جود~
السماء تهطل ثلوجاً وقذائفاً ، الناس فضلوا الموت في بيوتهم عوضَ التجمد في الأقبية الباردة ،
الاطباء مستيقظون منذ عدة ايام ، الجنود كذلك لم يرخوا دفاعهم ابداً ، جميعنا انهكنا الترقب ، في اي لحظة قد نجد الاعداء يحيطون بنا ،
لا أمل لنا ابداً بالفوز ، قلة الحيلة التي أعشيها الان هي اسوء ما قد يمر به الانسان ، ان تقف عاجزاً امام تساقط حيوات البشر كأوراق الخريف ،
غير قادر على نجدة تلك الارواح الخائفة ،
صحيح اني لطالما مَقت مدينتي البالية ،
و سكانها البدائيين ، لكن صدقوني الان لا املك تجاههم سوى الشفقة ، لعلي ادركت أنهم مجرد هوامش غير محظوظة ، قدر لها الشقاء لاكتمال سيناريو مأساوي صنعه سياسيٌ مجنون ،
اني لأراهن انه يبتسم خلسة كلما ازدادت فظاعة المشهد ، و ينتشي حين يلمح الوجوه البائسة على خشبة المسرح ،
وعموما كما قلت اؤكد لكم ان السياسيين مختلين ،
لديهم رغبات غريزية تدفعهم للتدمير
و نخسر نحن شبابنا بينما نحاول انقاذ البشر من اسفل ما خلفوه من ركام
ما يؤلمني اننا الان عاجزون حتى عن الانقاذ ، نحاول انتشال الأموات لنقدم لهم دفناً لائقاً على الأقل ، بعيداً عن هذه المنازل الخائنة التي دفنوا تحتها بغتة ، نهديهم مكاناً بوسعهم الانتماء له ، مع اكوام خيباتهم و بقايا الاحلام الميتة ،
المواجع ، الاستغاثات و الصلواتلا أعلم كم لبثت اتأمل بقايا البناء الذي لطالما سكنته ، لو اني نمت البارحة في شقتي لكنت الان مدفونةً اسفل هذا الركام ،
لعلي أشعر بالخزي لأني شعرت لعدة لحظات بالفرح ان هذا الموت لم يكن من نصيبي ،
أن تعلق أسفل أطنان من الاسمنت دون القدرة على تحريك اي عضو في جسدك ، لا تُبصر الا الظلام ،
مع أضلعك و آمالِك المكسورة ، هذه أشنع نهاية يمكن أن يحظى بها المرءتمنيتُ ألا أنهض من امام ذلك الرُكام ، لكن أصواتُ اطلاق النار أرغمتني على النهوض ، تسارعت نبضات قلبي حين أدركت أن صوت البنادق يعني دخول جيش العدو للمدينة ، لذا توجب علي الركض بأسرع ما يمكن حتى اجتمع بزملائي ،
قطعت مسافاتٍ طويلة اتخفى في الازقة الضيقة ، بينما اتجه لأقرب موقع لنا ،
واصوات الاشتباكات النارية تتعالى من حولي ،
وصلتُ للموقع بينما ارى الجُثث الكثيرة حولي ،
جنودنا يدافعون لكن الاعداء يفوقونهم عدداً مع اسلحة ثقيلة ،
دخلت مقصورة القيادة للموقع ، لكن ما صدمني اني وجدت القائد اياد هُنامالذي تفعله هُنا اياد ؟؟ ألن ننسحب لموقعٍ اخر ؟؟
سألت وانتظرت اجابته التي طالت ، وهنا لمحت علاء يجلس في الخلف بينما عيناه ممتلئة بالدموع ، لذا أدركت مالذي يخطط له القائد
وقبل ان أعارض ، وضع يده على كتفي ، بينما يتنهد طويلاً