جلستُ علي الكرسي أهدئ من روعي ، كانت يداي ترتعشان وقلبي يخفق بشدة ، كأنني علي مشارف الموت وسرعان ما انتقل الارتعاش الي كلتا قدميّ ، كبحت دموعي حين كنت بحاجة لافرغها كلها .. كلها دون ان اترك دمعةً واحدةً عالقة بعيناي
اخذت الدموع العالقة ونثرتها بعيداً بكل قسوة ، ثم فتحت الباب ونزلت من السلالم بكامل اتزاني ، هذا ما كنت اظنه ولم اكن اظن ان أحداً ما لاحظ تشتتي والمي الذي أخفيه في قلبي
كان الكل جالساً ، امي والخالة نيكول وابنتها سيسيليا وأيضا كانت ايما جالسة ، العم جان وأيضا ابنه ، ابنه الذي كان جالساً قرب خطيبته "جوليانا " والتي افضح عن رغبته في الزواج بها في هذه الأمسية الجميلة
ابتسمت لأجلهما ، وابتسمت ايضا للذي كان يقف بجسده المستند علي الباب ، نظرت لحبيبته التي كانت تدعي وبكل دلع "سويت" ابتسمت لي بهدوء واقتربت منه ، همست شيئا في أذنه جعلته يبتسم ، كان يبتسم بطريقة لا توحي بشيء ، كانت ابتسامته غير حقيقية وفي الواقع لا يبدو عليه التكلف ابداً ، كان يأخذ كامل راحته في تصرفاته وكلامه ، ولا اعرف لما لا يبتسم بطريقة اصدق ، اجمل ، لما لا يبتسم غير نصف تلك الابتسامة التي تظهر فقط كـلمحة صغيرة علي ملامحه ؟ أليس سعيدا بها ؟ إذن لما قرر هو وصديقه العزيز ان يفاجأوننا بخبر ارتباطهم معاً ؟
تنهدت ، في النهاية من انا لأسال كل هذا ؟
ايفا من انتي ؟
سألت نفسي بينما اجلس بهدوء احاول استيعاب ما يجري حولي
كانت السيدة نيكول تبتسم بسعادة بينما تسكب الطعام
- أنا فرحة جداً ، اخيرا يا عزيزي جيم قررت ان تخطب ! وأيضا مع صديقك المفضل كارلوس !
كانت السيدة تتحدث بانبهار ، ابتسم جيم وجوليانا معاً ، كانت سويت تبتسم ايضا وهي تنظر لحبيبها ، وأنا ... كنت الوحيدة التي تتناول طعامها دون ان تبالي بشيء .
- اجل لقد قررنا ان نتشارك كل خطوة نخطوها في هذه الحياة معا
قال كارولوس الذي عدل وقفته ووضع يده علي كتف سويت بهدوء
نظرت له بابتسامة جذابة ، في الحقيقة هي تليق به ، عيناها الجميلتين وجسدها الجذاب وأيضا هو وهي من نفس الطبقة الاجتماعية ، كم ان هذا التجانس رهيب ، ولكن ... انا
لست سوى ايفا دون اي شيء اخر ..
قال العم جان بابتسامة
- ايما وايفا العقبة لكما
ابتسمتُ للعم بفزع بعد ان قال اسمي ، كانت اختي تنقذني دوماً من الاحراج ، اذ قالت فورا
- شكرا لك عم جان ، اتمني لهما السعادة
-انا كذلك
قلت واخفظت رأسي ، كانت امي تطالعنا بابتسامة فخورة ، ولا ادري لما تشعر بالفخر بي ، مالذي يدعوها لذلك ؟ كنت اتساءل لان شقيقتي دوماً هي الأفضل ، في التعامل ، في اللباقة وفي الكلام اما انا فدائماً ما كنت اسبب المشاكل لهما
نظرت لسيسيليا التي كانت تضحك مع ايما وقلت بهدوء
- سيسيليا ، هلاّ سمحتِ لي بأن اذهب لغرفتك ، اشعر بانني متوعكة
ابتسمت وقالت بينما تنظر لإيما
- إذن ابقِ هناك ولا تنزلي ، حسنا ؟
- لا انزل ؟ ولما ؟
قلت بتعجب ، ضحكت ايما وقالت
- سوف نناديك حين نغادر من هنا ارتاحي الان حسنا اختي ؟
أومأت ونهضت مستأذنةً بابتسامة
- اشعر بتوعك قليلا ، سأذهب لغرفة سيسيليا لأرتاح
ابتسمت نيكول وقالت
- حسنا يا صغيرتي ارتاحي ..
قالت جوليانا في الوقت ذاته
- ان شعرتِ بانك لستِ بخير لا تترددي في طلب المساعدة
أردفت سويت
- اجل فجوليانا طبيبة في النهاية ! ونحن هنا
ابتسمتُ واومات ، ألقيت نظرة عليه ، كان ينظر لي بهدوء ، كأي شيء غير مهم ، تنهدت وصعدت للاعلي
كان الدوار يفتك بي ، كنت ابتلع كلمات جارحة ، وابتلع دموعاً والكثير الكثير من الأشياء وحالما دخلت الغرفة ... جثتيت باكية
بكيت كثيرا حتي كانت مقلتاي ترغبان بالخروج من مكانهما ، ورأسي بدأ يقلقني ، كنت متعبة ، متعبة جداً من كل هذه المسرحيات ، في النهاية انا الفتاة السيئة في القصة فلما قد ابكي ؟
او بطريقة ابسط لما استعجب بكائي ؟ فهذا طبيعي جداً ، البطل يتزوج بحبيبته والفتاة التي ستدخل بينهما يوماً سيكون مصيرها البكاء ، هذا ما يحصل دوماً في كل مكان لما اليوم انا اشعر بانني لا استحق ما يحصل معي الان؟
نهضت من مكاني واتجهت للمراة الكبيرة اطالع وجهي الاحمر ، تنهدت بعمق وقلت في المراة
- انا لم اكن يوماً سيئة ، ماذا فعلتُ غير انني احببته ؟ أيعتبر الحب جرماً ؟
مسحت دموعي ووضعت رأسي علي لوحة السرير خلفي ، هذا الحب كالجمرة بمنتصف يدك وها انا هنا ادّعي انها قطعة ثلج
ا ، تنهدت وأخذت حبة من مسكن الرأس ودلفت للحمام لأغسل وجهي ، سأحاول ان أنساه ، أوليس هذا ما أقوله دوماً ؟ فلما لا افعل ؟
لان هذا الحب بداخلي ، كيف سأخرجه من داخلي وأنا أخفيه عن الجميع ؟ لان هذا الحب ينمو كما ينمو الطفل داخل أحشاء والدته ، وهو لا يدري ، فكرت ان اصرخ بوجهه
انا احمل منك ... حباً!
ولكن كيف احمل بهذا الحب دون ان يحبني هو في المقابل ؟ ، سكتت عن حبي لانه لن يعترف به ، لن يعترف بهذا الحب وسأضل يوما أضحوكة له ، أضحوكة لأمي ولاختي ولعائلتي ، سأضل اضحوكة نفسي .
لطالما احببت كارولوس منذ ان كان في الجامعة ، منذ ان كان مراهقاً شجاعاً ، ولكنني كنت ضعيفة ، جبانة وخائفة كالقطة ، كنت غبية وأخفيت حبي له ولم اكن ادري ماذا سيحصل لي بهذا الجرم الذي ارتكبه في حق نفسي ، احببته كل يوم ، ورغم انه لم يكن يراني الا انني لم اكن ارى سواه ، حتي غدا هذا الحب لعنة ، كالمجنونة الغبية التي ترهق نفسها بشيء مستحيل ولا اعرف كيف جاء الأمل الي قلبي يوما حتي ظننت انه سيحبني ، وها انا مجدداً كالغبية تلك الليلة حين تنازلت عن حبي له عندما علمت بوجود فتاة في حياته ، عندها قررت ان اصمت للأبد لربما سويت ستحبه اكثر ، ستهتم به ولن تجلب له سوى الفخر بزوجة من طبقة ثرية ، جميلة وفاتنة أيضاً ، غسلت وجهي ونظرت للمراة
- انا ايضا تخبرني امي انني جميلة
لمستُ عيناي وشفتاي
- انا جميلة ايضا ، ولكنني لست مشرقة مثلها ، لست فتاة مفعمة بالحيوية مثل سويت انا ... كالليل دوما ، لم يخلق لي سوي الحزن والبكاء
قلت وأجهشت بالبكاء ، اوميت نفيا بينما ارفض تلك الأفكارودموعي تأبى التوقف
- لم اكن هكذاً ، اقسم انتي لم اكن هكذا قبل ان أره ، اريد نفسي ! اريد ان اعود اليّ !!
تنهدت بقوة وكأنني انفض روحي معي ، غسلت وجهي وتطلعت بشكلي ، عيني الرماديتان ، كانتا مزيجاً من ازرق عيون ابي وعينا امي الباهتتين ، كانت بشرتي نقية ، القليل القليل جداً من النمش الذي لم يلاحظه احد يوماً غير امي وأيما ، وتورد خفيف في وجنتاي وارنبة انفي وشفتاي اللاتي يتدفق فيهما الدماء اكثر من اي عضو في جسدي ، شعري الذي ارفعه للاعلي دوماً ورموشي الطويلة التي كالسيف الحامي لأعين حادة كالقطة
انني بالفعل جميلة ! ولكنه جعلني اشعر بفقدان ثقتي بذاتي ، هو فعليا لم يفعل شيئا ولكن ظنوني فعلت وها انا ذا المذنبة الوحيدة في قصة الحب الغير مرئية هذه
ابتسمت بهدوء رغم انه بدأ واضحاً على وجهي أثره ، اثر حبي له ، خرجت من الحمام واستلقيت علي السرير قليلا وأنا احاول تهدئة روعي ، كان قلبي يخفق بشدة ، ولم يتوقف ابداً ، نهضت واتجهت للشرفة وفتحتها لاستنشق القليل من الهواء النقي ، كنت اقف أتنفس بعمق ، اُغلق عيناي وأحاول ان أكون هواءاً ، شجرةً ريح .. اي شيء عدا ان أكون ايفا ، لأكون سويت ؟ سيكون هذا الوقت حينها اجمل وأنا احتفل بذكرى حبي معه ، تنهدت وعدت للواقع ، ربما ان كنتُ سويت ستكون ايفا حزينة هنا ، وأنا لن ارضي لاحد ان يعيش ما أعيشه الان ، ربما انا ايفا لانني استحق ان أكون ايفا، او لا احد قوي بقدرى ليكون مثلي لذا خلقت لهذا .
سمعت صوتاً قادما من الأسفل ، ألقيت نظرة فكان كارولوس ، جسده الذي يشبه عارض الأزياء وطوله الفارغ ، شعره الكستنائي الغامق يتمايل مع الهواء ، هو حتي لا يصففه ب جل الشعر هذه الليلة ، أوليست ليلة مهمة لرجل وامراة ؟
نظرتُ له بعمق ، كنت أتأمله بهدوء ، ملامحه باردة جدا ، لربما كانت ملامحه هذه سبباً لعدم اعترافي بحبي له حتي الان ، لم اكن يوماً ارى مشاعراً دافئة علي وجهه حتي ابتسامته ... كانت كالطيف يغزو شفتيه فقط ...
اه سويت كم هي محظوظة لانه يراها علي الأقل ، يفكر بها ، يرى بها مستقبله ويراها أماً لأطفاله ، تنهدت بعمق وضربت بقبضتاي السياج الذي يحيط الشرفة ، رفع بصره اليّ ، كان الدم قد تجمد في عروقي ، حين نظر لي ولكنني لم استطيع تفسير نظراته لانها لم تكن تحمل شيئا ، وكأنه يري عمود انارة او شيء ممل جداً
حمحمت قليلا ونظرت له قائلة بصوت هادئ
- اعتذر عن هذا الإزعاج ، لم الحظك
- كنت اعتقد انك كنت ستأكلينني بعينيك
لقد اصمّ كلامه قلبي ، حتي كدت اصاب بنوبة قلبية ، ألديه حاسة سادسة ؟ كيف لاحظ وجودي وكيف حتي لاحظ نظراتي له ؟
حاولت ان أسيطر علي ذهولي ، ولكن الامر بات فاشلا جداً كحبي تماما
- أيضا اعتذر لذلك
لم استطيع ان اكمل حواراً معه ، كانت ملامحه تسخر مني ، وها انا اعود الي الغرفة بقلب مضطرب مجدداً !
- لما حين اهدأ لدقيقتين فقط يحصل شيء يبعثر كل ما هدأت ؟!!
نظرت للشرفة واتجهت لاغلقها فوراً ، جلست قليلاً ثم استلقيت مجدداً معاودةً التفكير الي نقطة البداية
لما يتعمد ان يحرجني ؟ لماذا يقول هذا الكلام الان بملامح ساخرة ؟
تنهدت وعدت لأوقف افكاري عند حدها ، طُرق الباب وللحظة خلت انه خلف الباب ، ان كان هو ماذا سأخبره ، ماذا لو جاء فقط يسخر مني ، لربما جاء مع سويت ؟
تنهدت وبقيت احملق في المراة ثم بعد لحظات امرت بأن يُفتح الباب ، خاب ظني وخابت توقعاتي حين رأيت ايما شقيقتي وسيسيليا
- أسنغادر الان ؟
سألت فقالت سيسيليا بمرح
- لا بل سنمكث معا هنا !
نظرت لهما بعدم استيعاب وقلت
- أين امي ؟ اتمزحان معي ام ماذا ؟
نظرت لي ايما وقالت
- امي عادت للبيت ونحن لم نشا إيقاظك ثم ظننا اننا سنستمتع معا
تنفستُ محاولةً ان اهدأ :
- ومن قال انتي نائمة حتي !؟ لما لم تسأليني ما ان كنت ارغب بالبقاء هنا ام لا ؟
تدخلت سيسيليا وقالت
- لقد اخبرنا كارولوس انكِ نائمة ، وفي الحقيقة حتي وان لم يفعل ان هذه الفكرة كانت ببالنا منذ ان قلتِ في الأسفل انك تريدين الذهاب لغرفتي لترتاحي ، لما لا تخرجين من هالة الحزن هذه ونستمتع معاً ؟
نظرتُ ل سيسيليا وهي تتحدث ، لم اكن استمع الي شيء كان فمها يتحرك فقط وفي عقلي كل ما تردده هو " اخبرنا كارولوس انكِ نائمة " .. لم اصدق انها قالت هذا ، لربما اخطأت ومنذ متي يراني كارولوس حتي قال انني نائمة ؟
قاطعت ايما افكاري وقالت بغضب : حسنا ان لم ترغبي فسأخبر امي ان تعود هي لم تقطع مسافة كبيرة حتي الان !
أوقفتها
- لا باس فقط تعجبت انتي سأنام هنا ؛ لانني لم انم بعيداً عن امي من قبل
ضحكت سيسيليا وقالت مازحة
- ولكنك الان كبيرة وستتزوجين يوما ، ماذا إذن أ ستحضرين والدتك لتنام بينكما ام ماذا ؟
ضحكت ايما فقلت ببغض
- اجل وليكن لأحضرها وتنام معي
ضحكتا فابتسمت وقلت
- اريد ان أشرب الماء ، سأعود
خرجت من الغرفة وحلقي كان كالرمل في الصحراء ، دلفت للمطبخ دون ان ازعج أحداً ، كان صوت جيم وجوليانا في غرفة الاستقبال يعلو بالضحكات ، شربت الماء دفعة واحدة ثم سمعت صوت سويت تضحك أيضاً ، تنهدت ولما لا تفعل فهي ليلة ضحكها بالطبع ، وبكائي انا .
أعدت الكاس واستدرت لاغادر ، أفزعني ، لقد أفزعني حين كان يقف أمام الباب ، فتح الضوء ودلف للمطبخ دون ان يلق بال لوجودي ، فتح الثلاجة ثم التقط علبة من الفاكهة المجففة قال بينما يغلق الثلاجة
- أ غادرت والدتك ؟
نظرتُ له لأول مرة مباشرة ، وحاولت استجماع شجعاتي وقلت :
- لما قلت لها انني نائمة ؟
نظر لي وقال بعدم اهتمام
- أولم تكوني ؟ حسنا اخطأت التقدير
كان لساني عاجزاً عن قول شيء اخر ، وكان صوت سويت يعلو قليلا ، تداركت نفسي وخرجت دون ان أقول حرفاً ، غبية انا ، حتي تفسير عقلي لمعظم تصرفاته يؤول ليجعلني اغرق في حبه ، هذه المرة لا ، قررت ان لا أفسر شيئا ، فقط ان اهدأ واجعل الامور كما هي دون خيال ، نظرت للسماء المظلمة ، هي سماء فقط وليست شيئا غير ذلك ، القمر ليس سوى قمراً وليس ملاذا للعشاق ، والنسمات الباردة ما هي الا نسمات باردة وليست مشاعراً ، وايفا هي ايفا فقط دون ان تحبه مرةً أخرى
_______________البداية
اتمني تفاعلكم كلكم علقووو بليز واعطوني رايكم لان مهم جداً في احداث الرواية
احبكم🥹❤️
أنت تقرأ
نيران من جليد | fires from ice
Romanceرواية رومانسية ، بمشاعر حقيقية تداعب صميم قلبك ، ستأخذك حيث عالم آخر رفقة إيفا ، الفتاة الجميلة التي أُصيبت بلعنة الحب منذ طفولتها حين احترق منزلهم واضطرت للمكوث شهرين رفقة صديقة والدتهم ، لتقابل ذاك الصبي ذو الطبقة المخملية ، والذي يكون أيضاً صديق...