لم أعلم كم بقيت على تلك الحالة لكني بكيت كثيرًا وصرخت حانقًا عدة مرات، صفعت الأصفاد بيدي بقوة وكأن كل هذا الغضب سيعيدها لي، أغلقت عيني بتعب وهمست بصوت متحشرج.
«لم يكن رائد الشخص الوحيد الذي خدعك، ولم يكن الوحيد من صنعك مثله تمامًا.»
نظرت إلى قبضته المشتدة وهمست.
«وعدتني أن ننتقم منه وألا ندعه يقتل أحدًا مجددًا، لكن الوعود وحدها لا تكفي لتخفي حقيقة أنك أنتَ وهو ذات الحكم.»
رفعت عينَي لخاصته قائلًا بثبات:
«إن أكبر جريمة يمكن لأي إنسان أن يرتكبها، كائنًا من كان هي أن يعتقد ولو للحظة أن ضعف الآخرين وأخطاءهم هي التي تشكل حقه في الوجود على حسابهم وهي التي تبرر له أخطائه وجرائمه.»
ابتسم بشرود ينظر بعيدًا، وكلانا تذكر أن هذه الكلمات تشبه خاصة أبي بشدة.
«كنا جميعًا نراك مختلفًا، لكنك ارتكبت الكثير من الأخطاء باتباع أمثال رائد، أعترف لا تشبهه أنا أعلم هذا، لكنك لا تسير بطريق صحيح.»
همست بمرارة:
«حلم كلانا بحكم أفضل، انتظرتك دومًا لتخلص هذه المملكة منه، لكنك ضعيف للغاية على الحكم، وهذا عيبك الوحيد، تهرب كثيرًا من حقيقة أنك الملك، وتظن أن الاختفاء خلف أتباعك سيحميك، محاولتك أن تبرر موت فايا بضعفك لن يشفع لك، ماضيك وأخطاءك بالحكم لن تعيدها إلي، ولن تعيدك قيصر الذي أعرفه.»
فككت الأصفاد بخفة بالمفتاح الذي رماه لي، وسحبت عصاي أقف بخفة ألتفت لأعود، لم يتحرك من مكانه، وأنا لم أود الالتفات أبدًا، عقدت حاجبي بسبب ظل رجل عجوز يتقدم حيث أقف، تيبست لأن سلاحًا يرتكز بيده، وقف قيصر خلفي يناظر الرجل بهدوء، أما الآخر حين رآه جن جنونه وتقدم بسرعة ناحيته يوجه السلاح بشكل زائغ، هل تتبعنا؟
«لقد قتلت حفيدي الوحيد! لقد مات بسبب ظلمك وأنا لن أرحمك!»
صرخ بكلماته غاضبًا وأكمل اقترابه بالسلاح لأشعر بخطورة الموقف.
«منذ ثلاثة أيام لم يغمض جفن لي وأنا أرجو حراسك لأن يروني إياه لكنهم طردوني هازئين، لقد أعدته إلي جثة، ولن أنام الليلة قبل أن أعيدك لهذا القصر جثة هامدة!»
نظرت لقيصر بطرف عيني وكأني أخبره أن هذا ما قصدته تمامًا بحكمه الغافل عنه وهو وراء أمثال رائد، لم يلفظ بأية كلمة أما أنا مسحت المكان بعيني خوفًا أن يكون هناك أحد ما غيره لكن المكان خالٍ تمامًا حتى من الحراس!
سحب الزناد لألتفت سريعًا للعجوز وأرفع يدي أهدئه.
«اهدأ سنعيد كل شيء لنصابه الصحيح!»
«هل ستعيد إلي حفيدي! هل ستعيده يا هذا!»
اقترب سلاحه يلصقه بصدري وهو ينظر بجنون لي، تبًا، نظرت لقيصر وللسلاح على الطاولة، لكنه لم يتزحزح وعيناه ترتكزان على العجوز بصمت، ما الذي يفكر به الآن!
أنت تقرأ
منفى
Romanceابتلعني المنفى مرتين، وظننتُ أن موتك هو النهاية الثقيلة جدًا لكل شيء، وأن كابوس ذهابك هو الوحيد، لكنها لم تنتهِ.. بل كانت بداية ثورة حارقة لعرش مملكة زائفة. «عزفوا على جثتك بالموت، فثارت أنغامك تعيدهم إلى حبل المشنقة.»