.الهموم..

36 16 23
                                    

الهموم 🔖

كان لأحد الحكماء غلام يساعده في حوائجه
وكان الغلام دائم التأفف والشكوى والتذمر من الحياة ومن الناس!

فخطر على بال الفيلسوف خاطر ، حيث قال لغلامه اذهب وأتني بحفنة ملح
ذهب الغلام وأحضر الملح

فقال له الفيلسوف : ضع حفنة الملح هذه في كوب ماء
وضعها الغلام كما طلب منه الفيلسوف
فقال له : اشرب الماء الآن
فما اعترض الغلام رغم استغرابه
فشرب الماء وبعد أن انتهى من شرب الكوب مالبث أن تفل ماعلق بلسانه عند آخر الشرب
وقال لمعلمه إن طعمه لمقزز!!

بعدها قال له الفيلسوف اذهب وهات حفنة ملح أخرى
فذهب وأحضر ذلك وكان بالقرب منهما بحيرة
قال له الفيلسوف : اذهب وضع الملح في هذه البحيرة
فوضعها الغلام دون اعتراض
فقال له الفيلسوف الآن أشرب من البحيرة
فشرب!
ثم سأله : والآن مارأيك بطعم الماء؟
فقال الغلام : طعمه عذب!

عندها توجه الفيلسوف للغلام قائلاً :
هكذا فليكن قلبك يابني واسعاً مثل البحيرة وليس مثل الكأس ۰۰
فأنت من تتحكم بطعم الحياة وتستطيع تبديد همومك وتذمرك فلا تبحث بعيداً

.
الدرس الأول :
لا يوجد إنسان ليس لديه مشاكل
ولكن البعض يعرفون أن الأرض لن تكف عن الدوران إذا تأففوا
والشمس لن تعتزل الشروق إذا تذمروا
هي حياة وستمضي
لهذا يتكيفون معها
لأن الظلام شيء سهل
لكنه حيلة العاجز
إيقاد شمعة لن يطرد الليل
ولكنه سيتيح لك أن تبصر أمامك

.
الدرس الثاني :
الذي يقضي ليله بين الكتب لا يكره النوم
والذي يساعد الفقراء لا يكره المال
والتي تلبس حجاباً کاملاً لا تكره الأزياء والموضة
والذي يسافر ليتعلم لا يكره أهله ووطنه
والذي بذل روحه في سبيل ما يؤمن به لیس کارها للحياة
والذي يتعفف لیس کارها للنساء
والتي تحصن نفسها ليست كارهة للرجال
هؤلاء الأشخاص ببساطة يختارون الطريق الأصعب
لأن الطريق الأسهل عادة طريق خاطئ
.
.
الدرس الثالث :
السخط على قضاء الله لن يغيره ولكنه يحرم أجر المصيبة
السخط لا يعيد ميتاً
ولا يشفي مريضاً
ولا يغني فقيراً
قضاء الله نافذ شئنا أم أبينا
وهو شيء غير قابل للتغيير
ولكن العقلية التي تتعامل معه هي التي يجب أن تتغير
يريد أحدنا أن يكون سيداً مطلقا في بيته
ولا يرضى الله أن يكون سيداً مطلقا في خلقه
من كان يرزق نفسه فليتأفف إن فقد رزقاً
ومن أنجب ولداً بقوته فليتذمر إن فقده
من أنبت زرعاً بحنكته فليسخط إذا لم يحصده
إن الله إذا أعطى فبرحمته
وإذا أخذ فبعدله
هذه البديهيات يجب أن تتحول من عقائد إلى سلوکیات
والله يعطي الدنيا لمن يحب ولمن يكره
ولو كانت تساوي عنده جناح بعوضة ما سقى منها کافر
هذه الدنيا فندق
وكل واحد منا نزيل ما يلبث أن يرحل
حتى أولئك الذين ملكوا هذا الفندق الكبير
ترکوه وراءهم ورحلوا

این سليمان وقد ملكها من مشرقها لمغربها

أين النمرود وقد ملكها من أقصاها لأدناها

الطغاة والعصاة نصيبهم منها مترين من تراب
الأغنياء والفقراء نصيبهم منها مترين من تراب
هذه الدنيا امتحان و كل مشارك فيه بحسب ما قدر الله له

لن يدخل غني الجنة بغناه

ولن يدخل النار فقيراً بفقره

تعالوا نعرف حجمنا
نحن ذرة في هذا الكوكب
وهذا الكوكب ذرة في كون الله الواسع
تعالوا نعترف بسلطان الله على خلقه وفي كونه

السخط لا يرد قدراً

والرضا يرفع أجراً


-انتهى-

'حـديث الـمساء' ||evening talk حيث تعيش القصص. اكتشف الآن