الفصل السادس

180 38 100
                                    


قاطعني نسيم صوته الهادئ وهو يتهادى الى أذني بترنيمة دافئة : انا نادم بالفعل ..

رفعت نظراتي اليه بتعجب فأردف امام الصمت الذي التهم أحرفي : انا نادم لأنني لم أقابلكِ من قبل ؛ ربما سيكون كل شيء مختلفاً لو انكِ ظهرت في حياتي سابقاً .

لم اعلم لماذا شعرت بالدماء تتصاعد الى وجنتي وكأن الحرارة اختلفت في المكان فجأة
لكنني داريت شعوري ذلك بابتسامتي المرحة : الأشياء الجميلة تأتي متأخرة دائماً !

تنحنحت وأنا أن أضيف بغرور بينما اعدل خصلات شعري للخلف : كما تعلم انت محظوظ لانك وقعت بين يدي محامية مثالية بكل تأكيد .

حرك رأسه موافقاً كأنما يجاري غروري : انتِ محقة أيتها المحامية المتحاذقة ؛ ليس من السهل العثور على شخص مخلص في عمله مثلك
لكنني لازلت أجد صعوبة بتفهم الأمر ؛ انتِ ترهقين نفسك وتبذلين كل ما في وسعك من أجل قضية كان من السهل التخلي عنها بصفتها قضية خاسرة
لماذا تتعبين لانقاذ رجل منتهي الصلاحية مثلي ؟؟

نظرت اليه بعمق ؛ ساءني وصفه لنفسه برجل منتهي الصلاحية ، لكنني لا اراك بهذه الصورة أبداً !
انا كلما نظرت اليك وجدت رجلاً فقد الكثير ؛ وفاته قطار الحياة ، اراكَ رجلاً سرق منه العمر وسحبه من طيش المراهقة الى ازقة النضج بغتة .

حاولت تغيير ذلك الجو الكئيب بابتسامتي : لا ارى فيك ما تصفه ابداً ؛ لازلت على قيد الحياة وذلك يعني ان امامك متسع من العمر لتعيشه وتعوض ما فاتك

نفى برأسه يائساً : حتى لو كسبتِ المحاكمة ؛ عندما تنتهي مدة عقوبتي سأكون قد تعديت عمر الشباب وربما يكون الشيب قد خالط رأسي ، فأي عمر ذلك الذي سأواكبه انذاك ومن أين سأبدأ .

تمهلت قليلاً في اجابتي لأزينها بالأمل ذاته الذي بثه الي بتساؤله ؛ كلماته تعني انه بدأ اخيراً يفكر بالحياة !
لم يعد ذلك الشخص المستسلم تماماً لمصيره ؛ بل اصبح رجلاً يفكر بحياة أخرى بعيداً عن ظلال الحزن والكراهية واليأس التي خيمت على سمائه كل تلك السنوات .

لذلك أجبته بحذر : يمكنك ان تبدأ بالحصول على عمل ربما ؛ او اتمام دراستك الجامعية لتحقيق احلامك وطموحاتك

ضحكة ساخرة عبرت شفتيه : لم امتلك اي أحلام بالمستقبل يوماً لانني لم اصدق انني سأبلغه !

لويت شفتاي بنفور : يالك من رجل كئيب !

قلبت عيناي أفكر بمهنة تلائمه بينما اثرثر دون توقف : ربما ترغب البدأ في مجال ادارة الأعمال والحصول على وظيفة في شركة مرموقة
او مجال الانشاءات اذا كنت مهتماً بتلك الأمور ؛ وربما تجد نفسك في صناعة الألعاب الالكترونية فهي مجال رائج جداً شغف الشباب !

" ما وراء القضبان  " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن