دمــاء سالت على القميص ذو اللون السكري، وكأن إناء توابل من البهارات الحمراء سُكب على حفنة من السكر، اتسع بؤبؤ عينيها وهي ترى جسد حبيب التميمي يهتز، فصرخت على أمين بهلع الذي غادر مسرعًا كفأر مذعور من قطة
وعلى إثر صوتها المرتفع دوى صوت المارة ومنهم من صاح بقلق على هذا الشاب ومنهم من ركض على البلطجي وتركوا حبيب يصارع ألم النصل الذي اخترق لحمه، وخزات مؤلمة جدًا كان يعاني بها في صمت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان حبيب مستلقي على السرير الطبي والطبيب يتابع تخيط جرحه بينما اسينات كانت على وشك الانهيار والسقوط، غلبت عليها دموعها وانتصرت حتى سقطت على وجنتيها وارتفع صوت شهقاتها وبكائها معًا، كان حبيب يتابعها ولم يملك سوى مسح عبارتها الملوثة بدمائه الجافة
استمعا الاثنين لصوت الطبيب يطمأنهما:
- الجرح مش سطحي أوي يعني، وخد غرزتيناستطاع حبيب إغلاق زرين من أزرار قميصه المفتوح وهو يشكره:
- متشكر يا دكتور، أقدر أمشي دلوقتي؟رفض طلبه بتأكيد:
- مش قبل ماتعمل محضر في اللي طعنك!نهض حبيب وقال بقلة اهتمام:
- طيبسار في الردهة وهي خلفه فلاحظته أنه سيكمل طريقه خارج الوحدة الصحية، وهمست له:
- مش هتعمل محضر!- بعرف أجيب حقي لوحدي
جملة قالها حبيب تحوى على كثير من الانتقام والوعيد في نبرة صوته، ظلت واقفة خلفه بعدما تقدم بضع خطوات عنها واستأنفت هي بكائها مجددًا، وعلى مضض أقدم عليها حبيب وهو يقول:
- مش كفاية يا اسينات؟أمسكت طرف من حجابها القطني ونشفت بها عبارتها قائلة بصوت مهزوز:
- انت مضروب بسكينة في صدركصحح لها فورًا:
- مطوةقبل أن تعاود هي للبكاء، هدأها هو بعقلانية:
- أنا كويس أهو، مجرد جرح سطحيرفعت اسينات عيناها اللامعة وقالت بتعنيف لنفسها:
- بسببيهتف بها باستنكار مقاطعًا قوله، ليردف بجدية هذه المرة:
- أنا فداكيتمتمت بحزن ويأس على حظها الذي يورطها دومًا في مشاكل:
- بس انت مالكش ذنب في اللي حصل، أنا المقصودةلذلك برر حبيب بثقة:
- وعشان كده أنا باخد حقي بنفسي، يلا نمشي يا اسينات- طب هتعمل إيه؟
تغاضى عن سؤالها وهمس لها بلين:
- ماهعملش حاجةتوسلته بحرقة ونبرة متلعثمة:
- بالله عليك ماتورط نفسك في مصيبة عشانيواستأنفت تعقب وتوضح مقصدها:
- وأنا أوعدك هسيب العيادة- حبيب؟!
أنت تقرأ
زمهرير لهب الصحراء
Romanceسنبرم مبارزة على حلبة الهوى ومن يربح الهيجاء يحق له أن يظفر بقلب الآخر. بقلم/ فاطمة الزهراء عرفات