بعدما خرج معها من عيادة الطبيب الذي فحصها وأكد على ضرورة إتباع نظام صحي وأدوية خاصة لمعدتها الحساسة أثر جراء عملية تكميم المعدة، قاد ميخائيل سيارته السوداء بعيدًا، فأخرجت دميانة من حقيبتها مستحضر تجميل للشفايف شفاف لا لون له وبدأت تزين به شفتاها، كان هو بين الحين والآخر يلقي عليها نظرات غريبة، فبادرت وسألته عن سبب تلك النظرات:
- مالك بتبُصلي ليه؟أجابها بملامح منزعجة:
- البتاع اللي بتحطيه على شفايفك ده- ماله؟!
أنطلق سؤالها بعدم اهتمام، بل قربت مرآة سيارته على وجهها وزادت في وضعه، حتى عاود يقول لها بنفس النبرة السابقة:
- ماتحطهوش تانيفقالت دميانة مستهزئة منه:
- ليه بتغير عليا؟خيب ظنها بإجابة خرجت من طرف لسانه وكأنها رصاصة اخترقت صدرها حينما قال باشمئزاز:
- شكله عامل زي الريالةاتسعت حدقتيها بدهشة، بل صدمة كبيرة ومفاجئة وهي تسمع كلماته الغريبة، وانطلقت توبخه:
- ريالة! الليب جلوس بقى ريالة؟! وانت تفهم في الميك اب من أي اتجاه؟تدارك نفسه سريعًا وقد عض على لسانه المتهور، فأردف يقول محاولًا تجميل قوله:
- بس شكله حلو تحسيه عسل نحل بيدلدق من بؤككررت قوله الذي سيفتك عليها يومًا ما:
- بيدلدق؟!أضاف ميخائيل مؤكدًا عليها بضحكة مرحة:
- دي الحقيقة يا داندي انتِ عبارة عن كيلو عسل نحلقبل أن ترد عليه تغيرت ملامح ميخائيل للصدمة ثم الغضب عندما رأى سيارة الضابط موسى أبو الدهب ابن عمه خلفهما وكأنه شك ولو بقليل أنه يراقبهما، فأوقف السيارة في ركن بعيد عن ازدحام الركاب والسيارات، وخرج منها إلى ذلك الوغد الحقير
علم موسى أن ابن عمه لن يترك الأمر بسهولة فأوقف سيارته هو الآخر وقبل أن يخرج منها كان قد سلبه ميخائيل بقسوة من ذراعه وهتف به:
- بتراقبني ليه يالا؟!تلعثم موسى ونطق بلجلجة:
- آآ.. أراقبك؟! انت اتجننت ولا فاكر الشارع اشتريته بفلوس أهلك؟- ميخائيل؟!
هتفت بها دميانة بحدة، فالتفت لها قائلًا بلهجة قاسية:
- امشي يا دميانة أنا عايز اتكلم مع ابن عمياحتجت برفض قاطع:
- بس كده انتوا ممكن تتخانــ آآعاود مقاطعتها متصنعًا الابتسام:
- مافهاش خناقولم يدع لها الفرصة بالاحتجاج مجددًا، ليوقف لها سيارة أجرة وتركها تستقلها، ثم عاد إلى ابن عمه الذي جلس على سيارته وأشعل سيجارة وهو يقول:
- عايز تقولي إيه يا ابن عمي؟!وأخيرًا قد سنحت لميخائيل الفرصة على طبق من ذهب في الثأر لكرامته من موسى حينما كسر ذراعه منذ أربع سنين وست أشهر وخمسة أيام، بالطبع كان الضابط ذكي جدًا واستطاع بقراءة أفكار ابن عمه، فنطق بكامل النبرة الباردة كالثلج:
- بتفكر في إيه يا ابن عمي؟
أنت تقرأ
زمهرير لهب الصحراء
Romantiekسنبرم مبارزة على حلبة الهوى ومن يربح الهيجاء يحق له أن يظفر بقلب الآخر. بقلم/ فاطمة الزهراء عرفات