الفصل الخامس: "لنتعاون !"

38 5 0
                                    

أطوار القمر
الفصل الخامس
ماذا لو مُتنا قبل أن نقول كل شئ.. ماذا لو مات الذين نريد أن نقول لهم كل شئ؟"

طرقات عنيفة على باب المنزل، تلاها صرخات بإسم العم" صابر"...
هرعوا نحو الباب تاركين خلفهم" بسمة" الغائبة عن الوعي...
امر العم صابر زوجته وابنته بإن يدخلوا إلى غرفة بسمة مرة أخرى وتكفل هو بالتصدي وحده لهذة الصرخات التي لا يعلم ما سببها، واخيرا فتح الباب، رأى رجال القرية جميعهم حوله يخرج الشرار من أعينهم، لو كانت النظرات تقتل لسقط صريعاً في الحال، تسائل عن ماهية الأمر الذي يجعلهم يأتون لبيته في تلك الساعة، وكان الرد هو ذلك الفيديو، لقد نشره الخسيس " مازن" إنتقاما لجروح رأسه التي تسببت بها بسمة...

بعد عدة ساعات نرى بسمة وقد استيقظت اخيرا، لم يكن إستيقاظها ذلك الصباح بهادئ أبداً، كان مليئ بأصوات الرجال والنساء يتسائلون عند باب البيت، وكأنهم كلهم اجتمعوا ليجعلوها كبش فداء لامراضهم وعقدهم النفسية...
اخيرا بعد ثلاث ساعات من البكاء المتواصل منذ ان غادرتا امها واختها الغرفة، اتجهت بسمة نحو الباب تغلقه بإحكام، كانت أعينها يفوح منها معنى العجز ومن روحها معنى الموت...
اتجهت نحو مكتبها الصغير، دونت على ورقة بعض الكلمات وطوتها بإحكام، ثم... ثم كانت رائحة الموت الحقيقية تفوح في غرفتها تذهب لبارئها تبث له مالم تقدر ان تبثه لبشر...

مرت ساعتين بعدما تمكن العم صابر وزوجته من صرف الجمع الهائل، جلست الام تضع رأسها بين يديها والعم صابر يقف خلف الباب يخشى قدوم أحدًا ما مرة أخرى غافلين تماما عن الأخت الصغرى التي هرولت نحو الغرفة التي تجمعها بأختها " بسمة"...

صرخة! صرخة مدوية هزت جدران البيت جميعها، انتفض الام والاب قاصدين الغرفة ليجدوا إبنتهم " بسمة" قد تحولت من "بسمة" إلى جثة هامدة خُط على جانب عينيها المقفلتين سيل من الدمع الجاف، بينما دمائها تروي الفراش من حولها بسخاء...

......................
بعد إتمام تشييع "بسمة" إلى مثواها الاخير، جلس كلاً من العم صابر وزوجته وابنته الأخرى ينظرون لذلك القبر الذي يحتضن إبنتهم الغالية، التي اتفق الجميع على جلد روحها والخوض في عرضها دون رحمة، قطعت ذلك الصمت الابنة الصغرى وهي تخبرهم ما أدى لإقدام أختها على التفريط بروحها :

حين استيقظت على أصوات الجميع في البيت حاولت الخروج ولكنها لم تستطع لأننا أغلقنا الباب بإحكام خشية أن تسمع ما يجرحها ولكن... زاد اضطراب صوتها وعلى نحيبها وهي تسترسل قائلة : لقد نسيت هاتفنا المشترك في الغرفة، ارسلت لها إحدى الفتيات التي تغار منها ذلك المقطع شامتة بها...
انتحبت اكثر وهي تتخيل ما دار بخاطر اختها لتكمل مخرجة ورقة ما من جيب عبائتها السوداء مدت بها يدها لوالدها : هذة رسالة "بسمة" الأخيرة لنا يا أبي...
لم ينتظر ان تُكمل كلامها وانتزع الورقة متلهفاً يحتضن كلمات ابنته الأخيرة ليقرأ بصوتٍ عالِ ليُسمع زوجته وابنته :

أطوار القمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن