الفصل الحادي عشر

40 3 2
                                    

ظلت كلماته يرن صداها في أذني...

لن نخرج اليوم...

لستِ على طبيعتك....

لنشرب شيئا دافئا ونشاهد التلفاز.....

وهكذا بقيت هذه العبارات عالقة في أذني بينما أجلس على طرف سريره إلى جانبه ونحن نشرب شايا من المخزون الذي أمنته له.

قبلته تلك ما زال أثرها يحتضن خدي، لم أجرؤ على مراجعته في سبب تقبيلي، أو ماذا عنت له تلك القبلة، ربما كانت نوعا من أنواع التعاطف لا غير، علي التفكير بهذه الطريقة لكي لا أطير في سقف توقعاتي فينتهي بي الأمر مجروحة.

كان يشاهد التلفاز صامتا ويقلب بين القنوات، ثم التفت نحوي مع نصف ابتسامة وسألني:

"ألم يعجبك الشاي؟"

نظرت إلى كوبي الملآن بوجه تائه وخدود محمرة، فهو قبض علي بينما أنا عالقة في تفكيري به وبقبلته، ارتشفت رشفة وشكرته على ضيافته.

أخذت منه كوبه الفارغ واتجهت إلى المطبخ الصغير مقابل غرفته الصغيرة تلك، لم يكن للمطبخ باب ومدخله كان مفتوحا على غرفته، وكانت شاشة التلفاز معلقة على الحائط المجاور لمدخل المطبخ، ظننته يتابع البرامج التلفزيونية بينما أقوم بغسل الكأسين. التفتّ خلفي فوجدته ينظر نحوي فازداد ارتباكي.

التفتّ أمامي مجددا محاولة تجنب النظر إليه حتى شعرت بخياله خلفي، وضع يديه على طرفي الحوض فحوصرت في المنتصف، أدرت نفسي ناحيته وقابلت نظراته الغامضة، ثم بدأ هو الكلام، فقال:

"ما الذي يشغل تفكيرك؟ لست على ما يرام"

ازدردت ريقي وهمهمت بعبارات مقتضبة عن الجامعة ملقية اللوم عليها وعلى الدراسة، فقال مقاطعا:

"هل سئمت مني ومن مساعدتي؟"

- "ما.. ماذا؟ ماذا تقول؟"

- "أنا أشكل عبئا عليك وأنت تعبت، لا ألومك ولست أعاتبك، رجاءً يا حياة إن كنت تشعرين بتثاقل مني فلك كامل الحرية في الانسحاب الآن"

قطبت جبيني بينما أنظر إليه غير راضية عن أفكاره المحبطة فقلت:

"لم أخض كل هذه المتاعب من أجل لا شيء، وعدتك أنني سأساعدك وسأفعل"

- "لماذا؟"

- "لأن... لأن... "

- "من حيث أرى فلا منفعة تأتيك من مساعدتي، أنت حتى لم تطالبيني بأي عوض مادي!"

أغمضت عيني وأخذت نفسا عميقا قبل أن أجيبه:

"لا أقدم لك العون مقابل أي عوض، أنا أساعد الآخرين دائما ولا أطلب مقابلا، لقد تربيت على ذلك، وعندما أعد فإنني أفي بوعدي، قلت لك لن أتركك حتى تجد تفسيرا لماضيك، اعتبرني ملاكك الحارس كما تصفني صديقاتي"

زائر في كبد الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن