الفصل العاشر والاخير

204 37 95
                                    

أعدت نظري نحو دونغهي لأسأله : أيمكنك ان تخبرنا عن شعورك حيال الخيار الذي اخترته بارتكاب تلك الجريمة ..؟

نظر الي مطولاً قبل ان يتكلم بصوت هادئ أثار نبضي : لم أملك أي شعور محدد ؛ لقد أنهيت حياة شخص كان وجوده عذاباً للكثيرين وخلصت العالم من شره ، لم يعد هناك ما يهمني بعد ذلك ..!
الذهاب الى السجن او الى حبل المشنقة ، الأمر عندي سيان فلا شيء يضيرني ولا شيء ينفعني .

ارتبكت من رده وأعدت طرح سؤالي عليه : أيعني ذلك انك لست نادماً على جريمتك ؟!

احتاج بضع لحظات من الصمت كان قلبي يقرع فيها طبول الخوف تباعاً ؛ لقد أكدت عليه عدة مرات ان يبدي ندمه أثناء المحاكمة مهما حدث فهل سيخيب امالي به ؟

تكلم أخيراً وهو يوجه نظراته عميقاً في عيناي : لم أكن نادماً تماماً عندما سلمت نفسي ، لكن ليس بعد الان ..!
داخلي يحترق ندماً الان بعدما أدركت انني اتخذت القرار الخاطئ عوضاً عن البحث عن وسائل قانونية لمعاقبة ذلك الرجل السيء .
أدركت متأخراً انني لا اختلف عنه بشيء بعد ان سمحت لنفسي بالتمادي ومعاقبته بنفسي بينما لا املك الحق بذلك .
في البداية لم يكن هناك ما يوقفني ؛ كنت على اتم الاستعداد لتقبل عقوبتي مهما كانت مقابل التخلص من رجل يتشكل الشيطان في روحه
لم املك حياة لاعيشها او اسباباً لردعي ، لم امتلك يوماً رغبة للاستمرار او السعي في هذا العالم والنظر نحو المستقبل !
لكن الان .. كل شيء يبدو مختلفاً ..

كلماته الآنفة مع دفئ نظراته التي كانت تتوغل عميقاً في قلبي حتى اذابته جعلاني افقد حروفي بينما تابع اعترافه المبطن : بشكل مختلف بدأت ارى احلاماً لمستقبل لم اتوقع بلوغه يوماً .
جربت معنى الشعور ولازال امامي متسع من المشاعر اود ادراكها ذات يوم ، عرفت ان هناك على هذه الارض ما يستحق الحياة .
أدركت انني انا من أخط حروف حياتي بنفسي وان هناك ما يسمى بالحب الذي من شأنه ان يلون رماد ايامي بألوان المبهجة !
لذلك انا نادم بشدة ، نادم لانني لم احاول كما يجب ، نادم لانني فوت ايام شبابي عالقاً في الماضي بدلاً من المُضي قدماً والتمسك بالأشياء الجميلة حولي
نادم لانني لم اجرب الوقوع في الحب من قبل ؛ لم احظى بعناق او قبلة ، لم امتلك الفرصة لأخلق ذكريات سعيدة او احلام مبهجة بسبب نقمي وكراهيتي اللذين أعميا بصيرتي .

لم اعلم لماذا ولكن ؛ شعرت بكل كلمة تخرج من صميم قلبه وتصيب روحي ، شعرت بكل خلية بجسدي ترتعش وكأنه يعترف بوقوعه في حبي رغم انه لم يصرح بذلك ..!

تمالكت بعثرة مشاعري بصعوبة ووجهت نظري الى هيئة المحلفين الذين بدا في ملامحهم تعاطف واضح جعلني أتنهد براحة وعدت ادراجي الى مكاني بعدما وجهت كلماتي للقاضي : هذا كل شيء سيدي .

" ما وراء القضبان  " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن