كيان~
طيلة حياتي وانا معتادة على الاستيقاظ فجراً ، مهما تأخرت في السهر ، ولهذا السبب شعرتُ دائماً اني لا انام بشكل كافٍ ، ونومي دائماً محشو بالقلق ، أبسط صوت كفيل بإفساد نومي ، لكن هذه الليلة كانت استثنائية ، فبعد كُل ذلك النواح البارحة وجدتُ نفسي اغرق واخيراً في نومٌ مريح ، لعل السبب أنها تغفو بجانبي ؟ منذ استقيظتُ وانا اتأملها ، او لأكون أكثر دقة اتأمل طريقة نومها الغريبة ، مُنبطحة على بطنها بينما تحشر وجهها كاملاً في الوسادة ، بصراحة انا قلقة نوعاً ما ، كيف تتنفس حتى ؟
ضميري يؤنبني قليلاً ، بسببي نامت متأخرة البارحة ولديها اليوم عمل منذ الصباح ، لذا لم اوقظها فورا ونهضتُ للمطبخ حتى أعدَ افطاراً لنا ، وجدتُ معلمتي هناك تعجن بعض الطحين و البيض ،
تأملتها لثوانٍ حتى ادركت ما تفعله ،
، لطالما امتلكت معلمتي هواية اعداد المعجنات ،
اقتربت منها قليلاً انوي مساعدتها حتى نطقت-لا احتاج للمساعدة ، فقط اريدك أن تخرجي للحديقة لتحضري لي بعض التوت البري-
وكما طلبت مني خرجت لحديقة منزلها بينما أحملُ دلواً متوسط الحجم ، الجو كان بارداً لكنه غير مؤذي ، الهدوء يعم هذه الحديقة ، للوهلة الاولى التي اقتربت فيها لشجرة التوت ظهرت صورة والدتي داخل رأسي على الفور ، لطالما تناولنا التوت من هذه الشجرة سوياً ، هززتُ رأسي محاولةً أن أبعد عني تلك الذكريات المتطفلة لأشرع في اقتطاف تلك الثمرات ، بينما أعد نفسي ان ابدأ حياة جديدة ، واصنع المزيد من الذكريات مع اشخاصٍ جُدد ، بعدها عُدت ادراجي للمطبخ اعطي معلمتي الدلو ، و لم تكن تحتاج للمساعدة وكادت أن تنتهي اساساً لذا دخلتُ مجدداً لأرى ان استيقظت جود ، لكني وجدتها في ذات وضعيتها ، هل هي على قيد الحياة حتى ؟
اقتربتُ منها اتأكد ان كانت تتنفس ، ناديتُ عليها لكنها لم ترد ، هززتُ كتفها ايضاٌ ولم تشعر ، نومها ثقيل حقاً عانيتُ حتى جعلتها تستيقظ ،
و حتى بعد استيقاظها وجدتها تجلس لعدة دقائق وكأنها لا تستوعب أي كلام مما أقوله
بعد هذا اجتمعنا في المطبخ نتناول الافطار ، ونتبادل الاحاديث الطويلة ، كنت مفعمة بالطاقة وكُلي حماسٌ ليومي الاول في القاعدة ، انهينا افطارنا و تجهزنا للخروج حتى نذهب ، دون نسيان الفطائر الكثيرة التي وضعتها لنا معلمتي حتى نتناولها هناك
و هكذا ودعناها وانطلقنا بإتجاه أطراف المدينة ، وتحديداً الطرف الشمالي
طيلة الطريق و نحن نصادف اشخاصاً مخيفين ، وكأنهم تجار مخدرات او مدمنون على الكحول ، اغلب الأشخاص هنا يحملون سلاحاً كما جود التي تمسك بيدي و بسلاحها ، نمشي معاً عبر الأزقة المهترئة ، حتى وصلنا لمكانٍ فارغ من البشر تقريباً ، استغربت نوعاً ما لكني اثق بجود ، تبعتها بينما دخلت لبناء مهجور متهالك ، ونزلنا في السلالم المظلمة لتفتح باب القبو ، الذي تبين انه ليس قبواً حتى وانما سردابٌ اسفل الأرض ،
دهشتُ لحجمه الضخم ، لم ارى شيئاً كهذا في حياتي ، الاضواء فيه كثيرة رغم انعدام تواجد الكهرباء ، وفيه ممرات كثيرة وكأنه مدينة اسفل الارض ، استمريتُ بالمشي خلف جود التي سحبتني لإحدى الغرف ، لتطرق الباب وما ان دخلنا حتى وجدتها تضرب التحية العسكرية ، قلدتها لأضرب التحية بيدي اليسرى ، وبسرعة تلافت جود خطئي و ورفعت لي يدي اليمنى حتى انفذ التحية العسكرية بشكل صحيح ، ثم لاحظت الرجل الأسمر الذي يجلس امامنا على كنبة جلدية سوداء ، ذو رأس حليقة الشعر و منكبين ضخمين ، و لحية سوداء كثيفة ،
دفعتني جود قليلاً للأمام
وهو نطق بعد ذلك بصوته الثخين