- حمد لله على السلامة يا سعادة البية البيت كان وحش أوي، أوي من غيرك أنت والست سلمى.
هتف سعيد البواب بهذه الكلمات وهو يفتح البوابة الرئيسية في فيلا اللواء خالد الرشيدي، كانت سلمى ووالدها في هذه السيارة السوداء الأنيقة، وكان يقودها سيف الهلالي ذلك الشخص الذي ظهر فجأة في حياتها فلم تراه منذ أن كانت في الثانوية حيث كان يعمل خارج القاهرة، وعاد الآن كي يعمل مع والدها منذ شهرين، أو أكثر، هبطت من السيارة أولًا لتساعد والدها، ثم نظرت إلى سعيد بامتنان قائلة :-
- شكرًا ياعم سعيد تعبناك معانا الفترة اللي فاتت أنت، ودادة زينب.ابتسم سعيد قائلًا بحب:-
- إيه اللي بتقوليه ده يا ست هانم، دا انتو خيركو علينا من ساسنا لراسنا، متقوليش كده دا احنا خدّامينكوا.عقدت ما بين حاجبيها :-
- إيه بس الكلام اللي أنت بتقوله دا، كام مرة قولتلك بلاش الكلام دا يا عم سعيد، حضرتك زي والدي بالظبط، وبلاش هانم دي، دا حتى أنت اللي مربيني أنت ودادة زينب، صحيح هي فين مشوفتهاش من ساعة ما جينا.سعيد بسعادة :-
- زينب بتعمل الأكل حلاوة رجوع البيه بالسلامة.ابتسم خالد الذي كان يصعد الدرج بتعبٍ جليّ على وجهه، وتحدث في مرح :-
- بركاتك يا ست زينب، ريحة الأكل مالية البيت.تعالت الضحكات تملأ المكان، بعد أن كان يعمّ برائحةِ الخوفِ، والفقدِ، كان باردًا كالثلحِ فمَن يجلس به يشعر بالبرودةِ، وكأنّه يعلم ما أصاب صاحبه فأراد أن يُعبّر عن حزنه بطريقته الخاصة.
مرّت الأيام بشكلٍ سريع كعادتها، وبدأ اللواء خالد في التعافي.
هبطت سلمى الدرج بسرعة كعادتها، كادت تسقط لولا يد السيدة زينب التي أمسكت بها في اللحظة الأخيرة.ضحكت سلمى بصوتٍ عالي قائلة :-
- تسلميلي يا دادة كل مرة تنقذيني، كان زماني دلوقتي متكورة على الأرض زي الكرة الكاڤر بالظبط، وبابا بيتريق عليا.ربّتت زينب على يدها بحنانٍ قائلة :-
- ربنا يحفظك يا بنتي، وخلي بالك من نفسك هفضل اسندك لحد امتى.احتضنتها سلمى بحب:-
- ربنا يخليكي ليا يا دادة وتفضلي معانا طول العمر، وتسنديني كده دايمًا وتسندي ولادي كمان.ابتسمت زينب تلك المرأة الأربعينية ذات الوجه البشوش، ترى الطمأنينة في عينيها، ويقبع فيهما حنان جارف، فكانت تعمل لدى والدة سلمى قبل وفاتها وعندما أنجبتها وتوفّت لم تتخلى عنها، وربّتها هي ووالدة هنا كإبنة لهما.
دخلت سلمى المكتب على والدها قبل أن يسمح لها بالدخول، ولم ترى ذلك الجالس على المقعد المقابل لمكتب والدها، فاندفعت باتجاه أبيها تعانقه، وتقبّل وجنتيه، فابتسم الأب، وتنحنح علّه يلفت انتباهها لذلك الجالس أمامه، لكنّها لم تنتبه، ففتحت يديها في حركةٍ مسرحية، وانحنت قائلة :-
- سمو الأمير، ممكن اسيبك كام ساعة اروح الكلية، وبعدين ارجع نقضي يومنا سوا.
أنت تقرأ
التقيتُ بقدري
Povídkyفي بعضِ الأحيان نلقى مَن نُحب صدفة، لكنّنا لم نكُن نعلم أن أقدارنا تقاطعت منذ زمن، وأنّ للّٰه حكمة في أن يجمعنا صُدفة دون علم منّا بذلك الحُب الذي سينبُت بين جنباتِ قلوبنا مستقبلًا كنبتةٍ غضّة تحتاجُ إلى مَن يرعاها وينهالُ عليها من بحرِ العشقِ ليروي...