كيان ~
اشتقتُ لها .. مضى أسبوعٌ كامل ولم يعد هناكَ داعٍ لأساعدها في تغيير القماش على جُرحها ،
وخفت الاشتباكات بين قوات المدينة والحكومة لذا عاد كُلٌ منا الى منزله ، لطالما كرهتُ القبو ، لكن بشكل ما انا أفتقدُ لحظاتنا معاً هناك ،
الملل يقتلُني حقاً ،
لا املك أصدقاءاً هنا ، أخي مزعج و والدي عجوز ،
ولا املك هاتفاً حتى ،
حقاً انها المرة الاولى التي احصل فيها على صديقة..
رغم اني سابقاً قد قررت أن لا اتعامل معها بسبب سُمعتها ، فجميعُ نساء القبو كُن يغتبنها يومياً
في البداية كنت أجلس واستمع لكلامهن ، لكن بعد ان تعرفت لها غيرتُ وجهة نظري ،
جود فتاة قوية ، توفي والدُها حين كانت في السادسة عشر من عمرها ، لكنها لم تكن مثل نساء المدينة ، لم تبحث عن رجل تتزوجه لِينفِق عليها هي و والدتها وشقيقتها ، لم تنتظر رجلاً حتى يحمي عائلتهم الصغيرة ، هي من تحملت كُل هذا العبئ ،
وللان مازالت تفعل ، رغم ذلك النساء هنا لا يرحمنها من كلامهنكيان يكفيكِ نوماً ، احضري لي كوباً من الماء
كان هذا صوتُ شقيقي الأصغر ، لطالما كان يعاملُني وكأنني خادمة هنا ، ليس كُرهاً لكن هكذا ربياه والداي ، فهو المولود الذكر للعائلة ، لذا كل طلباته تُنفذ
نهضتُ ألعنُ حظي وشقيقي معه ،
لا أريد شجاراً منذ الصباح
أحضرتُ له كوب ماء وأعددتُ الإفطار ايضاً ،
ناديته مع والدي و جلسنا نأكل بصمت ، حتى قاطع صمتنا والديابنتي هل فكرتِ في موضوع الزواج من هيثم؟
اللهي.. سيفتح موضوع الزواج مجدداً..
أخبرتك سابقاً ابي ، لا أري...
تمت مُقاطعتي من المزعج كريملما تأخذ رأيها حتى يا ابي ؟ دائماً ترفض المتقدمين لخطبتها ، سيبدأ الناس بالتحدث عن سمعتنا ان لم تتزوج ! انها في الخامسة والعشرين ، لمتى ستؤجل هذا ؟؟ حتى يبدأ الناس في الطعن بشرفها ؟؟
كالعادة ، فقط يريد إخراجي من المنزل حتى يتسنى له الزواج من حبيبته
كريم أظنني سألت كيان وليس انت صحيح ؟ اياك أن تتدخل في حديثنا
ممتنة لوالدي حقاً لولا وجوده متأكدة انه كان ليطردني
يا ابنتي ، والدك في السبعين من عمره ، مصاب بالسكري والضغط ، كم سأعيش برأيك ؟؟
وقتي الباقي هنا قليل جداً ، اريد ان اراكِ عروساً قبل ان اموت ، وهيثم شابٌ محترم وهو ابن شقيقي ومن الصعب أن أرده خائباً ، ولا شخص افضل منه ليرعاك ويستُرك ، وبذكر هذا غداً ستأتي زوجة عمك وابنتها و جدتك لزيارتك ورؤيتككان حديث والدي مؤلماً .. هل يظنني حقاً بحاجة رجل حتى يرعاني ؟ او هل يظنني عاهرة لأنتظر رجلاً ليستُرني ؟
ابي ، لنؤجل حديث الزواج لوقت لاحق ، اريد بعض المال لأني احتاج للذهاب لشراء بعض الاشياء
بالطبع يمكنك أخذ المال من محفظتي ، لكن لما لتخرجي انت ؟ دعي شقيقك يحضر لك ما تحتاجينه
كالعادة ..لكن لا ! هذه المرة يجب ان اخرج..
ابي رجاءاً.. اريد الاختيار بنفسي
لا بأس ، كريم فالتذهب مع شقيقتك
لا.! هذا ما كان ينقصني !
ابي ارجوك احتاج لشراء امور خاصة ، بجدية هل سترسله معي لمتجر الملابس الداخلية ايضاً ؟؟
سكت والدي ، وشقيقي ايضاً ،
تم احراجُهما بفضل ذكائي ، واخيراً سأخرج واتنفس لوحديخَرج والدي و شقيقي للعمل ، أنهيتٌ مهامي اليومية
بسرعة ، اريد قضاء أكبر وقت ممكن خارج المنزل
فهذه الفرصة لا تتكرر كُل يوم
، غيرتُ ملابسي وارتديتُ ملائتي وها انا خارج المنزل ، اقف أمام باب المبنى بإنتظارها
وداخلي أملٌ ان التقي بها ، ولو للحظات
انتظرتٌ لنصف ساعة وبدأت أفقد الأمل ،
حتى سمعت خطواتٍ على درج البناء
وصوت طفلة ، وصوتها !
جود هنا !
هاهي تخرج من البناء وتسير نحوي ممسكة بيد شقيقتها ذات الخطوات البطيئة
لحظة ....
.... ماذا حدث ؟؟
ظننتها ستلقي التحية لكن خاب أملي ...
لم اتوقع انها ستتجاهلُني بهذا الشكل المؤلم ..
وكأنني جدار..
ظننت أننا اصدقاء على الاقل
او حتى جيران ؟
جاهدتُ لأمنع نفسي من البكاء لكن لم استطع كبح دموعي أكثر
جيدٌ اني ارتدي ملائة ، لا اريد البكاء امام....
لحظة ! لم تتجاهلني انما لم تعرفني بسبب الملائة !
شردت للحظة من كمية غبائي ، ثم خطوتُ لخلفها وناديتُها ، وجدتها تستدير لي وعلامات الاستغراب واضحة على وجهها ، ثوانٍ حتى ابتسمت لي ونطقتكيان؟؟ رباه لم أعرفك! -
امم مرحباً.. كيف حالُك؟
رأيتُ ابتسامَتها اختفت بعد ان تحدثت ، واقتربت مني أكثر لتنطق بقلق
ماذا حدث معك ؟؟ أكنتِ تبكين ؟؟