فتاة الريف ♥️

340 29 3
                                    

كانت تسير بخطى سريعة بين الحقول الزراعية الخضراء بعباءتها السوداء مُنادية على والدها
" بابـا يا بابـا"
عدلت من حجابها وخصلات شعرها تتناثر أعلى وجهها وهي تنظر لوالدها المتجه نحوها تبعًا لصوتها
"انا چهزت الغدا يابابا، يلا عشان ناكل"
هز رأسه قائلًا وهو يشير لها بيده دلالة على إرادته بمغادرتها
"طيب روحي وانا هلحجك على البيت، هچيب البهايم"

_"ماشي متتأخرش عشان الاكل ميبردش"

والته ظهرها وغادرت سريعًا لمنزلها المتوسط الذي تعيش به هي ووالدها وحدهما بعدما غادرتهم والدتها منذ سبع سنوات تبعًا لمرضها الذي عانت معه لسنوات، عاشت " چُمان "  مع والدها الحبيب في حياة بسيطة هادئة خالية من المشاكل، وتتلخص حياتهم الريفية في مساعدة والدها في الزراعة ورعاية المواشي بينما هو يتولى أمر بقية الحيوانات دون أن يُكلفها شيء آخر لتعيش وتفعل ما تريد دون إجبارها ان تهتم ببقية الحيوانات، كما وافقها بأن تُكمل تعليمها وتتثقف مثل بقية الفتيات الموجودات حتى لا يحرمها من ابسط حقوقها الآدمية..

وبالطبع فتاة في حسنيتها تقدم لها الكثير من العرسانِ ولكنها لم توافق خوفًا من ترك والدها وحده، تعلقت به وتعلق بها تعلقًا شديدًا، ولم يطاوعها قلبها في تركه وحده بعد كل تلك السنوات الذي امضاهم لها وبرفقتها، فأخبرته بعدم رغبتها في الزواح وبأن تُكمل حياتها معه.

عاد والدها وإغتسل بينما وضعت هي الطعام وجلسوا سويًا لتناول الطعام
وضع في فمه قطعة من الدجاج وأردف  : 
"عمك چاي من القاهرة بكرة زيارة هِنا، هو وابنه وبنته، چهزيلهم إوض عشان يناموا فيها"
همهمت ورفعت مقلتيها الخضراوتان لهُ اللذان يُميزان عينيها، وبرفقة رموشها الكثيفة وبشرتها الحنطية وشعرها البني الناعم تكتمل الصورة حقًا
"ماشي يا بابا.. يشرفوا وينوروا"

حلَّ نهار اليوم الثاني ووصل عمها واولاده، رحب والدها بهم بحرارة بينما تدلت هي من المطبخ بإبتسامة شقت وجنتيها وبمجرد رؤية الجميع لها جذبها عمها ناحيته قائلًا بمزاح
" بسم الله ماشاء الله چُمان كبرت وبقت عروسة زي القمر"
إبتسمت بخجل لمجاملته بينما كانت عيون الآخر تطالعها من أسفلها لأعلاها بتفحص شديد، بداية من عباءتها البيتية ذات اللون النبيذي وحجابها الذي يغطي شعرها بأكمله وحتى حذائها الأبيض البسيط
إستوقف تفحصه لها صوت والدها هادرًا
" الله اكبر، زياد وزهراء كبروا وبقوا عرسان زي الجمر أهو"
ابتسم زياد له وايضًا زهراء مجاملةً لحديث عمها.
إجتمعوا جميعًا على مائدة الغداء وبادر زياد بالحديث لقطع الصمت الطويل مغمغمًا
"المكان هنا جميل جدًا وشكل الأراضي الزراعية كدا حلو"
أكملت زهراء بحنق
"بس فيه ناموس كتير، انا إتقرصت"
قهقه زياد ساخرًا منها ثم أبعد نظره لـ چُمان الموجهة حديثها لزهراء
" هنخلص اكل وهقفل الشبابيك وارش باريسول وهيقتل الناموس كله"

حكايات من القلب للقلب ♥️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن