الفصل الرابع والعشرون والأخير

44 3 14
                                    

الفصل الرابع والعشرون والأخير

إنني أبحر وسط المجهول، أمواج سوداء متلاطمة تنتزع مني الأمل في العيش... لكن يجب أن أعيش! ماذا تريدين مني؟ ماذا فعلت لك؟ من أنت؟ وأين أنا؟

أنا؟ أنا قصة هجران أليمة.. رواية غدر بها الزمان، أنت أنا.. وأنا لم أكن إلا قطعة منك... نحن غدُ زمنٍ بعيد...

أعيش منك وتصبحين أقوى بي... هؤلاء الشياطين ما هم إلا عثرة... جبال من الغدر الإنساني... الإنسان آفة الأرض يجب التخلص منها... لكن لا تقلقي يا عزيزتي لن أقتات على أي منهم دون إرادتك وأمرك... تذكري أمرا واحدا أنا سبيلك الوحيد للارتباط به.

الارتباط به؟ من؟

من ملأ سماءنا القاحلة ببدر يزين حزنها ويبدل بهمها سعادة أبدية.. هل تشعرين به؟ هل تتذكرين رائحته ولمساته؟ صوته العذب... ضحكاته المفعمة بالحياة... لأجله كنت أعيش.. بسببه أصبحنا أقوى... أنا وأنت هدفنا واحد فقط..

***

لا أستطيع التفكير بشكل سليم بعد كل ما سمعناه من هذا الساحر... لماذا أشعر في أعماقي بالذنب؟ لماذا أشعر أنني السبب في كل شيء؟ لو أنني لم أتقرب منها في تلك الليلة... لو تركتها في ضعفها ما كانت في جبروتها الحالي ... أنا السبب في التعاسة التي حلت على الجميع الآن.

"لا.. لست أنت السبب"

فتحت عيني مذهولا وأنا أنظر نحو الساحر وهو جالس في موقعه وقد كان غارقا في أي كان يفعله للاهتداء إلى مكان حياة.. هل سمع حديثي الذاتي مع نفسي؟ هل يقرأ الأفكار؟

ابتسم وهو ينظر إلي وقال:

"الحب ليس خطيئة ... والاهتمام ليس جريمة"

أعاد بصره نحو التراب الذي حوله ثم نهض بيأس وقال موجها حديثه لوالدي حياة:

"لا أستطيع اقتفاء أثرها... سحرها أقوى مما تخيلت... لكن كل ما أستطيع التكهن به هو لجوؤها إلى عرينها حيث كان هذا الشاب يقابلها سابقا"

اتجهت أنظار الكل نحوي مما زادني ارتباكا، فقالت فرح مستفسرة:

"هل تقصد المنزل الذي كانت تخدعه به؟ هل تعرف مكانه يا إياس؟"

شردت قليلا وأنا اتذكر معالم المنزل المدمر وسط الركام، ثم هززت رأسي بالرفض قائلا:

"لا.. لا أذكر موقعه! لا علم لدي!... الشخص الوحيد الذي صحبته إلى هناك هو ميت الآن.. لا أحد يمكنه أن يدلني! لا أذكر أنا آسف"

اتجه والد حياة نحوي وأمسك بي من كتفي وقال متوسلا:

"أرجوك! حاول أن تتذكر! أنت أملنا الوحيد!"

ابتعدت عنه وأنا أدعك وجهي بيدي ثم قلت:

"لو تذكرت ما الفائدة؟ ما هي خطتك لتخليصها من السحر؟ ألم تقل أنت بنفسك أن هذا الساحر نبهك إلى أنها ستغدو أقوى بالاتحاد؟ فما خطتك إذن؟ أن تجرنا إلى الهلاك جميعا؟ ربما لن تؤذيني.. لكن ماذا عن فرح؟ وأخيك؟ ألم تفكر باحتمال أذيتهما؟ ماذا لو آذتك أنت؟ لا يوجد طريقة لإنقاذها.. لقد انتهى كل شيء!"

زائر في كبد الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن