ناي

2K 106 69
                                    

العالم الذي كنت تحملينه بين كفيك...صوت الناي، شكل النهر و الغروب الذي ينتهي الى لون عينيك, اظن ان مشهدا كهذا جمعني بك لأول مرة كاف لأتصور بأن شيئا ما سقط من الجنه فكان انت على الارض , امرأة مثلك احتكرت جمال الكون بعينيها و لا عين بعد عينيها تستحق النظر. لا احد يعرف كيف كانت الدقائق الاولى التي خرجت فيها روحي لتعلق بك، كيف امتزجنا و اصبح كلانا بدم واحد و قلب واحد كيف مررتي على عمري جعلته مختلفا مخلفة في الذاكره قبلا كما الشظايا العالقه في الجسد لا يمحوا اثرها ملايين السنين.....

_____________________________
___________________


رجل مثلي يحتجز الكون في ركن قصي يركض خلف اصوات الراحيل و الضحكات القديمه، كان لأول مرة
يهتز قلبه فيتبع صوت الناي .
لا اعرف اي جنون هذا الذي دفعني لأعترضك وقتها

- اي امرأة انت تروضين الطبيعة بصوت الناي؟

حل الصمت سيدا بيننا  عندما صار في وجهك شيء يشبه بريق قمر.و قد كان نبضا غريبا يسكن اطرافي. مشيتي بعيدا حتى تلاشيتي و ذاب قلبي خلف ظلك.
  انا حين رأيتك اسقطت قلبي على تلك البقعه ، تركت قلبي هناك و صرت اكتب .  حلما كنت ام حقيقه , بشرا كنت ام محض خيال.... لم امكث طويلا في انتظار رؤيتك
سرعان ما التقينا  و عانقتني الحياة من جديد 
_اذن انت "ايهم"  .. انا "لمى"
كنت كأني اسمع اسمي بشكل جديد،  بتركيبة استرجعت في نفسي صرختي الاولى التي استقبلت بها عيني مصابيح العالم
اسمي الذي منذ ان لفه صوتك و نطقته شفتيك شهدت روحي بأني ولدت من جديد .
كنت اسمع من بين احرفك نحيب الناي لذلك لم تكوني مجرد "لمى" كنتي ناي... و امرأة الناي التي اذا غلب الحزن ضحكاتها صار دمعها لؤلؤا و نحيبها صوت ناي.
و كنتي وحدك كافية لأن تغرم بك فصيلة الذكور بأكملها  .
غافلتني اقلامي ورمتك بين الكلمات وقتا طويلا اتلوه على الاوراق و انا اكتب عنك ، عن شقار عينيك و وجهك الاسمر . مضيتي وانا احلم  طويلا بالغد الذي سيجمعني بك .
, كانت الايام سريعه و السماء ورديه و قد نامت في صدري غيمة كبيرة و جدول ماء. كيف لأيام يراها الناس عادية بأن تكون بالنسبة لنا قبسا ساطعا و لحظات تنهال و تذوب  في الروح كالوجع الكثيف!. اياما كتلك التي احتضنت لقاءاتنا العديده واحاديثنا الطويله وتفاصيلنا الجميله , كنتي "لمى" حلما سعيدا جعلني اضم الدنيا الي قلبي ، اتنفس و ابتسم .

ذات مرة سألتيني:

_ايهم ، مالذي يلهمك في حياة الريف هنا
لو كنت في المدينه لوجدت اشياء كثيرة تلهمك , أ لم تحلم يوما بالذهاب اليها ?
- ابدا. لا استلهم كلماتي من اشياء زائفه , في المدينة كل شيء زائف اما هنا قلب الطبيعه لا مجال للزيف ابدا , اجد النهر يلهمني و الاشجار و الورد و انت ناي
ابتسمت و توردتي خجلا و استأنفت انا
-اجد اني لذو حظ كبير اني ولدت هنا فلو كنت في المدينه , لما رأيتك,لما عرفتك, لما الهمتني عيناك وكتبت.
كنا نزداد شوقا للقاء و ولعا و ربما حبا دون ان نعرف .
لقاءاتنا طويله خلقت مشاعر عجيبه . كان كلانا يهوى الثرثرة و الضحك و الجنون.. حدثتيني عن تفاصيل كثيره في حياتك مثلا انك تملكين والدين رائعين و اخا يكبرك بسنه "ايمن" و اختا تصغرك بسنه " رنا" التي تعشق ابن عمها " احمد" و الذي لا يبادلها نفس الشعور و هي دوما تشكو لصديقتها صفاء التي تجزعين منها و من تصرفاتها الغبيه و لا تقابليها باللطف ابدا. اما انا فلم احتج الى حديث طويل لأخبرك عن حياتي فقط انا لدي امي واختي " ايمان" اللتان خرجت بهما من الدنيا , ايمان متزوجه تعيش بالقرب منا و انا انهيت دراستي مثلك انت واعيش مع امي التي تعمل مدرسة منذ صباها , و لا املك الكثير من الاصدقاء فالكتب تغنيني عنهم , مذ دخلتي حياتي اصبحت زاهية ملونه و تغمرني سعادة لم اكن لأطولها لولاك. كنا نلتقي مره او مرتين في الاسبوع اما ان نجلس امام النهر او نجوب الطرق الخضراء , اذكر يوما اخبرتيني فيه اننا قد لا نلتقي الاسبوع القادم لان والدتك تشعر بعدم الارتياح حيال خروجك من المنزل وعدم مساعدتها في الاعمال المنزليه ثم اضفت
_ابن عم والدي متوفي قبل عقد من الزمن نحن لا نعرفهم لكن ابي صادف زوجته و دعاها الى العشاء , سأخرج مع رنا لأشتري فستانا يليق "بأقاربنا الجدد"
قلتيها و ضحكت ساخره
اما انا انقبض قلبي كيف سيمر الاسبوع دون ان اراك تمنيت ان ينتهي بسرعه او يخطف او يختفي او يذهب الى الجحيم , مرت خمس ايام بتثاقل و ملل فكرة غيابك تكاد تقتلني و الغريب هو ذاك الشعور نحوك الذي كبر حتى صار بحجم السماء , اظن ان حبك اصبح قدرا محتوما واني وان اخفيته ستتحدث به عيني و تلقيه كقصيدة شعر على مسامع الجميع. قبل ان يمضي يوم اخر قدمت ايمان لزيارتنا و لتقضي النهار معنا كانت فكرة جيده ستنهي اليوم سريعا و تخلصني من التفكير بك و لكن ما ان غربت الشمس حتى رأيت امي واختي تهمان بالخروج قالوا انهم سيذهبون لزيارة بعض المعارف , ابديت استيائي قائلا
- فلتخرجوا انتم دون سابق ذكر
اجابت امي
- و لم لا تأتي معنا ما الذي يدفعك للجلوس وحيدا ...
بعد لحظة صمت اكملت ايمان عن امي محبذة الفكره و محاولة رفع همتي
-هيا ايهم قم معنا لن نتأخر و مؤكد انك ستستمتع طالما نحن معا .
وبما اني كنت ابحث عن شيء يلهي تفكيري بك وافقت و ذهبت معهم, استقبلتنا سيدة المنزل فور وصولنا استنتجت انهم لم يتوقعوا اني يحضر رجل الجلسه حيث لم يكن هناك رجال في استقبالي , دخلت فتاة القت التحية بأدب و عرفتنا سيدة المنزل بأنها ابنتها كانت الاجواء لطيفه حتى فتح الباب دخلت فتاة تحمل لنا القهوه...لكن....من كانت هذه الفتاة!!!! نعم انها لمى انها ناي , كنت تحملين القهوه، دهشتي حالما رأيتيني بقيتي واقفة مكانك اتسعت عيناك توردتي و وصلني صوت نبضك , نبهتك والدتك
-لمى ادخلى عزيزتي
اومأتي بنعم. سرتي بخطوات انيقه ثابتة كما الفرس العربي الاصيل ترتدين ثوبا زهريا فاتحا خفيفا مزينا ببعض الورد الصغيره كان مناسبا لسمرة بشرتك و عينيك اللوزيتين العسليتين اللامعتين اما الكحل الممتد بأتقان و الرموش بكثافة غيمة محملة بالمطر فألى هنا و تختل الموازين الى هنا يفوق الجمال الحدود الطبيعيه و تسلب العقول . قلبي عانق الغيوم كان ينبض سريعا و بدأت اشعر بالدم يتدفق بحرارة في وجهي و نبضاتي كانت ترقص على انغام وقع قدميك.....

نايحيث تعيش القصص. اكتشف الآن