كده، مش عاوزة اسمع حاجة تاني.
-حاضر، هسكت خالص، بس لازم تاكلي وتتكلمي، لو عاوزة تروحي عند (نانسي) أو عاوزة تروحي لأي حد....
قاطعته بعصبية:
-مين هيرضى يعرفني تاني بعد ما يعرفوا أهلى مين.
رن جرس باب المنزل في تلك اللحظة، فتح (حسام) الباب، تفاجأت (نانسي) بمنظره، كان شكله يرثى له.
-هي فين (ليلى)؟ طنط كلمتني إمبارح وأنتم في المستشفى وقالت لي كل حاجة.
-أنا هنا يا (نانسي).
كانت تمشي مترنحة، جرت عليها صديقتها واحتضنتها بقوة، وبكت بشدة:
-(ليلى)، انا عاوزاكِ تتكلمي معايا وتقولي كل اللي جواكي، مش همشي من هنا غير أما أطمن عليكِ.
قال (حسام) في قلق:
-مش راضية تاكل.
-لأ يا (ليلى) الأكل ملوش دعوة، نفطر وندخل نتكلم.
-لأ مليش نفس للأكل.
- لأ، هنفطر كلنا، واضح إن (حسام) لا أكل ولا نام هو كمان.
قال (حسام) وهو متجها إلى المطبخ:
-هدخل احضر الفطار.***
استيقظ (مجدي) و(هدى)، وانضموا للمائدة، كان الجميع غير قادر على تناول الطعام بصورة طبيعية، والصمت يسود المشهد، وكانت (ليلى) تقضم الطعام بشرود، و(حسام) يراقبها بإهتمام، كانت نظراته لها غريبة أثارت شكوك (نانسي).
بعد انتهاء الفطار دخلت (نانسي) مع صديقتها لغرفتها، وظلا يتحدثان قرابة الخمس ساعات.
-يابنتي تمشي تروحي فين؟ طول عمرك عايشة معاهم، مفيش حد شك لحظة إنك غريبة عنهم.
-بس أنا مش بنتهم، وبعدين هروح في أي حتة عادي.
-ماتيجي عندي، مفيش غيري أنا وماما و(هدير) و (شيماء).
- لأ، أنا عاوزة اقعد في مكان لوحدي، مش عاوزة اشوف ناس.
-الوقت ده بالذات لازم تسيبي الناس تكون جنبك، عشان تقدري تخرجي من اللي أنتِ فيه بسرعة، وبعدين الناس دول لو كانوا وحشين كانوا اتخلوا عنك، بس ربوكي واهتموا بيكِ، وخاصة (حسام) كان....
وصمتت، لم تعرف بماذا تكمل جملتها.
قالت (ليلى) في حنق:
-(حسام) ده أكتر واحد بكرهه.
-حرام عليكي، ده شكله هيموت، أول مرة اشوفه بالمنظر ده، شكله تعبان أكتر منك، هو اللي محتاج يتعالج.
-هو خسران إيه؟ هو عارف أهله على الأقل، ومش مكسوف منهم، ولا محتاج يتدارى من الناس.
-اقصد أنه تعبان عشان شايفك كده، وبعدين مالك ومال الناس، هما مش عاجبهم حد، إحنا بنحبك وهنفضل نحبك مفيش حاجة اتغيرت، مفيش حد بيختار أهله، ومش ذنبك أبدا إنهم كده.***
في غرفة والديه كان (حسام) جالسا معهم، قال في حزم:
-أنا بحب (ليلى) وعاوز أتجوزها، عارف ده مش وقت الكلام ده، لكن أنا مش قادر اخبي أكتر من كده.
صمت والده، بينما قالت والدته في غضب:
-تتجوزها؟ أنت بالذات مينفعش تطلب كده، عشان عارف كويس جدا أهلها مين، ودي حاجة أنا مش موافقة عليها.
-طول عمرك بتحبيها يا ماما، ليه ترفضي؟
-عشان أهلها مجرمين، وهتقول لولادك إيه أما يسألوا عنهم؟
-هقولهم الحقيقة، عشان مش فارق معايا غير (ليلى)، أنا عارفها كويس، دي ملاك، مش هنعاقبها بذنب أهلها، هما خدوا جزاؤهم، مش هنعاقب احنا كمان، دي مش بتاعتنا.
تنهد الأب، قائلا:
-ابني عنده حق، احنا أكتر ناس عارفين أخلاقها، مينفعش نعاقبها على ذنب ملهاش علاقة بيه.
زفر في قوة وأكمل:
-بس ده مش وقته يا ابني، هي بتعاني دلوقتي، مش لازم تشتتها أكتر.