الفصل الأول
مرة وأنا صغيرة وجدت أمي تجلس على الأرض وتتكئ على ركبتيها وفي ذلك الوقت كنت فالصف الأول الابتدائي تقريبا
فقولت لها أمي ماذا نفعل ؟
قالت لي أمي في ذلك الحين نحن نصلي
قولت لها كيف ؟
قالت لي أمي مثلما تريني أفعل افعلي
قولت لها ولكن الفرق أنا أقوم بعمل بعض التمارين الرياضية مع مدرستي فقط
قالت لي أمي لا ، هناك فرق يا قلبي بين الرياضة والصلاة.
ثم بدأت أمي بتوضيح الأمر لي وتوضيح الفرق بينهما :
أولا: الصلاة تكون عماد الدين ، هي أساس كل شيء في هذه الدنيا أساس العلم والتقدم والأخلاق ومن لا يصلي لا يعتبر مسلما لأنها عماد وأساس الدين وربنا الكريم سيعاقبه على عدم صلاته بدخوله النار..
وأيضا الصلاة هذه تستطيعين أن تتكلمي فيها مع ربنا وأنت بتصلي مم بتكوني بين يديه ، تكونين أمام رب العزة من لا يرد سائل وهو أقرب لعبده من حبل الوريد وكما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز إني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني .
ثانيا: الرياضة هذه تعتبر نشاط بدني نقوم به حتى يصبح جسدنا بصحة جيدة
وتستطيعين يا قلبي أن تصلي للتقرب من الله ونيل طاعته وفي نفس الوقت تقومي ببعض التمارين البسيطة عن طريق الصلاة
ثم قالت الأم وأنتِ بنت ذكية وتستمع لكلام والدتها وبالتالي تصبحين بنت ذكية أكثر أما إذا استمعتِ لكلام الله سبحانه وتعالى ستكونين موفقة في كل حياتك ويساعدك الله في كل أمورك
قالت البنت في ماذا اسمع الكلام ؟
قالت الأم ربنا أمرنا بطاعته وأن نصلي..
في هذه الحالة نستمع لكلام الله سبحانه وتعالى أم لا ؟
قالت البنت نعم بالطبع سأنفذ كلام الله وسوف أصلي وألتزم بكل ما يفرضه علينا ، ولكن كيف ؟!
قالت الأم عندما تسمعين صوت المؤذن يغرد بصوته الجميل كلام الله أولا ترددين ورائه الأذان ثانيا تدعين لله بكل ما تتمنين لأن في ذلك الوقت يكون استجابة الدعاء أكثر من أي وقت آخر مع أن الله مستجيب دائما وثالثا تقومين لتوضأ وهذا سأعلمكِ إياه ولكن عملي أي تفعلين مثلما تريني أفعل..
قالت البنت : حاضر يا ماما ولكن هل أنا سأصلي وقت الاذان فقط ؟!!....
قالت الأم بالطبع لا يا سمرا (بحب الاسم دا أوي) أول ما تكوني سعيدة تصلي ، أول ما تبقى زعلانة صلي.
قالت البنت باستغراب لا أريد توضيح كيف ذلك ؟
أنا مثلا يا ماما عندما أكون سعيدة منكِ أو من بابا أو من زمايلي بقولهم شكرا..
قالت الأم ممتازة ، برافو ...
وأكملت حديثها أريد توضيح أمر صغير من السبب في سعادتك تلك ؟!
سأقول لكي هذا الفرح بسبب ربنا والشكر الملائم لله سبحانه وتعالى هو أن نصلي...
قالت سمرا وعندما أكون حزينة ماذا أفعل ؟؟؟.
قالت الأم ماذا تفعلين عادة ؟!
قالت سمرا بجلس بمفردي وأبكي دون صوت ودون معرفة أحد..
قالت الأم هذا ليس حلا عندما تشعرين بالحزن قومي توضأي وصلي لله وادعي له بما تريدين واشتكي له ممن يزعجك أو مما يحزنك ، ابكي بكل راحتك ولكن مع الله ربنا سبحانه وتعالى يحب لجوء عبده إليه في كل حالاته وخصوصا في حالة الحزن حتى يساعده ولكن لا تدعي على أحد بأي سوء ربما تكون أبواب السماء مفتوحة في ذلك الوقت ويستمع الله لدعائك فقط قولي منه لله واتركيه لخالقك وخالقه وخالق كل شيء هو أحق بما يريد فعله به .
قالت سمرا ولكن في هذه الحالة أنا لن أتحدث معك أبدا يا ماما ...
قالت الأم بكل ثقة دون تفكير ولو للحظه تأكدي يا ابنتي أن لا يوجد أي مخلوق على وجه الأرض أحق وأحن من الله حتى تتكلمين معه ، وتأكدي أنه لن يخذلك أبدا ، وثقي أنه عاجلا أو آجلا سيجلب لكي حقك .
ثم تابعت حديثها بمرونة أقل ويمكنكِ الحديث مع من ترتاحين له فالكلام ومن ينصحك لا من يجاملك
ولا تنسي أنك عندما تكونين سعيدة وتصلي تشكري ربنا يقوم ربنا يجعلكِ تفرحين لأصغر سبب ؛ فتصلي وتشكريه فيظل يسعدك لأسباب صغيرة وبسيطة ، وعندما تشعرين بضيق وحزن وتصلي، ربنا هيبعد عنك الزعل ويساعدك فأنه يوضحلك ما هو الخطأ سواء مع الشخص الذي أغضبك أو مع سوء الفهم الذي حدث أو على الأقل يضع أمامك سبب مقنع حتى لا تلومي نفسك كثيرا ، أو يكون من أغضبك مخطئ بالفعل فيعاقبه الله بطريقته
ردت سمرا بعصبية كيف ذلك ؟! كيف أسامح شخص يخطئ في حقي ؟؟!!!!
ردت الأم بهدوء وحنان لطمئنة ابنتها الصغيرة التي لم تواجه شيء بعد في تلك الحياة لأ يا سمرا المحترم المتربي يسامح عندما يكون قادر ..
ولا تنسي شيء مهم جدا (العفو عند المقدرة). عندما يكون في يديك العفو اعفي لا تنتظري كيف سيقابل عفوك بل انتظري كرم ربنا من هذا العفو وانتظري راحتك النفسية التي ستظهر بعد هذا العفو ..
في صباح اليوم الأول لسمرا في الجامعة وهي في صفها الرابع تذكرت كل ذلك كأن والدتها مازالت موجودة ولم تمت في ذلك الحادث اللعين التي لن تهدأ حتى تعرف من سبب ذلك الحادث ...
وكالعادة تتمتم بداخلها ببعض الكلام الذي لا يفهمه غيرها هي وعقلها ..
الحمد لله نفذت الكلام ولكن زيادة عن اللزوم لدرجة أنني لم أعد أفهم هل هذا صحيح في هذا الزمن ؟!!!! وأصبحت ضعيفة لدرجة أن حقي ليس ملكي
وفي هذه اللحظة تذكرت سمرا ثاني أهم شخص يفيدها كلامه عندما تتذكره بعد والدتها الاخصائية النفسية التي تحدثت معها من قبل في أول سنة جامعية لها عندما لاحظت سلوكياتها الغريبة وانطوائها الملحوظ .. ...
قالت الأستاذة منى ماذا بك ؟ لما أنت بعيدة هكذا عن زميلاتك ؟ لما تلتصقين بهذا الشاب هكذا أعرف أنه يكون أخاك ولكن هو ليس صديقتك ؟
نظرت لها سمرا والدموع تلألأت بعينيها ونطقت إجابتها ولكنها لم تكن متوقعة بالنسبة للأخصائية وقالت بهدوء غريب ولم تنزل لها دمعة واحدة أمامها :
المشكلة إني غير قادرة أن أتكلم مع أي شخص وفي نفس الوقت لست قادرة على التوقف عن الكلام وفي نفس الوقت لست قادرة على أن أطفئ تلك النار التي بداخلي ولو ببعض الدموع القليلة أصبح لدي حالة من البرود وعدم اللامبالاة الغريبة ...
نظر سمرا للأستاذة منى بعد أن كانت تنظر فالفراغ وجدتها تستمع باهتمام وتقول لها أكملي كلي آذان صاغية استغربت قليلا سمرا لأنها لم تجب على السؤال ولكنها تريد أن تنصت لها .
ثم أكملت حديثها بنفس حرارة الكلام السابقة ..
ولأول مرة في حياتي أحاول أن أحجب حزني وأنجح بذلك ولكن الغريب أن مع كل ذلك الضحك والراحة النفسية التي تظهر واضحة على ملامحي لا يوجد أي شخص فهم ما بداخلي إلا شخص واحد ، والأغرب أن هذا الشخص أنا كنت أخذت قراري بأن أبتعد عنه
فجأة قالت الأستاذة منى كملي وهل ما ذلك القرار أشعركِ بالراحة ؟
ردت سمرا لا أعرف بعد ، ولكنني في حالة عجيبة من أمري
تفاعلت مع الأستاذة منى وقالت لها لما ؟
قالت سمرا لأنني قررت أن أبعد ولكن بعقل من غير تصرفات مجنونة أو هوجاء ؛ لأنه كان عندي حاجة كبيرة جدا كنت بحترمه وبعزه ودائما أراه بطريقة مختلفة .
