تتغير الحياة العاطفية بين الزوجين بعد وجود طفل، فلم يعودا ينعمان بنفس درجة الحرية، ومن ثم تصبح العلاقة الحميمة لقاء صعب المنال، وإن لم يشاركهما الطفل نفس الحجرة، فمجرد الاختلاء أمر غير مبرر للطف... وهذا ما حدث للطفل حبيب أنور التميمي
تصلبت ملامحهه للذعر الشديد وأول ما يتبادر إلى ذهنه عندما رأى أبويه في هذا المشهد هو أن هناك طرفًا يسبب أذى بدنيًا للآخر، استطاعت رئيفة لف جسدها بثيابها وركضت عليه تسأله بقلق:
- انت واقف هنا من امتى يا حبيب؟!
لم يرد عليها وما زالت ملامحه مصدومة برعب شديد وكأن شاهد فيلم رعب خاص بتحضير الشياطين، احتضنت رئيفة ابنها الذي قام بسرعة لف ذراعيه الصغيرتين على عنقها في حالة صمت تام
اقبل عليهما أنور وهو يرتدي قميصه بإهمال وبدأ يوبخ ابنه بضيق:
- انت يا زفت أنا مش منبه عليك لما تدخل أوضة لازم تخبط!
عاتبته رئيفة باكتراث وتوجس:
- مش وقته يا أنور
وهمست في أذن حبيب بطمأنينة:
- شوفت إيه يا حبيبي؟... ماتخفش يا حبيب بابا بيهزر معــ آآآ
قاطعها بزمجرة خشنة:
- انتِ هتشرحيله حصل بينا إيه؟!
بدأ أنين وهمسات حبيب تظهر للصدى وفيها اهتزازة خائفة متلعثمة، فنهضت رئيفة وهي ممسكة به بإحكام وغادرت من الغرفة ولحق بها زوجها وقبل دخوله معها منعته بلطف:
- خليك بعيد يا أنور أنا هعرف اتصرف مع حبيب
ضجرت ملامحه واستطرد قائلًا بغيظ:
- طول ما انتِ بتحابي عليه وديمًا جاية معاه عمره ما هيفلح في حاجة
وعاد إلى غرفته يجلس على السرير بحنق وغيظ متملك منه، فبرغم من رغبته في الذرية الصالحة إلا أن ابنه نغص عليه فرحته وحياته، وعلى الجانب الآخر حاولت رئيفة فك تشنجات ابنها المتصلبة واستمرت تسأله:
- شوفت إيه يا حبيب؟
ما زال الصغير صامت لا يتحدث ولا يفعل شيء سوى قفل عينيه بقوة وبدأ يصدر همسات متلعثمة من صوته المرتجف، وبالتدريج أحست بماء يتسرب عليها من قبل ابنها فصرخت على زوجها:
- الحقني يا أنـور!
اقتحم غرفة ابنه وهو يسألها بجزع:
- في إيه يا رئيفة؟ حبيب ماله؟
وهنا صاح حبيب ببكاء عن الصورة التي يعجز عقله الصغير تفسيرها وخاف من أبيه بشدة مبالغ بها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مساء اليوم السادس منذ الواقعة التي حدثت لحبيب، خاف من والده وكره لقائه ... أخبرهما الطبيب بالصدمة التي تعرض لها طفلهما وذلك بسبب صغر عقله ودلهما على طبيبة يتابعا معها حالة ابنهما وعلى مدار يومين يقصدا عيادتها ولكن دون تحسن من حالة حبيب
كان يشعر بإجهاد نفسي بعد الصدمة وهو عبارة عن حالة اضطراب تتسم بقلقٍ قد يُصاب بها الشخص بعد أن يشهد أو يعيش بشكل مباشر أو غير مباشر حدثًا مأساويًا أو ظرفًا قد يُهدد حياته مثل مواجهة العنف الجنسي الحقيقي أو التعرض لتهديده
أنت تقرأ
زمهرير لهب الصحراء
Romansسنبرم مبارزة على حلبة الهوى ومن يربح الهيجاء يحق له أن يظفر بقلب الآخر. بقلم/ فاطمة الزهراء عرفات
