9- اعتراف

20 3 0
                                    

رواية #تعويذة_الاختيار
#الفصل_التاسع
(اعتراف)

صرخ هاري في جوليانو قائلًا: ولدك! لو كنت تَعْتَبِرُنِي وَلَدُك بحق لما فعلت بي كل هذا وخاطرت بحياتي من أجل أطماعك. كنت أُعِدُّكَ بمثابة أبي وأنت تَطْعَنني في ظهري وتُرسلني للهلاك! أتدري ماذا حدث لي؟ لقد كُنت على شَفير الموت أكثر من مرة، كيف تُجازف بي؟ أَلَمْ تَحمل في قلبك ذرة حُب لي؟ أأحمل لك كل هذا الود وتحمل لي الكراهية؟! ماذا فعلت لك حتى تكرهني هكذا؟ أتريد الكنز حقًا؟ أم تريد الخلاص مني؟ أَجِبْني، لِمَ تُنَكْسْ رأسك هكذا؟ أَنَادم أنت؟ أم لا تجد ما تقول؟ تَخَلْ عن صمتك هذا وأجبني.

كان هاري يتكلم بصوت أشبه بالصراخ فقلبه يحترق، لقد آلمه حقًا ما فعله به جوليانو، وكان جوليانو مُنكسًا رأسه لا ينطق، فبماذا يُجيبه؟ هو أخطأ ويعلم ذلك بل هو نادم حقًا على ما فعل، فَلَمْ يَتَوقع أن تكون حياة هاري في خطر فقد كان يعتقد أن الكتاب سينقله لمكان الكنز مباشرة لا للمستقبل البعيد جدًا.

صاح هاري بجوليانو: انطق أيها المخادع. لمَ لا تُجِبْنِي؟

نطق جوليانو أخيرًا والدموع في عينيه: أي بني، أرجوك سامحني، لقد فعلت كل هذا لأجلك أنت فقط، لست طماعًا ولا أريد الكنز لنفسي، أريده لك فقط حتى يكون عِوضًا لك عن حياتك الماضية. أردت فقط أن تعيش سعيدًا طوال حياتك ولا تتعذب مثلما تعذبت أنا.

هاري: من أخبرك أنني أريد شيئًا؟ أردت فقط أن أتزوج حبيبتي وأحيا كما كُنت أحيا من قبل، لم أطمع بمال ولا كنوز، كانت تُعْجبني حياتي ولم أَشْكُ قط. من أمرك بالتصرف بدلًا عني؟ أَتُعَرْضَ حياتي للخطر ثم تقول أريد مصلحتك؟ أي مصلحة هذه؟ أمجنون أنت؟!

جوليانو: لست مجنونًا يا بُني. أنا أحبك، ولا أحد يتمنى لك الخير مِثْلي، لا أحد يحبك بقدر حبي لك، لا أحد يخشى عليك مثلما أخشى عليك، لا تظن بي السوء فأنا لا أريد بك إلا الخير وفقط.

هاري: كاذب، أنت كاذب. لو كنت تُحبني حقًا لما آذيتني أو عَرَضْتَنِي للأذى وأنت تعلم ذلك. أنت فقط تَقَربت مِنِي لأجل كَنْزُك لا أكثر، أنا لا أُعْنِي لك أي شيء.

جوليانو: لا تَقُل هذا يا بُني. كيف تقول هذا؟ أنا تقربت إليك لأنك ولدي ليس لأجل الكنز.

هاري ضاحكًا: ولدك! لقد سئمت من خداعك، لقد قربتني إليك حتى أثق بك وتُنفذ مُخططك فقط، لا تقل أعتبرك ولدي مجددًا.

جوليانو: أنا لا أعتبرك ولدي. أنت ولدي حقًا، أنا أباك الحقيقي..

دُهِش هاري وفغر فَاهَه وجَحَظت عيناه ولم تستطع قدماه أن تحملانه فكاد يسقط فأسندته هيرا وصمتنا جميعًا لبرهة ثم نطق هاري: ولدك؟! كيف؟ لقد كان لي أب، كيف تكون أنت أبي؟ لا تُحاول خِداعي مجددًا لتستعطفني فلن أغفر لك، لا تحاول، أَتَفْهَم؟

جوليانو: أنا لا أكذب يا بُني بل هذه هي الحقيقة التي أخفتها عنك أمك ولم تخبرك بها أبدًا.

هاري: أي حقيقة؟! أمي وأبي ماتا كيف تكون أنت أبي؟ أتستغل أن لا أحد منهما على قيد الحياة ليُكَذبك! كلا، لن أصدقك وأنخدع بمعسول كلامك مرة أخرى.

جوليانو: سأحكي لك كل شيء وبعدها احكم أنت، إن صَدَّقْتَنِي كان بها وإن لم تصدقني فلن أحدثك بعد الآن، وبعد أن نجد الكنز يأخذ كل منا نصيبه وسأختفي ولن تراني مجددًا. اتفقنا؟

هاري: حسنًا، أوافق. هيا تحدث.

جوليانو: منذ 27 عامًا تزوجت أمك، كنت فقيرًا وكانت هي فقيرة، كنت مساعدًا لكبير السحرة أتعلم منه وكانت أمك طماعة لم ترضَ بفقري ولم تصبر حتى أكمل تعلمي وأصبح ساحرًا كبيرًا، كانت تريد الثراء السريع، تركتني وطلبت إنهاء الزواج لتبحث لها عن زوج ثري، لم تخبرني أنها حامل بك، وبعد مدة قليلة تزوجت أحد أثرياء المدينة ونَسَبَتَكَ إليه، ظنت أنني لن أعرف أنك تكون ولدي أنا، فَزَوجُها لا يُنجب وكان يتعالج عند كبير السحرة ولم يستطع علاجه، تركتك لها فقد كنت مشغولًا بِتَعَلُمِ السحر وليس لدي مال يُعينني على تربيتك، فتركتك تنعم بمال زوجها وتتربى بشكل أفضل وتتعلم. كنت أراقبك من بعيد وأراك تكبر وتكبر أمامي ولا أستطيع أن آخذك في أحضاني. لكن زوج والدتك خسر أمواله في تجارة ومات وترككما مُفلسين فماتت والدتك حسرة وبعدها تقربت أنا منك، ولكن خشيت أن أخبرك أنني أبوك، فاعتبرتني صديقك ورضيت أنا بذلك المهم ألا أفقدك، تمنيت كثيرًا أن أخبرك لكن خشيت أن لا تُصدقني فآثرت الصمت في قُربك على الكلام وبُعدك عني، حتى فترة قريبة عندما وجدت كتب السحر وعرفت قصة الكنز وقتها فرحت لأنني سأستطيع أن أترك لك مالًا وفيرًا تعيش منه بشكل جيد، لم أقصد إيذاءك صدقني. آسف لك يا ولدي فقد ظلمتك كثيرًا.

تركهما جوليانو وذهب بعيدًا وظل يبكي وحده حتى سمع صوت صراخ هيرا تقول: من أنتم؟ وكيف أتيتم إلى هنا؟!

يُتبع إن شاء الله....
#هبةالله_رزق_عيسى
#تعويذة_الاختيار

تعويذة الاختيار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن