اندفع للخارج حالما رآه يحط من على الحصان بتعب، منذ ذهابه البارحة وهو يشعر أن الوحدة عادت إليه سريعًا، كما أن الليل قد انتصف والقلق أخذ منه ما أخذ، مهما أنكر لقد اعتاد وجوده معه بشدة، قبل حتى أن يخطو دريد إليه كان قد عانقه يقول بصوت غاضب:
«سأطردك من منزلي، أرعن!»
أما الآخر قد تجمد لأن رواد قد عانقه، هل هو قلق عليه بالفعل! هو يدرك أن رواد عجوز قابله بصدفة عجيبة، وأنهما عاشا سويًا بضعة أسابيع فقط، لكن لم الآن يشعر بأن رائحة والده تفوح منه؟
«تطردني باليوم خمس مرات.»
همهم بتبرم وابتسامة خافتة تشق محياه، في البداية كانت تلك الكلمات تشكل رادعًا لكرامته وتشعره بالضيق الشديد، لذلك حاول بالأسابيع الأولى بأن يغادر هذا المنزل، لكنه كان يعود إليه بذات اللحظة حينما تسد كافة الطرق بوجهه، أما الآن فإن حاول رواد حتى جره للخارج فهو سيبقى هنا حتى النهاية.
رمى جسده على الأريكة حالما دخلا ليصرخ الأكبر به.
«بدل ملابسك المتسخة أيها النتن، أتظن أن الأريكة أتتني مجانية!»
تململ الآخر بتعب واضح متجاهلًا صراخه المزعج، اقترب رواد يسحبه إلى الغرفة لكنه توقف فجأة يعقد حاجبيه.
«هل هذه دماء؟»
نظر حيث ينظر ليجد أن دماء قيصر قد جفت عليه، همهم يسحب الكأس من يده وارتشف الأعشاب، لا يصدق أنه قد اعتاد هذه الأشياء المُرة.
«ليست لي.»
«قاتل، وتعانق النساء في الليل.»
أعاد دريد ظهره على الأريكة بنظرة ثاقبة للآخر، ودون أي رد فعل صاخب قال:
«على الأقل لم أخطف طفل إحدى الأثرياء.»
لم يبدو عليه التأثر بكلمات دريد وحتى لم يبرر له أيًا مما حدث، قال بشكل استفز دريد لتفادي الموضوع الأصلي.
«ما الذي حدث عند ذهابك.»
أغلق دريد عينيه يتمالك أعصابه وأجاب:
«قابلت الملك، ووضعنا النقاط على الحروف.»
نظر رواد له بصمت، ملامحه لا تبدو وكأن الحقائق كانت جيدة للغاية، لكنه يدرك قصة دريد بالفعل، راكان قد أجابه على الكثير من الأسئلة التي دارت برأسه عن الشاب الذي أتى به مرميًا بدمائه على أعتاب القرية.
«لم نذكر حوار الطفل أبدًا، أنتظرك أنت لتخبرني عنه.»
قول دريد بشفافية جعل رواد يرتشف من الكأس الساخن بصمت وهو يفكر، لم يحب يومًا أن يتكلم عن نفسه، وخاصةً عن الماضي.
«إن الاشياء التي نهرب منها ستبقى تلاحقنا حتى نستدير ونواجهها.»
دريد همس وهو يحرك الكأس الفارغ بيده، نظر لملامح رواد الصامتة بخفوت، رفع دريد رأسه إلى النافذة الكبيرة وناظر السماء في تلك اللحظة، لا يصدق أن مجرد شاب سيجعله يعود لكل تلك الذكريات المتراكمة على قلبه.
![](https://img.wattpad.com/cover/305518152-288-k446113.jpg)
أنت تقرأ
منفى
Romanceابتلعني المنفى مرتين، وظننتُ أن موتك هو النهاية الثقيلة جدًا لكل شيء، وأن كابوس ذهابك هو الوحيد، لكنها لم تنتهِ.. بل كانت بداية ثورة حارقة لعرش مملكة زائفة. «عزفوا على جثتك بالموت، فثارت أنغامك تعيدهم إلى حبل المشنقة.»