الفصل الاول : بداية اللعبة

459 15 17
                                    

" الفصل الأول "

-بداية اللعبة-

سنواتي التي رحلت، أوراق عمري التي ذبلت، الا يمكن أن تعودي، ام انكِ بقيتي أسيرة لذكرياتي السوداء والبيضاء، لماذا تخليتِ عني، وكإنهم قاموا بدفنك في بئرٍ عميق، حتى صوتي لا يخرج منه، وحتى إن خرج فلن يسمعه احد، وسيتردد صدى صوتي وآهاتي بداخلي يحرقني دائما، ها أنا ككل يوم انظر إليك لعلك تعودين..

ها هي تقف من جديد كعادتها، تبتسم بوهن والدموع تحرق قلبها وتمطر من عينيها، تنظر في المرأة علها تجد تلك الطفلة المدفونة بداخلها، وهاهي تلمس تلك الصورة المعلقة، وتحتضنها كأنها تريد إدخالها في أعماق قلبها، تنظر مرة أخرى للصورة وتضعها في مكانها، تعدل ثيابها "الرجالية"  وشعرها القصير الذي تخفيه خلف تلك القبعة وهي تستعد لحربها الجديدة، حربها مع ضميرها وروحها المتألمة..

تدلف للغرفة في عجلة من أمرها، شمس : ألم تنتهي بعد يا فيحاء! يجب أن نستعجل، الأمر لايحتمل اي تأجيل.
فيحاء: لقد انتهيت للتو، لا تنسى اني أودع إبنتي في كل مرة.
شمس : اذا هيا بنا لنلحق بالبقية.

ينطلقوا برفقة ثالثتهم "نور" ليلحقوا بباقِ الفريق في ذلك المستودع المهمل الذي يحوي حجر الزاوية في هذة الحكاية..

يدخلن كعادتهن مرتدين قناع القوة الذي لطالما أخفى خلفه الكثير من الضعف و العناء..

فيحاء: هل انتهيتم من ذلك القذر!
سعيد: ننتظر ان تضعن لمساتكن على منظره المقرف، إنها علامة مائية عزيزتي..
ابتسمت نور بسخرية ممزوجة بإلم  وهي تتجه نحو غرفةٍ ما تقبع أسفل ذلك المستودع الغريب: حسناً، لأبدأ انا إذاً من

تدخل لتشاهد بقايا بشرياً وكأنما تحول لخرقة بالية من شدة الضرب، تخرج من جيبها إحدى علب السجائر التي إبتاعتها ولأول مرة لهدفٍ ما،تقوم بإشعال واحدة لتشد شعره حتى كادت تخلعه من جذوره، نور : هل احرقت جسدها بهذة السجائر ايها القذر! إذا لاريك كيف هو شعور تلك المسكينة، لتغرز السجارة التي اشعلتها في رقبته لينتفض وهو يصارع الألم ويطلق صرخات هزت أركان الغرفة، لتضعها في أماكن متفرقة في رقبته حتى تخور قواه من جديد، لتدخل حينها فيحاء بإبتسامة متألمة : هل إنتهيتِ عزيزتي! لابد من وضع اخر لمساتي لتكتمل تلك اللوحة، اومأت نور وهي تنفض خصلاته من يدها وكأنها جيفة مقرفة، إقتربت فيحاء منه تطالعه بقهر : ماذا فعلت لك طفلة بعمر ال١٢ أيها القذر! هل حرمتك من اطفالك، ام قامت بخيانتك، ام انها لم تقم بكي قميصك المفضل! هاه! عذبتها ، قمت بإغتصاب برائتها و قتلتها، وبكل وقاحة تقوم بالبحث عنها مع والدتها! لكن لا تخف سأقوم بإرسالك لدارٍ لا يظلمون فيه هؤلاء البريئات ولا تغتصب برائتهن، سيطيرون كالملائكة في الجنة اما انت فستنفني في قاع جهنم انت وأمثالك..

ابتعدت عنه بعد أن بصقت عليه، لتقم بآخر مهمة لإرساله لعالم المالانهاية..
............................
إشتقت لكِ وكأن دنياي اندثرت جميع الوانها بغيابك، الحياة صعبة جداً يا جدتي، اكتافي لا تقدر على حمل اعبائها، حتى حضنك الدافئ الذي كان ملجأي للهروب من تلك الأيام حُرمت منه، ولكني أحاول وسأحاول دائما الفوز بقدر الإمكان في معركة حياتي التي تدمي قلبي بإستمرار، يضع تلك الزهور الحمراء من يده بجانب ذلك القبر الذي يحتضن ملاذه الوحيد بتلك الحياة، ينظر مطولاً متأملاً لذلك القبر، ويلتفت ليذهب، توجه بسيارته إلى منزله البسيط يقوم بفتح الباب حتى تستقبله تلك المرأة وبحضنها هذة الطفلة الجميلة التي تبلغ من العمر ٦ أشهر فحسب، يتجه ناحية طفلته يلتقطها في احضانه، مطر: أشكرك سيدة زينب لإنتظارك بجانب الطفلة، اضطررت للتأخر اليوم، يمكنك الذهاب الان..
اومأت زينب بهدوء بعدما اخذت أجرتها اليومية وهمت للذهاب، التفت لطفلته التي غطت في نوم عميق فور احتضانه لها، ينظر لملامحها البريئة بأسى، قبّل جبينها بهدوء واتجه بها إلى فراشها الصغير بجانب فراشه، ليضعها به ويستلقي هو في فراشه يمر أمامه ما حدث في تلك المدة المنصرمة وكم عانى ليكن نعم الاب لطفلته بعد وفاة زوجته، اغمض عينيه وهم يفكر بتلك المرأة الغامضة التي لا تتخلى عن هجاءه هو وزملائه في العمل والتقليل منهم في كل مرة تسنح لها الفرصة، غاص بإفكاره في أعماق النوم ليغتنم ساعتين قبل إستيقاظ المشاغبة الصغيرة..
......................
رجعوا سوياً بعدما إنتهوا من مهمتهم الشاقة على وجوههم إبتسامة نصر ممزوجة بالالم، فيحاء: أهم مايشغلني هو إتهامهم لشخصٍ برئ، اتمنى الا يتدخل ذلك الشرطي الأحمق ويحاول تحقيق العدالة الكاذبة التى تثير اشمئزازي..
شمس: لا تقلقي على كل حال سيتم تقييد القضية ضد مجهول إلى أن يجدونا طبعا، وهذا غير ممكن بالتأكيد..
سعيد: أرجوكم إهدأوا، لن يحدث شئ سئ يضطرنا للتوقف عن تحقيق العدالة في هؤلاء القذرين..
نور: صرخات ذلك القذر اليوم كانت تغسل روحي، بالتأكيد أن "ملاك" تنام بسلام في ذلك القبر المظلم الذي يحتضن جسدها الصغير...
تنهد بعمق وهو ينهض، حبيب : تعلمون في النهاية هذة هي الوظيفة التي وضعناها لإنفسنا، لا يوجد تراجع او ندم، هيا يا سعيد لنذهب تأخر الوقت،نهضا سوياً ليتجه كلاً منهما لبيته

دخل "سعيد" غير السعيد بالمرة  لبيته المتواضع ليسمع صوتها المنتحب كالعادة والذي يمزق نياط قلبه، فتح باب غرفة تلك المسكينة ليأخذها في احضانه يهدهدها كالطفل الصغير، استكانت في يده، لم يبدي ردة فعل قوية لتعوده على ذلك كل يوم، حملها إلى غرفتها، دثرها جيدا بالغطاء : قتلت ذلك القذر ولكن لم أستطع قتل تلك الذكرى المؤلمة في عقلك، لازلت تنتفضين في كل ليلة وكأن تلك الليلة تعاد، سامحيني يا سعاد، لم يستطع ذلك الطفل الضعيف ان ينتشلك من براثن الوحش في السابق ولكنه سينتشلك من ظلام ذكرياتك الاليمة يوما ما...

بينما حبيب اتجه لفراشه البارد الخالي من حبيبته، يلعن من ابعدها عنه ومن اخلى أيامه من ضحكاتها البريئة التي كانت تنير حياته، من حرمه من أن يكون حبيباً لها طوال عمره، فأصبح "حبيب" حبيباً للعزلة و عناء الإشتياق، وربما عناء الإنتقام..

..........

أطوار القمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن