4-المواجهة

16 4 9
                                    

"شكرا لصديقي الذي سمع مني نفس الحديث عشرات المرات بنفسراضية

و مسح عني الدموع كل مرة، و لم يشعرني بأني ثقيل أو أبالغ في

الأشياء و أن حزني ليس له معنى."

"شكرا لك، تفضل مبلغ اجرتك"

خرجت من سيارة الأجرة وها أنا أقف أمام هذا المبنى الفسيح الذي يبدو كناطحة سحاب لا شركة تجارية، أُحس بالارتباك من القادم لكن ثقتي بنفسي لن تتزحزح أبدا فمصير صديقتي و طفلها بين يدي، وضعت العديد من السيناريوهات في عقلي عن كونه سيرفض لقائي أو يتفاجأ من الخبر الذي سألقيه عليه، ربما يطردني من دون أن يتفوه بكلمة حتى او يطلب مني ان اخبرها ان تجهضه لكني لن اسمح بذلك أبدا، لن أقتل روحا بريئة بغير ذنب، توتري الذي أحسست به داخلي انتقل الى يديّ فللتو فقط لاحظت ارتجافهما، أبدو مثيرة للشفقة حقا، داهمتني ذكريات من ما حدث بعد حديثي مع ليا البارحة في المستشفى.

(ابتسمت لي وكانت اول مرة منذ شهر اُلاحظ ابتسامتها التي اختفت وأخبرتني "كنتِ ولازلتِ بمثابة اختي ووالدتي انا ممتنةٌ لكِ وواثقة من أن قسوتك هذه ماهي الا نتيجة مخاوفك علي لا غير، انا لست غاضبة منك، افعلي ما تجدينه صائبا في نظرك و لا تهتمي لي فانا اثق بك و بقراراتك مهما كانت ")

اظن ان حديثها بث في الطاقة لأتحرك صوب هذا الجحيم الماثل امامي .

دخلت من الباب الرئيسي واتجهت صوب مكتب الاستقبال متمعنة في موظفة الاستقبال ذي الملابس الفاضحة التي تكشف أكثر مما تخفي والمكياج الصارخ وكأنها راقصة في احدى الحانات لا عاملة بشركة مشهورة نظفت حلقي وابتسمتُ لها بتصنع "مرحبا انا اريد التحدث مع اللعي.. اقصد اريوس لو سمحت"

رفعت رأسها محدقة الي من اخمض رأسي الى اسفل قدمي والى ملابسي بنظرة استصغار ثم قالت " يا أنسة هل لك موعد معه؟ ومن انت لتتحدثي عنه باسمه المجرد؟ أما إن كنت متسولةً فلا يوجد ما نمنحك إياه لا مكان للمتسولين هنا "

هل للتو اهانتني قطعة الخردة هذه؟ بل ونعتني بالمتسولة وكأنني نكرة. حسنا سأرد عليها بما يناسب الاسفنج الموجود في رأسها بدل عقلها "اووبس ظننت هذا المكان مخصص للعاهرات فقط، فعلى ما يبدو أخطأت العنوان، للأسف هنالك شخص ما يريد عاهرة بمثل مواصفاتك تقضي معه الليلة وظننتك المقصودة لا غير "

تفاجأتْ مما قلت ونظرت الي بعينين متوسعتين من الرد الذي اسمعتها إياه، واضنني أرى دخان يخرج من رأسها ياالهي يبدو انني تسرعت على غير عادتي و افسدت ما كان من المفترض مني القيام به بسبب هاته المتعجرفة فهاهي تدير حدقتي عينيها نحو رجل الأمن الموجود عند المدخل و هنا أدركت فشل المهمة من اول عقبة في طريقي لكن وفور مناداتها باسم الأمن انتبهت الى جميع العاملين الذين يتسارعون لتنظيم مكاتبهم و كأن عاصفة حلت بهم مما أثار استغراب لأسمع الموظفة تتكلم مع الشخص الماثل امامها " اسرع يا جورج الرئيس قام بجولة مفاجئة للعمال نظم اغراضك و الا ستطرد فورا"

The space between us المسافة التي بينناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن