الفصل الثاني

437 28 12
                                    

كان الصباح مزعجاً ، لقد أرسل الشمس علي عيناي مباشرةً لتزعجني ، فتحت عيناي بتعب شديد من ليلة البارحة التي اختلطت بالبكاء والتفكير وأيضا بالضحك والسخرية والاستمتاع مع الفتيات ، كانت ليلة كعصير الفاكهة المشكل ، نهضت وأنا اشعر بأن جميع عضامي محطمة ، غسلت وجهي وألقيت نظرةً علي اختي التي كانت كالجثة الهامدة هي وسيسيليا ، لقد جافاني النوم هنا ، ربما لانها اول مرةٍ انام بعيداً عن منزلي ، تنهدت وأنا اطالع نفسي في المراة العملاقة كانت ثياب سيسيليا الوردية التي ارتديها واسعة بعض الشيء ، تنهدت ولملمت شعري وأنا انتظر احداهما ان تستيقظ ليبدأ اليوم ، ولكنهما كالجثث ، تنهدت وفتحت الشرفة ببطء شديد وخرجت لاستنشق نسمات الصباح
- ايتها الشمس ما بك معي ؟ الا تدركين متي نمت ؟ لقد نمت السادسة صباحا فكيف توقظينني بهذه الطريقة لم انم ساعتين علي بعض
قلت بازدراء وأنا انظر للسماء ، تنهدت وألقيت جسدي علي الكرسي وحاولت ان انام مجدداً ولكن هذا افشل شيء حصل ، دخلت للغرفة وخرجت منها فوراً الي الرواق ، كنت اتمشي بهدوء ، حسنا ان كانت القصص التي نقرأها حقيقية فهذا يعني ان كارولوس سيكون هنا قريبا ، وسيخبرني لما استيقظ في هذا الوقت ولما ولما ...
تنهدت بيأس  حين لم يحصل ما ظننت وخرجت من المنزل الي الفناء ، كان الحارس يقف كالتمثال والبستاني يسقي الزهور ، تقدمت منه وقلت بابتسامة
- صباح الخير عزيزي البستاني ، كيف انت ؟
ابتسم البستاني وقال ناظراً لها
- بخير ، فمن يستيقظ علي الورود ليس لديه خيار الا ان يكون بخير
ابتسمت وهي تشير للزهور أمامه
- هذه الزهور صحيح ؟
نظر لها البستاني وضحك
- كنت أعبث معك قليلا ، ارأيت كيف جعلتك تفكرين ؟
ضحكت وقالت بينما تفرك يديها بإحراج
- حسنا لقد جعلتني افعل ، انت جيد في هذا
ضحك طويلا ثم وضع الساقي وقال:
-  انت ايفا صديقة العائلة أليس صحيحا ؟
ابتسمت وقالت بصوت منخفض
- ليس كل العائلة
ضحك فابتسمت وهي تنظر للقصر عن بعد
- في الحقيقة لا ادري ، ان والدتي هي صديقتهم وأنا ابنتها لذا ...
رفعت كتفيها واردفت
- لا املك خياراً غير ذلك لأكون
ابتسم البستاني ، كان الصباح لطيفا قليلا ، حسنا ليس سيئا لم يكن سيئا ابداً
نظرت لشرفة غرفة سيسيليا ، الكسولتان لم تستيقظا بعد ! لمحت أحداً يطالع من النافذة  ، ابتسمت لسويت التي كانت تراقبني ، أشحت بنظري بعيداً ، لا يمكن ابداً ان احبها ، هذا مستحيل ، نظرت للسائق الذي استيقظ هو الاخر ونظر لي بتعجب ، ابتسمت له ولكنه كان صارماً ايضا ، توقف أمام مرأب السيارات بالقرب كالتمثال ايضا ، ضللت أشاهدهم ، كيف يتحملون العيش كالتماثيل هنا ؟ كيف يقف الحارس دون ان يتحرك ، والسائق الذي يبدو كالرجل الآلي المبرمج علي ان يفعل ذلك ، تساءلت اين الحياة في حياتهم ؟ ثم سخرت من نفسي ، وكأن في حياتي حياة أساساً
- إذن الم يستيقظ احد ؟
سأل البستاني
- كلا ، انا فقط
ابتسم البستاني حين أجبت  ، في النهاية من الغباء الحديث مع الخدم هنا ، انهم يستعجبون ان يتحدث احد معهم وان لم يفعلوا فانهم سيستغلون الامر ، كما يفعل هذا البستاني  ، تثآبت بكسل ونظرت للسماء ، قلتُ بابتسامة :
- انظر أيها البستاني كم ان السماء جميلة هذا الصباح !
