2-شجونٌ مجبولة

149 21 29
                                    

لم يكن هذا ما تمنت ان تعيشه..او بالأحرى ليس هذا ما استحقت ان تعيشه
كانت فكرة مغادرتها لرحم والدتها الدافئ باردة ومخيفة لدرجةٍ كبيرة

كل شيء يحدث لها لم ترغب به يوماً
منذ موت والدتها الى مرض ابيها بمتلازمة 'المنحبس'
وصولاً الى زواجها بإنسان لا تُكِنّ له اي مشاعر سواءً أَكانت حباً او كرهاً ولكن خطأ واحد قد يجعل منك تعيش حياة كارثية ككابوس ملموس..
وقد كان خطئها الوحيد انها وُلدت في تلك القرية الصغيرة!

لم تكره الفقر يوماً بالرغم من بشاعته الا انها كانت تراه شيئاً لا يستحق الحزن اكثر من ساعة في اليوم
حين لا يستطيعون توفير الدواء لوالدها مثلاً هنا تبغض الفقر ولو كان رجلاً لما توقف الأمر على قتله وانما على تمزيقه إرباً إربا

ولكن فور توفر دواء والدها تنسى سيئة الفقر وتُركز على ما هو اهمُ من ذالك كتعليم شقيقتها ما علمها اياه والدها من احرفٍ هجائية
دون علم أيٍ من أهل القرية

والان هي تسعى لتعليم اسيل دون علم شقيقها الأكبر
فدائماً ماكان رافضاً لتعليم شقيقتيه إلا أن والدهما وضع لهُ حداً لا يتجاوزهُ
مع ابنتيه مخبراً إياهُ أن لا شأن له بهن مازال الهواء يدخل رئتيه!

لقد كانت ترعبهم بحق فكرة تعليم النساء
لانهم على يقين تام بما تستطيع فعله المرأة ذات العِلم
وان لا يردعها رادع وإن كان اقواهم من الرجال
يخشون الشعور بجانبهن بالجهل والدونية،وهذا الخلل النفسي بهم لا يجعلهم يعملون جاهداً لكسب علمٍ أوسع وانما ببساطةٍ يُريحون انفسهم بمنع النساء من التعلم!

وحتى الان هي تتذكر نظرات الاخ المتوعدة لها بشيءٍ لم تفهمه
فما هو السبب الذي يجعله يحمل الكره والضغينة في قلبه لشقيقتيه
ويجعله يشعر بالخزي منهن؟

ولكن..لا سلوك آخر يُتوقعُ منه مادام يعيشُ بين بشر يمشون بعقولٍ فارغة
لا يملئونها الا بمعتقداتٍ خاطئة ويُخدَعون بأبسط كلمة
كل ما يشغل عقولهم النساء مقيدين شرفهم بالانثى
لا يعطونها سوى حق التنفس مجرديها من كل حقٍ آخر لها!

-

يجلس الاب وبجانبه ليليان واختها بينما اخيها يجلس بمقعدٍ بعيدٍ قليلاً قرابة خطيبها أمجد ووالدته وشقيقه الأصغر آدم

"هذا هو رأيك اذاً؟"
يسأل خطيبها اخيها سامر ليجيب الأخُ قائلاً
"نعم..انا ارى انه لا يوجد هناك داعٍ للتأخير اكثر من شهر
ارى انه بداية الشهر القادم هو الموعد المناسب لزفافكما"

لا تعلم ليليان لماذا تذكرت الان تلك الليلة،الليلة التي دخل بها اخيها المنزل ورائحة الخمر تفوح منه ملوثة نقاء منزلهم ،قد كان غاضباً جداً ، تستطيع رؤية شرارات من النار تخرج من عينيه
في تلك اللحظة ايضاً قد كرهت الفقر من صميمها
فقد كان في حالته تلك بسبب الديون التي تراكمت على عاتقه مما دفعه
على ان يستدين ثمن تلك الكحول لينسى بها ما يعيشه من فقرٍ وبلاء

مُجرّد انثى!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن