طيف عابر

38 2 0
                                    

زارني اليوم طيفٌ قديم ولم أُسَـرَّ لِرؤيته  ..كان يحمل حقائب كثيرة وثقيلة ويبدو أنّه سيُقيم طويلا .. حين فتحتُ الباب وجدته يَسنِد ظهره على الجدران  و يدخن سيجارته .. استقبلته بابتسامة باردة و طلبتُ منه أن يرمي السيجارة خارجا لكنه تجاهل طلبي و دخل مُسرعا عرض البيت و كأنه صاحبه.. جلس دون إِذنٍ منّي و وضع السّاق فوق السّاق و بدأ يسرد لي مَشقّات السفر دون توقف .. قاطعته بِحَنقٍ : خيراً زُرتَـني !؟
قهقه ..لقد اشتقت ! و تقول الاشاعات أنكِ مثلي و أكثر ! و استمرّ في إغاضتي ..
غيرتُ مجرى الحديث و قلتُ له بِـتهكُّمٍ : يُقال أيضا أنّك ضيّعت سبيل عودتك ربما لهذا لجأت لي ..
ردَّ ساخرا  ربما بعض من الإشاعة صحيح لكن لم أُضيع طريقي إلّا لأجدكِ ههه !
استرسل في حديثه مُتجهًا نحوَ حقائبه المُلقاة فوق بعضها و أخذ من بينها واحدة و راح يفتح قِفلها بجهدٍ كبير و يقول : ليتكِ تدرين كم كان حملها ثقيل على جسدي هذه الحقيبة بالذات ! فزاد فضولي لأعرف ما فيها و استغربتُ من ثقلها و هي بهذا الحجم الصغير !
ترقبته بفضول أكبر ليفتحها و كانت المفاجأة! انها فارغة !
لم يكن فيها شيء  ! قلت له بِغضبٍ أتسخر مني كيف تدّعي الإنهاك من حقيبة صغيرة فارغة !؟
ردّ بنبرة حَنُـوَّةٍ : إنّها ليست فارغة ؛ إقتربي ألا ترين إنّه قلبي  المكسور الى قطع جاهدتُ كبريائي كثيرا لأحمله إليكِ ..  إقتربي أكثر إفتحي يديكِ خذيه  إجمعيه  فلن يُشفَى و لن يكون بمأمن الا معكِ .. أما عن بقية الحقائب الأخرى لو تتسائلين فما هي إلا ذكرياتنا الكثيرة ..

ترك قلبه المكسور معي ثم رحل دون إلتفاتة وداعٍ  .. ظننته سيبقى ونسيتُ أن الأطياف راحلة حتّى و إن أتت ..

......

#نبض

الى صديقي البعيدOù les histoires vivent. Découvrez maintenant