ردت الأستاذة بتركيز حتى تفهم من تلك البنت كيف ؟
قالت سمرا بهدوء وراحه شخص صريح ، ومحترم ، جد ولكن للأسف لا أعرف ماذا حدث تغير تماما مع إن كل هذه الصفات مازالت موجودة ولكنني لا أراه بنفس الطريقة القديمة ..
قالت الأستاذة ما الغريب في ذلك ؟
ردت سمرا ما يجعلني أشعر بالاستغراب إنني الوحيدة التي كنت أراه مختلفا دائما كنت منبهرة بطريقته وتصرفاته لدرجة أنه كان تقريبا أصبح مثلي الأعلى مع أن هو مازال محترم جدا ولم يخطئ في حقي أبدا بالعكس بيحترمني وبيفهمني ولكن من الممكن أن أكون أزيدها بعض الشيء وفنفس الوقت لست قادرة على التصرف بشكل طبيعي ..
وكلما أتذكر أنه الوحيد الذي يراني على حقيقتي وأنني بالفعل لست بخير أشعر بالتوتر ..
الشيء الوحيد الذي لا أستطيع أن أنكره أن له فضل كبير في تغير شخصيتي
وضحكت سمرا ضحكة بريئة صغيرة وقالت والغريب إنه غير قابل لهذا التغير
قالت الأستاذة بهدوء وهل مازال تأثيره عليك كما كان من قبل ؟
أجابت سمرا بهدوء وراحة في ملامحها بالطبع فأنا ما زلت أستمع لكلامه
ولكنني اتخذت قرار (قولته لعقلي..)
( سأبتعد ولن أبتعد )
قالت الأستاذة باستغراب وضحي لي بهدوء ماذا تقصدين ؟
أجابت سمرا أنا متأكدة إن هو لا يقف على وجودي ولن يفرق معه كثيرا وجودي من عدمه ..
قاطعتها الأستاذة منى وقالت وما الذي يزعجك إذن ؟
قالت سمرا وصوتها مكسور من الشعور بالخذلان أنا موجوعة جدا من فكرة أنه ممكن بكل بساطة بعد ما كنا أصحاب وأخوات بسهولة ممكن يسب ويخطئ في حقي بعد ما كان بيحترمني ويمدحني .لست قادرة أن أتخيل أن موقف واحد يجعله بتلك القسوة
ردت الأستاذة وقالت يا سمرا ليس كل الأشخاص في حياتنا نتعامل معهم بنفس الأسلوب مثلا لو أنا ضايقتك ستتصرفين بأسلوب مختلف عن صديقتك التي أزعجتك وهكذا مع أي شخص
التعامل يكون حسب الأهمية والاحترام بين كل شخص في حياتنا
ردت سمرا وقالت أستطيع أن أجزم لكي أنه ليس كما أظن ولكن لا أستطيع أن اطمئن لتلك الفكرة ..
والغريب اكثر إني لم أعد أصدق مدحه لي بأي شكل من الأشكال بل أرى أن كل كلامه مجاملات فارغة ( اه بيدحك عليا ويجاملني )
وهذا يحزنني أكثر..
فكرة أن ممكن فأي وقت يركنك على الرف لوجود بديل عنك تزعل أو تزعلني أنا بذات لأن أنا لا أحب ولا أستطيع أن أكون رقم احتياطي
هو صحيح ما حدث لم يكن موقف بسيط ولا صغير ولكنه سبب غير مقنع أن يتعامل بهذه القسوة ، خصوصا إنه كان ابتعد وعندما فكر أن يقترب مني من غير علمي حصل ظروف جعلتني أبتعد ، وحاول أن يظل بجانبي أنا احترمت موقفه واحترمت أنه اعتبرني مسؤوليته ولكن هذا لا يعني أن أقوم بعمل ما يستنزف طاقتي وعقلي وأفضل منهكة نفسيا لمجرد إني أرد له معروف فعله معي .....
وردت أستاذتها وقالت أصبحتِ فالفرقة الثانية ومازلتي لا تتحدثين غير عليه ولكن ما هذا الموقف الذي حدث كي تبعديه ما الجديد يا سمرا ؟
ضحكت سمرا وقالت لن أجيب عليكي بما تريدين سماعه
الفكرة كلها ليست في من مخطئ بل في لماذا فعلت ذلك مع أني لا أريد فعله ؟!!
ولكن الغريب أني تعمدت أن أضايقه وأغضبه وهو زعل فعلا وأخد مني موقف ولكنني كنت منتظرة أن يخطئ في حقي ويعاملني بالقسوة التي عاهدته عليها نعومه يفضله ولكنه لم يفعل ذلك بل أنه أبطل كل شكوكي وظل يحترمني مع أنه كان ممكن يقلب كل حاجه وينتقم كمان من اللي عملته أو تقريبا كان بدأ يقلبها ولكنه فكر قليلا وقال لنفسه يخلص ضميره من ناحيتي ويفضل لآخر مرة .....