Part 02: الطفلة والأشقر

425 35 41
                                    

"الثقة كالدموع..إذا سقطت لا تعود..!"

مانهاتن، نيويورك

الليل يغلب كل شيء الآن فلا يرى سوى الظلام الحالك في منتصفه بينما الرياح تعصف بشدة والامطار تتساقط بغزارة كأنها دموع..وفي وقت جد متأخر من الليل وبعد ان انطفأت كل أنوار المدينة..كان تايلر عائدا إلى منزله وقد كان يشعر بالغضب الشديد بسبب الإزدحام الذي صار في كل الطرق في ليلة ممطرة وباردة كهذه لهذا ركن سيارته جانب شجرة وفتح نافذته يأخذ نفسا عميقا محاولا تهدئة أعصابه..

أغلق عينيه قليلا يتنفس بهدوء حتى شعر بأن هدوئه قد إكتمل ففتح عينيه حين سمع المطر ينقر سقف سيارته يصوب عيناه من نافذته الامامية نحو المكان المظلم امامه لدرجة أنه كان سكونٌ وصمت غريب يسود الشارع الذي ركن سيارته به..

في تلك اللحظة أدار رأسه للجهة الأخرى يُشبع أعينه بمنظر سقوط المطر المريح لثوان، وإن هي إلا ثواني حتى أخرجه من تأمله صوت بكاءٍ كان يكاد يسمعه فسارع يبحث بعينيه بتركيز عن مصدره ليكتشف أنه قادم من الجهة المجاورة له..

قضب حاجبيه بانزعاج حين خيلت له فتاة كانت متكئة على جانبها الأيسر على الارض المبللة تضم ركبتيها إلى صدرها كوضعية الجنين في بطن أمه تبكي بحرقة وكأنه تم رميها في الشارع او تمت خيانتها من حبيبها في موعدهما الأول، لكنه تراجع عن فكرته الأخيرة حين من بُعد المسافة لاحظ جواربها التي بدت متمزقة وملابسها المتسخة والتي كانت ترتجف داخلها..فشعر بالأسى عليها يرخي رأسه على كرسي سيارته للخلف يعيد التفكير إذا بإمكانه أن يتفقد مشكلتها أم لا..

أعاد ظهره لِلخلف وزفر أنفاسه يمرر أصابعه على شعره ويعيده للخَلف والتوتر كان واضِح على ملامحه، وبعد ثوان من صمته سمع نقرات المطر ترتفع وكذلك بكائها، فتمتم بثقة تملئ صوته الجميل يخاطب نفسه:
"لا خيار لدي!"

نزل من سيارته وإستقام بطوله يغلق باب سيارته ويلقي نظرة خاطفة للسماء أعلاه ويحثّ خطاه نحوها بخطوات بطيئة..وعند وصوله قربها لم يكن واضحا منها سوى جسدها النحيف الذي يرتجف من البرد وشعرها الذهبي المبلل يغطيها والذي جعل التعرف على وجهها صعبا عليه والتأكد ان هي فتاة او ولد..مرر أصابعه على شعره الذي تبلل بالفعل ليرفعه ويقترب خطوة إليها يقف قريبا منها ينظر إليها بفضول في حين أردف بهدوء:
"مرحبا؟..هل كل شيء على ما يرام؟"

رفعت عينيها الباكيتين نحوه فلم تستطع في الظلام أن تتبين ملامحه جليا لأنه كانت ملامحه مظلمة وملابسه عبارة عن سواد مما جعلها تبلع ريقها بخوف ترجع للوراء قليلا فحثّ خطاه أقرب إليها ثم رفعَت بصرها ناحيته فتعجبت بوسامته وخفق صدرها بسرعة ما جعلها تمسح دموع حزنها التي إختفت فجأة عند ظهور المعجزة..

كان مُتبسم الثغر مرتديا بذلة رسمية أنيقة وعلى عيناهُ الخضراء الحادّة ثقّة مغرية..كان يمتلك ملامحا إيطاليّة..شكل وجهه البيضاوي الذي خطف نور وسطوع القمر إليه..وشفتاه الصغيرتان الدقيقتان المرسومتان بعناية..وأنفه المستقيم بدقة وإتقان..وعيناه..عيناه خضراء كعيون القطة ولونهُن يأخُذ الأعين إلى عوالم الأحلام البعيدة عن هذا العالم السيء..ورأسه مكسو بشعره الأشقر المبلول والمبعثر على جبينه والذي يغطي حاجبيه مما زاده وسامة بطريقة مثيرة..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 4 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Beside Of Himحيث تعيش القصص. اكتشف الآن