ثمل أسفل البناية

763 44 39
                                    

نحن ولدنا لنخطئ.. ذلك ما أُخبِرتُ به ذات يوم .

لكن.. إلى أي مدى يمكننا أن نخطئ، كم ستتحمل نفوسنا الهزيلة الأخطاء.. الصراخ، العناد و البكاء، لما نفعل ذلك؟
قد أكون جيدة مع نفسي و مخطئة مع الجميع. لكن حين فتحت عيني كنتُ الشخص المذنب في كل شيء.



بلغت الساعة الرابعة و لا أزال أحدق في فضاء مجهول، أحاول معرفة مالذي أفكر به، فقدت معرفتي بما هو صحيح و ما هو خاطئ منذ فترة، أنا أستوعب أني انفصلت عنك منذ أسبوعين، و لا أدري تماما ما أشعر حيال ذلك، حين اتهمتك بالخيانة و حين كنت تبرر لي.. جزء مني، كان يتمنى أن تكون الخائن حقا.

لم أعرف ما كنت أشعر حيالك، أو حتى إذا ما كنت أحبك.. لقد اعتدت ذلك فقط، لم يرافقني ما رافق بطلة القصة التي أقرؤها، لم أبكِ على صورك و لم أُرِد أن أحتفظ بأحد قمصانك ولا حتى زجاجة عطرك..  أردت أن أمضي قدما فقط، حالة الأرق التي تلازمني ليست بسببك، لقد كانت ترافقني طوال فترة علاقتنا.. إنها أفكاري فقط.

في النهاية كنتَ شخصا مختلفا عني، لم أعلم مالذي أحببتَه حيالي و لم أُقدِّر ذلك الحب لم أستطع أن أبادلك شيئا، أو ربما فعلتُ في فترة ما، و قد يكون وهما.  صديقتي تقول اني أحاول إقناع نفسي بهذا لأتجاوز الصدمة، و لأَصدُقَك.. فأنا صادقة جدا مع نفسي و حين أخبرك أني لم أحببك و أنا ملقاة على سريري على الرابعة فجرا فأنا لم أفعل حقا، إنها خيبة.. لكنها حقيقة.

أخذت كأس الماء بجانبي و كان فارغا، مما استلزم وقوفي لإحضار المزيد، أنا منهكة حقا.  المطبح ملتصق بحجرتي و الحمام الملحق لا يبعد الكثير، إنها تلك الحجرات التي تأوي الكثير من الأشخاص الوحيدين، التي لا تسع شخصين.

فتحت النافذة و جلست أستمتع بجلسة شرب الماء فجرا، المكان ساكن كأنه يحويني لوحدي، لا أتذكر عدد المرات التي تمنيت أن يختفي الجميع من على سطح الأرض، عندما كنت صغيرة كان ذلك بسبب أني أردت أخذ كل شيء أريده، الملابس، الحلويات و الألعاب... و الآن ضقت ذرعا بالجميع.

كان الجو عطرا و باردا، كانت ثياب النوم خاصتي خفيفة فارتعشت فرائسي، أحب ذلك الشعور و أحب الدفء الذي يليه، أخذت أعبث بآخر جرعة ماء في كأسي، صِدقًا من يشرب الماء على دفعات! ربما لم أكن عطشة أيضا، لكنني احتجت لسائل يرافق جلسة تأملي، رأيت سيارة تقطع الطريق بسرعة.. خمنت أن سائقها ثمل، لهذا يجب أن تشرب الماء في جلسات حزنك و ليس الخمر.

أخَذَتِ السيارة طريقا نحو البناية التي أقطن فيها و كنت أشاهده من الأعلى يتجاوز البوابة، لقد نسي البواب الباب مجددا، في الحقيقة أنا البواب في هذه العمارة، من بين كل القاطنين هنا لا أحد يخاف السارقين و المجرمين غيري.

ترجل السائق، بصورة أدق فقد وقع من السيارة، بدى كأنه سال منها.. فما ان فتح الباب حتى هوى كالسائل، كنت أشاهده من فوق و لم أحرك ساكنا، أفترض أنه ثمل لكن.. ماذا ان كان مريضا؟

𝙼𝚊𝚛𝚜𝚑𝚖𝚎𝚕𝚕𝚘𝚠حيث تعيش القصص. اكتشف الآن