حمام العروس

146 8 0
                                    

لم يدري أي شيءٍ بعدها، لم يدري كم مر عليـه من الوقت حتى سمع صرير باب البيت يُفتح ليُعقبـه صوت إغلاقـه وقهقهات زوجتـه وهي تُخاطب وتُضاحك صغيرهما الذي رزقهما به الله منذ سنتين اثنتين وبعد زواجهما بثلاثة أعوامٍ.

 

ولجت إلى غرفتـها لتراه على تلك الحال فارتسمت على وجهها الحيرة والقلق، خطت نحوه ووضعت يدها على كتفـه، ثم انحنت بجذعها إليـه لتسأله بصوتٍ خائفٍ مرتبك:

 

-ما الأمر؟ ماذا بك يا إسماعيـل؟

 

لم يُجيبها، ظلّ على هيئتـه يُحدق في الفراغ والعرق يتصبب على وجهـه الشاحب وجسده الساكن تمامًا.

 

مدت يدها لتتحسس جبهتـه فلم تجد بـه حرارة فهزّتـه وكررت سؤالها ببكاءٍ وارتيـاع:

 

-ما الذي أصابـك يا إسماعيـل! بالله عليك أجبني!

 

لكنـه لم يُجب؛ فارتمت إلى جواره وأخذت تعول وتولول بعد أن بدا لها وكأنـه قد أصابـه الشلل.

 

مُذ تلك الليلة وبات الرجل طريحًا فراشـه، واحتارت امرأتـه في مصابـه أكثر عندما وجدتـه يُقاومها لو حاولت جذب دثاره عنـه؛ فإن لم يكن شلل! أمسّـه من الشيطان مسّ أم رأى عفريتًا!؟

 

مرت أيام، ثم أسابيع، ثم خرجت رائحتـه العفنـة المكتومة من تجاويـف جسده الذي هزل وتدلىٰ، وهي لا تملك من الأمر، الذي لا تدركه، إلا أن تجلس على عتبة غرفتـه تُطالعـه على مضجعه ودموعـها تنسكب على وجنتيها، تضرب كفًا على كفٍ وأحيانًا على وجهها، وأمها تزورها كل عدة أيام فتواسيها وتحاول إسكاتها عن عويلها مرة، ومرة تشاركها البكاء على حال رجلها.

حمام العروس - ندىٰ فرج - قصة قصيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن