|انتقام حزين|

43 7 8
                                    

نفضت يدي من خاصة الجندي أسير بعرج على عصاي وملامحي ثابتة، الثلاث رجال حولي مترقبون بشدة وكأني سأستطيع الهرب وأنا بتلك الحالة! ويالحقارة دائرة الحياة التي تدور بي وكأني لعبتها الوحيدة، منذ شهر ونصف وحسب كنت أقود المذنبين إلى السجون، وها أنا ذا أسير على يد جنود ينظرون لي نظرة مجرم.

نفخت أنفاسي بقهر وشتمت رواد في رأسي مئات المرات، لقد انتهى الأمر بأن يسود الصمت بالمكان بعد جملة تلك الامرأة، وحالما تدافعوا ليسحبوه كنت قد اعترفت بأني من اختطفت ذاك الطفل الثرثار متجاهلًا نظرات رواد المستنكرة أسير معهم دون أن أوضح أكثر، لم أود أن يأخذوه على كل حال ولو أذنب بالفعل، مهما كانت أسبابه لاختطاف طفل من الحفل بالفعل، لم أود أن يذهب بعيدًا أو أن يأذى، أعترف، إن رواد يعني لي بشدة، وطبعي الذي يود حماية ما يخصني لن يتركني أبدًا.

الأحصنة من بعيد تراءت لي لأنفخ براحة، على الأقل لن نسير أكثر! شاب بجانب الأحصنة الثلاث ظهر لي لأعقد حاجبي بتذكر، أظن أني رأيته بكتيبتي يومًا، ابتسم لي بخفة واحترام لأردها بواحدة مقتضبة، أمر بصرامة للآخرين بجانبي.

«سأتولى الباقي.»

ابتعدوا ليقترب مني قائلًا بهدوء:

«الملك طلب أن آتي بك حين معرفته أنك خاطف الطفل، سيتم التحقيق على يده.»

الكلمة الأولى رنت في عقلي كضجيج صاخب، وحدقتي اسودت بجمود، قيصر..

صعدت بصعوبة على الحصان، سرت خلف الفتى بهدوء، وملامحي لا تقل برودًا عن قلبي، هذه الكلمات أراد إيصالها خصيصًا لي ليجعل من عقلي حفلًا صاخبًا ريثما نصل، ينجح دومًا بزعزعتي وخلق مرارة باردة في حلقي، ابتسمت فجأة بسخرية، لا يعلم أني من انتظرته كثيرًا، إن هذه الفرصة جوهرة ثمينة لن أضيعها سوى وأنا أروي الغراب الجاثم على قبر فايا.

الشاب لم يلتفت لي، وكأنه يثق أن تلك الكلمات ستجعلني من أقوده له وليس العكس، داخلي أراد أن يركض بكل سرعته ليصل إليه، لكن القدر يسخر مني مجددًا ويريد طبخي على نار هادئة.

بعد مدة بدأت ملامح الطريق تتضح لي شيئًا فشيئًا، بعض المنحدرات الضيقة الطويلة قادتنا إلى باحة واسعة بمرج أخضر وسقف سوداء من الحجارة مثبتة بأعمدة فقط تتوسط المكان، تحتها مباشرة كرسيين وطاولة حديدية، المكان لا تحيطه أية أماكن سكنية، فقط غابة قريبة والطريق الأعوج الذي نسلكه من الجهة الأخرى، لم يكن غريبًا عني فهذا المكان يتم استجواب به المحكومين بالإعدام لآخر مرة، ثم يتم دفنهم داخل الغابة في حال لم تثبت براءتهم.

عيناي لمعت بشيء من الإنتقام حالما ظهر لي على الكرسي، يجلس دون حراك والرداء الأسود الملكي لا يفارقه، لطالما تساءلت عن تغييره للون الرداء الأبيض الخاص بالملوك السابقين بآخر أسود، لكنه لم يكن الشيء الوحيد الذي تغير به لذا هذا لن يستوقفني.

منفىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن