-٥-

66 9 117
                                    

الخامس والعشرون من نوفمبر، يوم ميلاد كلارا.

مُتكأة على حافةِ سورِ السَطح تُراقبُ الحضورَ المُتواجدونَ مِن الأَعلى، كثيرونَ هُم وجَميعُهم مِن النُبلاء وأثرَى الأثرِياء.

كانَت تُشاهد البَدلات الرَسمية بمُختلفِ ألوانِها والفَساتين الأنيقةِ وتسريحاتِ الشَعر والحُلي والمُجوهراتِ لكُل مَن في الفناءِ، ثُم تُقارنها بثيابِ نومِها الزَرقاء بقهرٍ شَديد، تودَ لَو أنّها منِهم لمرةٍ واحدةٍ على الأقَل.

تتَردد كلِمات كلارا في ذِهنها كُلما همَّت بارتداءِ فُستانها الوَحيد والنُزول تمامًا كما نطقَتها منذُ يَومين: «أعلمُ أنها تعيشُ معَنا ولَكني لا أريدُها! ساره متوحدةٌ ومنبوذةٌ وستُحرجني، وقد تخطفُ الأضواءَ مِني وهيَ حَفلتي أنا!»

كانَ الحديثُ معَ جون وبقيَ صامتًا يومَها، لمْ تَدري أهوَ يوافِقها أم ألجَمت الصدمةُ لسانَه؟

وبأيّ حالٍ لم توافِقها كارمِن ولكنّها اليومَ أصرَت بعدمِ رغبتِها في الحضورِ لتَتباهى كلارا كما تشاءُ دونَ أن تُزعجها، لا تَدري تلكَ الشقراءُ أنها كانَت لتكونَ أولَ حفلةِ ميلادٍ تراها ساره واقعًا، فَجميعُهم لم يُريدوها كذَلك.

تنهَدت باستِياء، تعلمُ أنّها ما خُلقت لمثلِ هذهِ الأمُور الاجتماعيةِ ولكنًها ترغبُ بتجرِبتها.

وما بالهُ السَطح؟ أخذَت تواسِي نَفسها وتَجولُ فيه، فهوَ لا يقِل جمالًا عن حديقةِ الفِناء وخاصةً أرجوحةُ الكرسيّ الطَويلة و الأضواءُ الصَغيرة باللونِ الأصفَر.

تنَبهت لوَقع خطواتٍ تقتربُ مِنها فالتَفتت أملًا بأنهُ آليكس، إلا أنهُ نقيضُه المُزعج جون.

ما تحاشَت إبصارهُ كما اعَتادت، بل راحَت تغوصُ بكلِ ما أمكَنها في رمَاديتاه حتى توتَر، فكَم تمَنت رؤيةَ قُزحيتانِ بهَذا اللَون!

«توقَفي عنِ التحديقِ بي، هُناك ما عَلينا الحديثُ بأمرِه.»

اتخَذ الطرفَ الأيْمن مِن الارجوحةِ مجلسًا لهُ والأيسَر كانَ لساره، لم تعهدهُ بِهذا الجدّ قبلًا في حديثهِ بَل لم يطلُب الحديثَ مَعها، أتُراه يحترِم ثيابَه الرسميّة؟

«بِمَ قُمت حَتى جعلتِ جَاك في الأمسِ يأخُذك إلى ذاكَ المكان؟»

قَد تتفهمُ معرفةَ جاك سريعًا، لكِن كيفَ يعلمُ هو الآخر؟

حاوَلت إخفاءَ توترِها وتسارُع أنفاسِها، ظنّت أنها قَد تغلبَت على خَوفها إلّا أنَ الكلامَ معهُ بالذاتِ يُرعبها بحَق، فكيفَ بهِ جادًا؟

«ما الذي تقصِده؟» سألَت ساره محاولةً أن تَبدو طبيعيَة.

«أعلمُ بهربكِ من حصصِ الفيزياء واللغةِ الفرَنسية ومن المدرسةِ بأكمَلها أحيانًا، إما أن أُخبر جودي بهَذا أو أن تُخبريني بما فعلتِ، أنا موقنٌ أنكِ قد قمتِ بشَيء ما.»

رُكام ماضٍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن