الفصل الثالث: مسافات البرزخ

39 11 4
                                    

قالت غفران بإبتسامة براقة ورائحةُ النعناع تفوح منها: 

«اتمنى لك الشفاء عاجلًا ان شاء الله، وحاول ألا ترهق نفسك.»

لقد كانت هذه الكلمات تلامس قلب شهاب، لكنه ولأنه في حالة طارئة فلم يكن هناك وقت للحديث، وأكتفى بقول: 

«شكرًا آنسة غفران.»

ثمَ ذهب وأطلق ساقيه للريح، فلقد أدرك شهاب أن عليه حماية الآسرة من الأخطار التي قد تعانيها، بسببه! 

ذهب للمنزل، وفي الفناء الخلفي، راى دراجته وسرعان ما حط جسمه عليها، معلنًا إنطلاقته المتهورة القوية لمدرسة أخته. 

ساق شهاب دراجته بإندفاع شديد، لدرجة مرور المباني والمنازل من على ناظريه بسرعة، للحد الذي يجعلها تبدو كأنها تتسابق معه. وبعد مرور بعض الدائق التي كانت متباطئة في عقل شهاب، وصل لمدرسة أخته، والتي أستغربت بشدة من معالم الخوف المرتسمة بحدة على وجهه. 

أركبها بسرعة على دراجته دون ان يمنحها وقت للكلام، وهي من سرعة الموقف لم تنبس ببنت شفة. 

بعد مرور خمس دقائق على انطلاقة شهاب من مدرسة أخته، كانت تحاول سلوى في عقلها إستيعاب الموقف ووضع تحليلات منطقية تفسر تساؤلاتها بما حل لشهاب، لكنها لم تستطع التوصل إلى  إجابة شافية كافية. 

لذا وبصوت خائف خافت قالت سلوى بتردد شديد: 

«أخي، هل حدث شيء؟»

قالت هذا وهي تعلم ان مكروه حصل لأنها شعرت بخطبٍ ما يجري. 

ليرد عليها شهاب وبصوتٍ جهوري يتصنع الهدوء: 

«لا، لا!» 

وأضاف بصوت مبتهج ينوي تهدئة أخته: 

«لم يحصل شيء لذا لا تخافي يا صغيرتي.»

في هذه اللحظة جل ما يفكر به شهاب، هو مدى حماقته، وكيف أنه قد يكون سببًا، في موت عائلته. 

كانت سلوى طوال هذا الوقت تتفحص شهاب، ولاحظت ملابسه الدامية بجانب يده. 

وبعدما لاحظت ملابسه التي بها علامة الدماء، قالت وهي تشعرُ بالحزن لإصابة أخيها: 

«ويدك، ماذا حل بها؟» 

قال شهاب وهو مبتسم:

«لقد كنت اعمل وتعرضت للإصابة، انه ليس بالأمر الكبير.»

 كُل هذا وشهاب يقود بقوة شديدة، لدرجة ان عروق رجله بدأت تؤلمه. لكن جل ما يُفكر به شهاب الآن، هو حماية أخيه الصغير أحمد وإيصاله هو وسلوى إلى المنزل بأمان. 

وبعدما مرت الدقائق وصل أخيرًا لمدرسة أخيه، وقد وضعه بصعوبة في مؤخرة الدراجة ففوق الحمل الزائد على الدراجة، كان احمد يعاند فكرة أخذ شهاب له فقال:

زخّاتُ صوبٍحيث تعيش القصص. اكتشف الآن