- روبن أعطني مفاتيح السيارة
فتحت عيناي وظللت اطالع السماء وكأنني انا الأخرى صرت تمثالاً ايضا ، كان صوته ، وكما لا تخطيء الأمهات في رائحة اولادهن حتي الأذان العاشقة لا تخطيء في معرفة صوت من تحب ، اخفضت راسي ونظرت له ، كان مهنذماً ، ثيابه جميلة وأنيقة كان يتحدث مع السائق انه علي بعد القليل فقط ، ولم يلق بالا بوجودي بل ولا يجعلني اشعر بقيمة هنا ، كالشجر والتماثيل والخدم ، لا باس ف علي الأقل يمكن ان اجد عذراً ان كنتُ شجرةً فعلاً ولكنني صديقة العائلة كما قال هذا البستاني اوليس من الوقاحة الا يلقي التحية ؟
- سيدي مفاتيح هذه السيارة  في الداخل اعذرني سأجلبها فوراً ..
قال السائق ودخل للغرفة الخارجية ، نظر لنا اخيراً واقترب ، كان صوته الجهوري صباحاً يجعلني أطير ، وهذا شيء جديد ، فصباحاً لم اكن اره ابداً وهذه اول مرة نتقابل صباحا
- صباح الخير جاك ، هناك في الفناء الخلفي زهرة بنفسج زرعتها سويت صباح الاحد ، تفقدها من فضلك
زهرة سويت ، لا ادرى لما آلمني اهتمامه بزهرة هكذا رغم انه لا يهتم بشيء في حياته  ، كنت انظر اليه وأفكر ، حسنا تأكدت من انني حصاة هنا لان  حتي الأشجار قد تعترض طريقه ولكنه تخطاني ببرود دون ان يلتفت حتي ، قال البستاني بانصياع
- فوراً سيدي ..
ضحكت علي البستاني الذي كان يرتدي ثوب كازانوفا المغرور زير النساء وهاهو الان يعود الي ما قدرته الحياة له ، سقاية الزروع ، تنهدت ونظرت للسماء ، حسنا افضل شيء ان مزاجي اليوم في مكانه ، وهذا اعظم ما قد يحصل لانه نادر ، نادر جداً ان استيقظ بهذا المزاج الجميل ..
- ما هذه الثياب ؟
كان ينظر لي بسخرية ، قلت
- ثياب النوم الخاصة بسيسيليا ، ماذا هناك ؟
أشاح وجهه بعيداً عني  ، خرج السائق وفي يده المفتاح حيث تقدم وناوله له باحترام
- تفضل سيدي
أخذ المفتاح دون ان ينظر لي واتجه الي سيارته ثم صعد وخرج من المنزل  ، نظرت لثيابي متسائلة عن كون شيء خاطئ بها
- أهي متسخة؟
قلت بينما اتفقدها ، قاطعني صوت سيسيليا التي كانت تنادي من الشرفة
- ايفا تعالي ايتها الحمقاء !
قالت بينما كانت تهذي بكلمات أخرى لم اسمعها ، صرخت
- ماذا هناك ؟
- تعالي!
أتيت ركضاً اليها ووقفت أسفل الشرفة
- ماذا تريدين يا كسولة؟
- اصعدي بسرعة
قالت ذلك ودخلت ، زفرت ودخلت القصر متجهة اليها وحالما دخلت حتي انقضت علي كالنمر ، صرخت
- ماذا تفعلين يا مجنونة ؟
- أتخرجين بثياب النوم للفناء ؟ وتسامرين البستاني ايضا
صرخت وقلت
- اتركيني، وما المشكلة ؟ أهي مكشوفة ام ماذا ؟ 
ابتعدت وقالت بينما تسخر مني
- هذا مخل يا غبية ، وممنوع هنا ، ان ملابس النوم أسوأ من الفساتين التي قد نرتديها في الحفلات!
نظرت لها وحلست قائلة بعدم اهتمام
- وما الفرق ؟ ان الملابس التي نرتديها في الحفلات مكشوفة و ان ثياب نومك هذه مغلفة كلها حتي انها لا تظهر معصمي
جاءنا صوت ايما التي كانت تزمجر
- اغلقوا افواهكنّ الثرثارة ! لما لا تنمن ها ؟؟! لقد نمنا عند السادسة بحق السماء !
ضحكت سيسيليا
- لقد استيقظت لان الغبية لم تغلق الشرفة حين خرجت فدخل النسيم وشعرت بالبرد واستيقظت ، قولي لأختك لما لم تنم وليس انا
نظرت لهما وقلت ببغض
- ان الذنب للشمس لقد توقفت عند عيناي تماماً حتي احرقت رموشي
ضحكت ايما وسيسيليا وقالت
- اذهبي للنوم ارجوك امي لن تأتي الان يا طفلة
كررت سيسيليا وراءها كلمة طفلة ، تنهدت وقلت بانزعاج
- لست طفلة إنما سيدة جميلة ورقيقة تحب امها
ضحكت ايما
- سيدة ؟
أكدت لها وأنا أكررها بتشديد ضحكت سيسيليا وقالت
- حسنا لننهض ، سننام قدر ما نشاء في الليل اذ ان هذه اللحظات معكم ستذهب حين يحل المساء والنوم لن يذهب ، صحيح؟
أومأت بحماس وقلت بينما أزيل الغطاء عن ايما
- صحيحٌ تماماً !
___________________
9:30 Am
كنا نتناول الإفطار في الحديقة ، كنت سعيدة بهذا الصباح ، رغم مرارة الأكل ، ومرارة رؤية كارولوس يذهب للعمل دون ان يهتم بوجودي ، ومرارة رؤية سويت بهذا القدر من السعادة ، اشعر وكأنها تأخذ سعادتي ، ولكنها ليست سعادتي بل القدر الذي تمنيت ان اكون سعيدة به ، نظرت لسويت وجوليانا اللاتي خرجنْ للفناء بسعادة ، لوحت لهم سيسيليا فتقدمتا
- صباح الخير يا فتيات كيف حالكن؟
قالت سويت فابتسمت ايما وسيسيليا وعبرت كل واحدة عن حالها بمرح  نظرت لي جوليانا وقالت
- كيف انتِ يا ايفا ؟ ألازلتِ متوعكة ؟
ابتسمت وقلت بهدوء
- لا ، لقد زال
ابتسمت جوليانا وجلست قربي بينما تقول
- ان احتجتِ شيئا فانا طبيبة !
ابتسمت واومات ، جلست سويت وعدلت المنديل لتشرع بالأكل ، كانت تاكل بشراهة ، ضحكت جوليانا وقالت
- سويت يبدو عليك انك لم تاكلي منذ زمن !
ضحكت سويت وقالت بمرح
- اجل ، بالأمس لم آكل جيدا
ضحكت ايما وقالت
- اجل لم تأكلي ولم تتركي حتي كارولوس يأكل
ضحكت سيسيليا وجوليانا بينما كنت لا افهم شيئا ، ابتسمت وسألت
- لما لم تأكلي عزيزتي سويت ؟
تنهدت وقالت
- في الحقيقة كانت معدتي ممتلئة ...
قاطعتها سيسيليا
- ولكنك لم تأكلي شيئا يا كاذبة ! بماذا امتلات إذن ؟
ضحكت سويت واجابت
- آه امتلأت شعوراً ، كنت احس بسعادة عظيمة لم يكن لي رغبة بالأكل ولا بأن افعل شيئا غير الرقص والضحك ، ولو كان المكان مناسباً لصرخت بحماس من شدة سعادتي !
نظرت لها بابتسامة ، كانت تتحدث كطفل في السابعة ذهب للمدرسة لأول مرة ، ابتسمتُ لها فبادلتني الابتسامة وقالت
- اتمني ان تجربن ذلك قريباً ..
ابتسمت جوليانا وقالت
- اظن ان لا احد يفهمك هنا غيري
ضحكتْ سويت
- اجل اجل بما اننا عشنا ذلك معاً ، ولكنك خطيبة جيم بينما انا لم اخطب لكارولوس بعد
تدخلت ايما
- ولكنك كمن يتذمر لانه دخل المدرسة ولم يتخرج بعد ، حبيبتي ، ان  خطوتك هذه تضمن لك زواجاً ناجحاً بكارولوس
وافقتها سيسيليا الرأي قائلة
- فعلاً كلام ايما صحيح ، ان كارولوس ورغم انه صعب المراس غير ان ما فعله ليلة البارحة أذهلنا ، تغيير مفاجئ به !
ابتسمت سويت بحياء ، قالت موجهة كلامها لي
- وانت ايفا ماذا تقولين عن ذلك ؟
ابتسمتُ مجاملة وقلت
- اه اجل ، كما تقول سيسيليا لقد كانت مفاجئة لنا جميعاً
وضعت لقمة الطعام في فمي فوراً وكأنني اخبرهم ان فمي مشغول ، لا يريد الكلام اكثر ، تعقد الوضع حين قالت جوليانا
- لقد قال جيم انه يريد ان يجعل الزفاف قريبا
- إذن هذا يعني انّ كارولوس سيتزوج سويت قريباً
كانت اللقمة قد توقفت عند حلقي ، ترجيت اللقمة ان تهبط بسلام في معدتي ولكنها قالت : اختنقي ، في النهاية يجب ان تخرجي هذا الحب اللعين منكِ!
ناولتني سيسيليا  الماء فشربته فوراً ، تنهدت ونظرت لجوليانا التي كانت تضرب ظهري برفق
- أأنتِ حقا بخير ايفا ؟
- اها بخير لقد اختنقتُ فقط .
عمّ الصمت المائدة ، كنت الاحظ ان البستاني يبتسم ، ابتسمت بسخرية وأكملت طعامي حتي خرجت الخالة نيكول من البيت
- صباح الخير يا فتيات ، اوه ما اجملكن معاً تبدين كباقة الورود العطرية
ابتسمت جوليانا ونهضت لتقبل حماتها المستقبلية ، ابتسمت ايضا وحييت الخالة نيكول مع الفتيات
- خالتي تعالي لتتناول الفطور معنا
قلت بينما افسح لها المجال ، ابتسمت وقالت
- لا تناولوا انتن ، سوف أتناول إفطاري مع زوجي
قالت الكلمة الاخيرة بغنج لتضحك جميعهن ، ابتسمت سويت  وقالت
- إفطاراً موفقاً إذن!
ضحكت وذهبت للقصر ، ابتسمت ايما وقالت
- ما أجملها !
ضحكت سيسيليا و
- حسنا اظن انها تشبهني
ضحكتُ وقلت بسخرية
- أنت تشبهينها ام هي تشبهك ؟
ابتسمت سيسيليا وقالت : هي تشبهني
خرج جيم بينما كان يرتدي ثياب رياضية وقال
- صباح الخير يا فتيات
ابتسمتُّ وحييته
- صباح الخير يا رئيس
ضحك وقال بينما يقترب منا
- كيف انت يا سيسيليا من شخير ايفا وأيما البارحة ؟
ضحكت ايما وقالت بانزعاج
- بالطبع انا لا اشخر
وحين احسست ان التهمة توجهت لي مباشرة قلت
- انا لا اشخر الا حينما اكون متعبة  !
ضحكت جوليانا وقالت : إذن بالأمس شخيرك وصل لي في غرفتي !
نظرت لها بعدم تصديق وقلت : حقا ؟
ضحك الجميع واقترب جيم من باقة الزهور الموضوعة علي الطاولة وقال :
- علي هذه الطاولة اكثر زهرة احبها ، أيمكن لاحد ان يحزر ما هي ؟
نظرت له سيسيليا وقالت
- واضح ، انها زهرة البنفسج !
نظر لها وقال ساخرا
- بالطبع لا ..
نظرت لجوليانا التي كانت تخفض بصرها بحياء فضحكت حين تذكرت ذاك البستاني وقلت وكأنني طالب حفظ الدرس
- انها جوليانا !
ضحك طويلا وقال
- كيف حزرتِ ؟
حككت مؤخرة راسي وقلت
- سرعة بديهة فقط
ضحكت جوليانا وضربتني بخفة علي يدي ، قاطعت الحديث سويت حين قالت
- اوه علي ذكر زهرة البنفسج لقد زرعت زهرة بنفسج صباح الاحد ! يا الهي لقد نسيت الاعتناء بها
قالت ونهضت بينما تمسح شفتيها من بقايا الطعام ، قلت بغباء
- اعتقد ان البستاني سقاها !
نظرت لي وقالت
- وكيف عرفتِ ؟
لم اجب اذ قاطعتها ايما حين قالت
- انظري ايفا انها والدتنا !
نهضت بحماس واتجهت ركضا لأمي التي كانت تبتسم لي عن بعد ، احتضنتها كانني لم ارها سنة ، ضحكت وقالت
- مابك لم أغب طويلا !
نظرت لها ايما التي اقتربت رفقة سيسيليا وقالت
- كادت تموت من الخوف ، حتي انني فكرت في ان اتصل بك لتأتي وتاخذيها
ضحكت امي وقالت بينما تنظر لي
- أحقا يا طفلة ؟
ضحكت سيسيليا وقالت
- اجل لقد قلنا لها انها طفلة فقالت انها سيدة تحب امها فقط
ضحكت ايما وامي ثم ضحكت انا وقلت
- عيب عليكن انها اول مرة انام فيها بعيدا عن البيت
-  كفاكما سخرية علي ابنتي يا غبيتان
ضحكتا معا لتضحك امي وتقول
- حسنا سأحيي السيدة نيكول  وآتي ، لن نتأخر
ابتسمت وأومأت ناظرة لامي التي اختفت من امامي ، قالت سيسيليا
- الليلة هناك عشاء بمناسبة خطبة اخي لجوليانا ، ارجوا ان تحضرا يا فتيات
نظرت لها واحتضنت ايما قائلة
- لن نأتي لقد سخرتِ مني هنا .
ضحكت ايما وقالت
- انا سآتي ما شأني بشؤونك .
نظرت لها وقلت بامتعاض
- يا خائنة
ضحكت سيسيليا وقالت
- سأحزن ان لم تأتي يا ايفا ، في النهاية انا صديقتك وأقول لك ما أشاء ولا تستائي مني ! حسنا مفهوم !؟
ضحكت علي نبرتها التي تشبه توبيخ والدتي لي ، أومأت ايجابا وابتسمت حين رأيت امي تودع خالتي نيكول والعم جان
- شكرا جزيلا لكما
قالت والدتي وصعدت السيارة ، ودعت سيسيليا وودعت جيم والفتيات ثم صعدت رفقة امي وأيما ، غادرت هذا المكان متنهدة بأسي ، سيكون من الصعب ان انسي كارولوس اذ ان امي تأتي الي صديقتها باستمرار وكارولوس حالياً يعيش في قصرهم ولا ادري لما ، لا ادرى حقا لماذا اصبح يأتي اليهم ويبقي معهم ، يبدو ان له مشاكلا في قصر  والده ، تنهدت ، انني كلما حاولت تجنب المجئ تأتي الي ّ سيسيليا وتهددني بانها ستحزن ان لم احضر ، ولكنها لا تدرك انني احزن اكثر منها عندما احضر ، وأنا علي حساب حزني اسعد  الأخرين ...
_________________
عمّ المساء واسدل الليل ستائره ، كنت نائمة بعمق قبل ان تفتح ايما فمها الذي كمكبر الصوت :
- انهضي انهضي سنتأخر عن الحفل
، نظرت لها بغضب وصرخت
- مابك يا فتاة الا يمكنك ان تتكلمي بصوت معتدل ؟
- لا ، سوف اجعلك تندمين لانك أيقظتني صباحا
تنهدت وتململت قائلة بنعاس
- لا اريد الذهاب اتركيني سأنام !
تذمرت ايما وقالت بينما تزيح اللحاف عنها :
- أليس لديك ذرة حياء يا فتاة ! ان سيسيليا تقول انها ستحزن ان لم نحضر معاً ، ارجوك انهضي هيا سنتأخر ولن تكوني جميلة بالقدر الكافي للذهاب
- قولي ما ستقولين ، اريد النوم ، لم انم منذ يوم غير تلك الساعتان اللاتي لن احسبهما مؤكد .
نظرت لي مطولا ثم اتجهت للخارج ، كنت احسب انني سأنام وينتهي الامر الا ان امي دخلت للغرفة وهي تعدل قرط أذنها
- انهضي ايفا هيا
- امي مابكِ اريد النوم لما لا تتركوني !
انتشلتني امي من ذراعي واجلستني ، كنت سأبكي من شدة الانزعاج ، تنهدت امي وقالت بدفء
- يمكننا ان ننام قدر ما نشاء ، ولكن العلاقات الجميلة من سيعيدها لنا ان فرطنا بها ؟
نظرت لها باعين دامعة ، ابتسمت ايما وقالت : ان هذا ما حاولت ان أقوله لها منذ ساعتان !
نظرت لها بحنق وقلت : انتِ لا تتكلمي ! حسابك معي بعد ان نعود
ضحكت امي ووقفت ، قالت بنبرة جدية قليلا
- اخرجت لك فستانك وأعراضك، تجهزي واريدكما جاهزتان عند السابعة ، الوقت يداهمنا
تنهدت حين خرجت امي وألقيت بالوسادة علي ايما التي بدأت تضحك ، تنهدت وأخرجت فستانها قائلة
- سيحضر ماكس اليوم ، لا تعلمين كم اشتاق له ..
- انا ايضا افتقده ، لقد كان افضل صديق دوما
نظرت لي ايما وقالت بحنق : ولكنه بالنسبة لي ليس صديقا !
ضحكتُ ونهضت رامية اللحاف ايضا عليها
- اجل ولكنه صديقي ..
دلفت للحمام واستحممت ثم جهزت شعري  ، تقريبا بدأت أضع اللمسات الاخيرة علي ملامحي قبل ان ارتدي فستاني الاسود ، خرجت من الحمام لأرى ايما التي كانت ترتدي فستانا ابيض ، اجل كانت تبدو شقيقتي كالملاك ، نظرت لي وقالت بذهول
- تبدين كاللوحة الفنية ، يا الهي  ايفا كم انت غاية في الجمال !
نظرت لها وقلت بإحراج
- حسنا احرجتني ، هيا امي تنتظر يا غبية
ضحكت وقالت : لست رجلا اغازلك انا اختك
هززت راسي وابتسمت وأنا اخرج ، نظرت لي امي وابتسمت وهي تقول
- انتي تشبهين والدكِ ايفا ! يا الهي كم ان الشبه بينكما رهيب
ابتسمتُ وقلت بينما أهز كتفاي
- ليتني رأيته ، أهو وسيم امي ؟
تنهدت امي وقالت
- اوسم رجل قد ترينه في حياتك ..
- وانت تشبهين امي كثيرا يا ايما !
قلت فابتسمت ايما وقالت : اجل اظن هذا
- إذن هيا لنذهب
قالت امي فخرجنا معاً وصعدنا السيارة ، تنهدت وأنا اشاهد الطريق التي صارت تبتعد شيئا فشيئا حتي نقترب من قصرهم ، حتي اقترب من اللعنة ومن كارولوس ، من سويت ومن الناس اللذين يحزنون قلبي حين اراهم ، تنهدت .. اغلقت عيناي الرماديتان اللاتان كانتا مرسومتان بالكحل ، واستسلمت ، استسلمت للنوم في السيارة .
___________________________
وصلنا للقصر ، كان المكان مضاءاً بطريقة مبهرة ، النسيم عليل وكان حوض السباحة مليئ بالأضواء ، الطاولات الآتي كانت مزينة وبعض النساء والرجال والقليل من الاطفال ونحن ..
لمحت سيسيليا قادمة بحماس تجاهنا ، اتجهت نحوي وقالت فورا
- تبدين جميلة جداً جدا
نظرت ل ايما وقالت
- وانت ايضا ايما ! ملاكان
ابتسمت ايما وأنا وقلت
- وانت تبدين غاية في الروعة ، اظن ان زواجك سينتج من هذه الليلة
ضحكت سيسيليا وقالت : اوه ايفا لا تراوغي ارجوك
أردفت بعد ان لاحظت امي : خالتي كيف انت ؟ انا سعيدة جداً بقدومكم ، كما ان امي بالداخل لقد قالت لي ان اخبرك انها تنتظرك في غرفتها كي تنتقي لها فستانا
نظرت امي لسيسيليا وقالت
- الم تجهز امك بعد ؟
- لقد قالت انها تنتظرك
- اوه نيكول لاتزالين كما عرفتك في الثانوي
قالت امي واتجهت للداخل ، ضحكت علي كلام الخالة نيكول ، انها كالمراهقة تماماً ، استأذنت ايما وسيسيليا واتجهت لأجلس في الأرجوحة ، كنت اطالع النجوم في ركن بعيد عن التجمع ، ان المكان هادئ ، والأزهار بدأت تعطر الاجواء ، تنهدت وأنا اشاهد النجوم قبل ان يقاطعني صوت ما جعلني التفت
- يا الهي من هذه الجميلة يا ترى ؟
صرخت بحماس وأنا اتجه اليه لأحتضنه
- ماكس ! يا الهي لقد اشتقت لك
ابتسم ماكس واحتضنني بقوة قائلا
- لقد افتقدتك يا صغيرتي ، كثيراً جداً
ابتسمت ونظرت له ، وابتسم ايضا ونظر لي
- إذن كيف انت ؟
- انا بخير يا عزيزتي ، لقد ضجرت من العمل في باريس ، لقد عدت هنا وها انا ذا اريد ان استمتع في هذا الحفل
ضحكت وقلت بينما تعاود الجلوس علي الأرجوحة
- عملك ممل جداً ، لما لا تستقيل
ضحك وقال بذهول
- ماذا ؟ استقيل ؟ يا للجنون!
ابتسمت وقلت بينما أهز كتفاي
- اجل ان الحياة يجب ان تعاش لا ان تعمل بملل هكذا حتي تنسي نفسك!
تنهد واخذ يسحب الأرجوحة ويدفعها بي ، ابتسمت وأنا استشعر النسمات علي وجهي ، قال بهدوء
- لقد صرتِ جميلة جداً ، كثيراً وجميلة بإفراط
تنهدت وقلت بينما اتمسك بالارجوحة جيدا
- ان الجميع يقول ذلك ، ولكن أتدري .. حين لا يقولها الشخص المناسب ستشعر انك اقبح شخص في هذا العالم .
أوقف الدفع وقال : الازلت تحبين كارولوس ايفا ؟
نظرت له دون ان اجيب ، ففهم ذلك ووقف امامي قائلا
- ستنجين قريبًا، الأمر فقط يتعلق برغبّة المرء في التخطي ، وأنا ادرك تماماً انك ترغبين بان تتخطي ذلك .
نظرت له وقلت باستياء
- المدرك ليس كالمتألم ..
تنهد وقال بينما يمسك كتفاها بانفعال
- يجب ان تدركي انت ايضا الخطأ الذي تقومين به ، ماهذا ايفا ! تحبين رجلا لا يراكِ ؟ لا يلق بالا لوجودك ...
حين لاحظ تأثرها ، هدأ وقال بصوت ضعيف
- رجلا لا يدرك مالذي تحبينه ومالذي تكرهينه ، لا يعرف كيف يقول لك صباح الخير بأعين لامعة ولا يحصي معك النجوم في ليالي الصيف ، تحبين رجلا لا يهمه ان أكلت ام لم تفعلي وان بكيت ام ضحكتِ ، رجل لا يفرق معه حالك ولا يهتم بوضع وردة خلف اذنك ، رجل سيتزوج قريبا بغيرك ، أتحبين ما يحصل معك ؟
كان كلامه قاسياً ، ولكنه حقيقي وفي حين كنتُ اريد الاعتراض كان قلبي يصرخ "دعي الرجل يقول الحقيقة " وفي حين كنت أعارض قلبي لاوقفه عن الحديث كان فمي يأبى الكلام ولساني ادعي انه اصاب بنوبة قلبية حتي لا يتحرك
- ‏صعبٌ على الإنسان أَن يتخطّى شيءٍ لامَس روحُه .
- إذن اخبريه ايفا ، قولي له انك تحبينه وليحصل ما يحصل ، لا تأكلي الهموم وحدك بل قاسيميها مع الكل بادري يا ايفا او اخرجيه من قلبك !
- انت تعلم ، لطالما أخفيت حبي له خوفًا من خسارته ، يبدو الأمر شُجاعًا ، و مُحزنًا ايضًا
- ستخسرينه في الحالتين الان ، بادري ودعي الحياة تفعل ما تشاء
ابتسمت وقلت بينما انهض
- ماكس انت تعلم انني ‏ لو أمُوت منْ فرط رغبَتي بشيء ، لا أُبادِر ⁦.
تنهد ماكس وقال : إذن انسيه فقط .. لأجل نفسك فانا افتقد القديمة حقا
- سأحاول سأحاول
قلت وأنا ابتسم : إذن مارأيك في فستاني هذا ؟!
نظر في عيني وقال ‏
هناك مشكلة ..
نظرت له وقلت بينما اشاهد ثيابي
- وما المشكلة الان ! حتي في ثياب الحفلات هناك مشكلة ؟
- اخبريني من سَيواسي بقيةَ الألوان عندما تلبسين الأسود !!
نظرت له بذهول ، كان كلامه لطيفا جداً . حتي انه جعلني اضحك ، تنهدت وارحت راسي علي كتفه ومشينا معاً الي الحفل ، كنت سعيدة جداً بماكس ، هذا الرجل افضل رجل في الرجال !
نظرت لسويت التي كانت ترتدي فستانا قصيرا ابيض يتماشي مع شعرها القصير وجوليانا التي كانت ترتدي فستانا احمر اللون وهي تستدل شعرها علي كتفيها
وقع كارولوس بين عيناي ، كان يقف قرب طاولة الشرب ، يحتسي كأسا به كمية قليلة من العصير ، كنت سأذهب لأشرب شيئا غير ان سويت التي اقتربت منه جعلتني أتراجع ، كانت تشرب معه أيضاً وهي تضحك ، امسك ماكس يدي عندما لاحظ الامر وقال بعزم
- تعالي سنشرب شيئا
تنهدت  وذهبت بانصياع معه ، كنت اقف قرب سويت وكارولوس الذي كان ينظر الي نقطة ما بعيداً جداً عن هذا الواقع ، ابتسمت سويت وحيتنا قائلة
- تبدين جميلة جدا يا ايفا !
- شكرا لك وانت ايضا تبدين رائعة
تجاهلت ان احيّي كارولوس ، قال ماكس بابتسامة
- انشرب عصير جزر هاواي ؟
- لا،  اريد البرتقال
نظر لي وقال باستياء
- ولكن البرتقال موجود دائماً لما لا تجربين شيئا جديداً
ابتسمت وقلت بدلال
- سنشرب كلنا عصير برتقال ففي النهاية ، الرأي هو رأئي
ضحك وقال : كما تشائين ايتها العنيدة
ابتسمت بهدوء حتي وقعت انظاري علي  ايما فغمزت لها حين قلت لماكس
- اوه ماكس نسيت ان اخبرك ان سيسيليا كانت تبحث عنك منذ ان اتينا! لقد قالت انها تريدك بأمر هام
ضربت باطن يدي بجبيني فقال بتعجب :
- ولكن اين هي ؟
اشرت بابتسامة خبيثة  الي ايما وسيسيليا فاتسعت احداق ايما ، لربما ظنت باني كشفت سرها وأخبرته بانها مغرمة به ، ضحكت علي ملامح وجهها لأترك ماكس يذهب إليهما
وها انا وحدي مجدداً  نظرت الي كارولوس الذي اختفي من جانبي فابتسمت بخفة ونهضت أتجول رفقة عصيري
،‏" اخبريني من سَيواسي بقيةَ الألوان عندما تلبسين الأسود"
ضحكت بسعادة وأنا اشاهد فستاني الطويل الاسود  ، كنت اتمشي بابتسامة وأنا اطالع الجميع حتي ابتعدت قليلا عنهم و جلست في الفناء حيث كنت أحادث البستاني صباحا ، ياتري اين هو الان ؟
كانت غرفته بالقرب من غرفة السائق ، فكرت في ان اوقظه ولكن الامر لن يكون ملائما الان ، تنهدت وجلست ، كانت تلك الفكرة تحوم عقلي وعوضاً عن البستاني رأيت كارولوس يتجه لسيارته ، كان يأخذ  شيئا منها ، وقبل ان يلاحظني أشحت ببصري بعيداً عنه ، لم أتوقع ان يتقدم نحوي ولكنه فعل ، أساساً دائما يحصل عكس ما اتوقعه ، يحصل عكس ما اظن وعكس ما اتخيل .
- اتنتظرين أحداً
قال بنبرة ساخرة ، نظرت له وقلت بينما احاول ان أبدو طبيعية اكثر
- في الواقع نعم
نظر الي غرفة البستاني ثم قال
- ان الحراسة هنا ضعيفة ، من الخطر ان تبقي وحدك هنا
نظرت له ، أهو مهتم ؟ وقفت فوراً وقلت بانصياع وكأنني غير مصدقة انه بتحدث معي :
- حسنا ان كان ذلك هو رأيك ..
مشي بخطوات متزنة فمشيت معه ، قال ببرود
- ليس رأي وإنما أعطيتك معلومة  قد تفيدك عن المكان
توقف قليلا قبل ان نصل للازدحام ، قال بشبح ابتسامة ساخرة
- ففي النهاية الرأي هو رأيكِ ، أليس كذلك ؟
تركني وذهب ، اغلقت عيناي وفتحتهما محاولة استيعاب ما قال ، انه يقول كلامي الذي قلته لماكس حين كنت اطلب العصير ، حاولت ان اضبط نفسي ودخلت في الحفل ، لقد كان التفكير فيه اكثر إرهاقا وسط مجتمع من الناس ، لما كان مركزاً معي في حديثي ؟ أهو مهتم ؟
سألت للمرة الثانية ، كان بصيص الأمل يومض عندي فابتسمت ، حين خطر شيء بعقلي ، فإان  كان يريد ان يعيش مع صديقه جيم جميع لحظاتهما فلماذا لم يتجرأ علي خطبة سويت ؟ لما اكتفي فقط بأن يصرح بعلاقتهما ؟ كانت استنتاجاتي ترفع مؤشر السعادة لدي حتي كنت ادور وأدور حتي كدت اصاب بالدور ، لم أبالي بأحد ، ضحكت حين رآني ماكس ولوحت لأمي التي كانت تضحك مع الخالة نيكول وأيضا حين تقدم جيم من جوليانا وقال وهو راكع أمام الناس :
- جوليانا اتقبلين الزواج بي ؟
صفقت حينها بحرارة ، حتي كادت يداي تُقتلعان من شدة الحماس ، وبعد ان قبلت جوليانا الزواج من جيم ضحكت وصرخت لاجلها وقلت مبارك قبل ان ينهال عليها الناس ، وقبل ان يتقدم اي احد ليبارك لهما ، سمعت صوته ، لا أخطئ صوته ولو كان بين آلاف الأصوات
- ان هذه المناسبة سعيدة جداً بالنسبة للجميع ، ولتكتمل هذه الأمسية ..
نظر الي سويت وقال بينما يخرج ذاك الشيء الذي احضره من سيارته
- اعلن اليوم ايضا خطبتي لسويتالين
________

نيران من جليد | fires from iceحيث تعيش القصص. اكتشف الآن