في يوم من الأيام وسنة من السنوات وحكاية من الحكايات وبناية في التجمع الخامس تتميَّز عن البنايات الأخرى، وخصوصًا الطابق الثالث الذي تسكن فيه أبرار ووالدتها دُعاء، كانت تلهو مع والدتها وتقهقه بصخب .
أردفت دُعاء بمشاكسة:
_"بيري..بيري أنتِ فين أنا مش لاقياكي "
تابعت خطواتها بحرص شديد لمكان تواجد ابنتها حتى وجدتها سريعًا مُردفة بابتسامة:
_"قفشتك يا عفريتة "
="كل مرة حضرتك تمسكيني كدا...إيه العقاب؟!"
قالتها الصغيرة التي تمتلك من العمر ستة أعوام فقط... بتذمر وتأفف.
_"عقابنا يا ست بيري إني هسرَّح شعرك"
="لأ مااامي...بلييييز"
_"يالا"
قالتها بتحذير لطيف وهي تبتسم.
بالطبع ستبتسم، فها هي امتلكت كل شئ في الحياة بوجود صغيرتها، حتى لو أنَّها لم تكن موفَّقة في اختيار زوجها، يكفي ابنتها وابتسامتها والمستوى الذي تعيش فيه هي وابنتها...
جلست دُعاء علي الأريكة ومدللتها على ساقيها تُمشِّط شعرها البُني المسترسل على ظهرها بتناغم ودلال.
="مامي هو ممكن أسألك سؤال"
_"طبعًا يا بيري هو مش إحنا أصحاب !!"
ابتسمت صغيرتها بِحُب...فهي لا تمتلك أصدقاء سوى والدتها، ولا ترغب أن تلهو مع أحدٍ آخر سوى والدتها... والدتها فقط!
="مامي هو ليه بابي مش عايس (عايش) معانا"
شحب وجه والدتها وتجمدت يديها عن تكملة تمشيط شعر ابنتها...وشعرت بالخزي، بماذا ستُجيبها؟!... كانت تعلم أن عليها إخبار ابنتها، يجب أن تعلم لكن ليس بهذه السرعة...تود الآن أن تكون إجابتها دبلوماسية، لعل ابنتها تقتنع قليلًا...ظلت تفكر في مخرج من هذا المأذق، ثم قالت بتلعثم وتوتر:
_"حبيبتي..أنتِ...أنتِ عارفة إن بابي بيبقى عنده شغل كتير...يعني علشان تعرفي تروحي التمرين واليو سي ماث...ومدرستك يا بيري...علشان كدا بابي بيضطر يسافر كتير علشان يجيب لك اللي أنتِ عايزاه"
="بس صحابي بيقعدوا يقولوا لي كلام وحس (وحش)... ويقولوا إن بابي مس (مش) بيحبني علسان (علشان) مجاس (مجاش) حفلة التخرج بتاعتي"
حبست دُعاد دموعها قدر ما يمكن...تنفَّست بهدوء لعلها تجد إجابة، قالت بنبرة صوت مبحوحة:
_"بابي بيحبك وهييجي...هييجي يا بيري"
يتمزق قلبها كل يوم من تجريح كلمات الناس...يتمزَّق على الحالة التي وصلت إليها في حياتها العاطفية...تبتسم فقط..فقط لابنتها...حتى أهلها يعاملوها كأنها سلعة لكن ثمينة الثمن.. كل ذلك لم تهتم بهِ، لكن الآن يتمزق قلبها بسبب معاناة ابنتها... لن ترضَى أبدًا أن تتعرَّض ابنتها لذلك، وإلي حالة نفسية بسبب هذه الوحوش البشرية.!
_______________________________
أنت تقرأ
قنوات التلفاز
Contoتلك هي الحياة التي بها لُعْبات مختلفة، تُسعِدك...وحينها تُريد أن تتابع اللهو وتَسعَد أكثر، أم ستشعر بالدَّوارٍ وترفض أن تتابع تكملة هذه اللعبة التي خذلتكَ، مثل أبطال قصصنا. تدقيق لُغوي/ندى الجندي.(العشر الفصول الأولىٰ فقط)❤️ _جميع الحقوق محفوظة للكا...