شيء يدفعني..

772 81 20
                                    

لا زالت حواء تجاهد نفسها في محاربة هواها، عازمة على البدء من جديد والتوبة.

حرصت على الاستغفار الدائم والندم على ما جنته في نفسها، لكنها تعلم أن التوبة الصادقة تحتاج للإقلاع عن الذنب، وهي في حال من التأرجح خائفة أن يبهت عزمها وتعود لتلك الدوامة.

وكي تقلع عن شيء عليك أن تعرف الأسباب التي تؤدي إليه كي تتجنبها، لذلك قررت أن تبحث بعناية عن أسباب تعوّدها وإدمانها على استهلاك هذه المواد السيئة، قرأت المقالات وشاهدت فيديوهات متنوعة عن الأمر، لتنتهي بخلاصةٍ كتبتها في قصاصات صغيرة ولصقتها في إحدى دفاترها.

كتبت على الورقة الأولى قبل أن تلصقها بالدفتر:

(ما هو الإدمان؟
عند التحدث عن الإدمان عمومًا فنحن نتحدث عن تأثير حقيقي في دواخل الشخص ونفسه، قد يكون أعمق حتى من كونه مجرّد ذنب عابر، بل صار جزءًا من شخصية الفرد، جزءًا من يومه، مرافقًا له ليل نهار، يتكرّر دون ملل، يطارده باستمرار بأشكال مختلفة ومتجددة، بل قد يتطور كل مرّة عن التي سبقتها.. قد يبدأ يشعر بالضيق إن توقف قليلًا، يشعر بالفراغ، تلاحقه الأفكار ولا يستطيع طردها، بل قد يتحول الأمر لأعراض حقيقية كالأرق والقلق وتغيّرات في طبيعة الأكل والمزاج.

الإدمان خطير لأن الشخص قد وصل لمرحلة تترجم مشاعره وأفكاره لتعلّق (مرضي)، ظنًا منه أنه يصل للنشوة والسعادة بهذا الشكل، وكل هذه الأعراض وأكثر ما هي إلا أعراض انسحابية تماما كالأعراض الانسحابية التي تترافق مع إدمان الكحول أو المخدرات مثلًا.)

حوّاء أدركت للمرة الأولى أنها واقعة في بلاء شديد، كانت تظن أن تلك الدوامة من الندم والوقوع ثم تكرار الأمر مرة أخرى هي سلسلة عاديّة طبيعية، لكنها تفهم أن الخيار في الأساس كان بيدها، هي من اختارت ما تقرأ، بل أكملت وتابعت بحثًا عمّا يروي شهوتها.. خفتت رغبتها بعدها وندمت لكنها أصرت في المرة التي تليها وقارفت الذنب مرة أخرى ولم تلحظ أن هناك خطأ إلا بعد وقت طويل، بعد أن اختفت ملامح البراءة من وجهها.

بعد أن انتهت من قصاصتها، اتجهت لقصاصة حمراء وكتبت عليها:

(السبب الأول لهذا الإدمان:
ضعف الإيمان، فإقلالك من الطاعات يؤدي إلى ضعف إيمانك، والإيمان هو حصن المؤمن يقيه وساوس الشيطان وتسلطه عليه، ويقيه حثه له بالوقوع في الرذائل والمحرمات، فإن كان إيمانك متهاويًا ما عاد يردعك أي شيء عن فعل ما أمرك به الشيطان!

والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فإذا أردت أن يزيد إيمانك عليك بالاستكثار من الطاعات واحتساب النية في كل شيء تفعلينه، وكذلك عليك الابتعاد عن المعاصي بشتى أنواعها كي لا ينقص إيمانك ويتسلط عليك الشيطان ونفسك الأمارة بالسوء!)

أكملت القصاصة، وبدأت قصاصة أخرى لونها أصفر:

(السبب الثاني:
عدم تعود قول لا للنفس الأمارة بالسوء، والضّعف أمامها مرارًا وتكرارًا، وعدم مجاهدتها والصبر على تألمها وعدم تحمل الأعراض الانسحابية حين تحاولين تركَ هذه المعصية لمدة!

داء الإباحيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن