الفصل الأول(الكابوس)

855 59 20
                                    

"قومى بإتباع حدسك، لا تخافي، لا تستسلمي، تحدى الصعاب وأكملي، نحن معك، جميع الشافيات معكِ، لا تخافى يا وجد"

إستيقظت فزعة من نومها، فها هو ذلك الحلم يتكرر للمرة المئة خلال ذلك الشهر، نظرت أمامها باعين زائغة والعرق يتصبب من جبينها، ظلت تنظر إلى أثاث غرفتها ذلك المقعد السماوى أمام فراشها السماوى مثله، وبجانبه تلك النافذة الكبيرة، وبجانب فراشها ذلك المكتب الصغير ومن الجانب الأخر لفراشها باب الغرفة ذو اللون الأبيض، كانت تلك هى التفاصيل التى تنظر لها دائما عندما تستيقظ من ذلك الكابوس كما سمته، كانت وكأنها تستكشف غرفتها من البداية، لم تستطيع الخروج من حالة التشتت تلك إلا عندما دلف شقيقها البالغ من عمره سبعة عشر عامًا وهو يضحك ويقول
"وجد هيا لقد أصبح الفطور جاهز"

نظرت له وجد ببعض التشتت و أومأت بهدوء؛ لينظر لها بحب ويقول
"أهو ذلك الحلم مرة أخرى؟"

أومأت بتعب وهى تمسح وجهها بيدها وقالت بدون أن تنظر لأخيها
"إنه كابوس يا إبرار لا تقول حلم مرة أخرى"

نظر لها بحب وقال وهو يسحبها من يدها لكى تقف
"لا لا تقولى ذلك هل يمكن لشافية أن ترى كابوسًا؟!!"

ضحكت وجد و وقفت بجانب إبرار؛ ليحاوط خصرها بيده لتفعل هى مثله ويخرجوا من غرفتها و يهبطوا الدرج؛ ليجدوا والدتهم تخرج من غرفة المطبخ وتضع بعض الطعام على المائدة بوجه المطبخ؛ لتنظر وجد إلى أخيها و تقول
"هذه المرة أنا من سيأكل بجانب أبى"

اومأ إبرار بهدوء ثم قال بسرعة شديدة وهو يشير وراء وجد
" انظري سريعًا إن شقيقتك تقع"

نظرت وجد سريعًا ورائها؛ لتجد أنه لا يوجد شىء وأن إبرار قد سبقها وجلس بجانب مقعد والدها؛ لتنظر له بغضب و تقول
"حسنًا لنرى من سوف يعالجك عندما تنجرح"

ضحك بشدة وضحكت والدتهم وقالت وهى تنظر إلى ابنتها فى فخر
"إنكِ كنز من الله يا صغيرتى"

ابتسمت وجد وقامت بإحتضان والدتها لينظر لهم إبرار ويقول
"حسنًا اسمحوا لى أن أقوم بقطع عنقى الأن"

ضحكت الأم وذهبت له وقامت بإحتضانه؛ لينظر لها بحب و يقبلها من جبينها ويسحب وجد إلى أحضانه مرة أخرى

بينما فى مكان أخر بعيدًا بشدة عن ذلك المنزل الملئ بالحب خاصة فى الجهة الغربية لمدينة حيذران، نجد شاب فى بداية عقده الثانى يجلس أمام تلك الطاولة المتهالكة ويأكل ذلك الطعام البأت، وحيد، لا يعرفه الكثيرون، يشاهد كعادتة بيته الذى من صُنع يده او للدقة هو من صُنع والده، كان بيته كهف بداخل جبل، وضع والده بابًا له و بعض الأثاث ولكن ذلك لن يمنع أنه كهف بنافذة صغيرة تبعث النور لداخله، كان يجلس على الطاولة ينظر إلى ذلك المقعد المتهالك أمامه وتلك الطاولة بجانب المقعد و إلى تلك الحوائط الصخرية، كم كان يتمنى أن يكون له عائلة، شقيق يكبره و أم تحبه وأب يرعاه، شعر بالغضب كعادته؛ ليقف سريعًا ويذهب إلى إحدى الغرف والتى كان الباب خاصتها عبارة عن قضبان عديدة، أغلق ذلك الشاب الباب من خلفه و وقع أرضًا يلهث وقد سال لعابه و بدأ فى التعرق بشدة وذلك الصوت يخرج منه، حاول التحكم بنفسه ولكنه فشل كالعادة، ليبدأ فى الزمجرة وبعد دقائق لقد ظهرعليه فراء كثيف و أنف مدبب وأعين مثل أعين الذئب، ولم يكن سوا ذئبًا بشري، ظلت تلك الأفكار تراوده عن مقتل والده، ظل يتألم بشدة وهو يعوي ويتخبط فى كل شىء حوله ولكن لم يكن ليسمعه احدًا فالكهف الذى يسكن فيه على حدود المدينة حيث لا أحد يسكن، ظل ذلك المسكين هكذا وكان يستمع إلى ذلك الكلام الذى لا يفهمه ولا يفهم مغزاه
"لا تخف يا بُنى، تحمل يا صغير، سوف يأتى النور قريبًا، لقد تبقى القليل على نهاية ذلك الألم، فقط تحمل معنا، جميع المستذئبين معك"
ظل ذلك الصوت معه إلى أن تحول إلى هيئته البشرية؛ ليأخذ نفسه بتعب ويقف من على الأرض ويقوم بالذهاب إلى تلك الملابس فى وجهه فهو دائما ما يضع ملابس إحتياطية فى تلك الغرفة، وقام بإرتدائها ثم وقع أرضًا لا يقدر على الحركة، فكم يتمنى أن يتخلص من حياته تلك، ولكن هل سيستمر حزنه أم أن للقدر رأي أخر؟

الأسطورة المنسيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن