تحتَ ضوءِ البدرِ الباهت
مهجورٌ لا نجومَ ولا غيومَ حولهالهواءُ يزعجها عند ضربهِ لوجهها العابس بشعرها الليلي
قد كانت ليلةً حزينة منذُ البداية
وثقيلٌ حزنُها على فؤادها الذي باتت تتجردُ منه تدريجياًالاشجارُ تتمايل بحزنٍ عظيم
وأصواتُ المعازف مخادعة لا تجلبُ من الفرحِ شيئاًتجُر ثقلها وكأنها تجرُ شخصاً اخر معها
تضغط على اسنانها بقوةٍ مانعة نفسها من البكاء مجدداً
فقد فشلت في جلبِ الدواء لشقيقتها التي تتلوى الماً
كما فشلت في الحفاظ على صديقتها الوحيدةتجرُ انفاسها وتزفرها بصعوبةٍ بالغة
وتمشي في الطريقِ الخالي بخطواتٍ بطيئة وهي مُغمضةُ العينينإن الانسان عادةً ما يختار الطريقَ الأسرع الى منزله
ولكن اسيل اختارت الطريق الاطول الذي يؤدي اليه
فلا رغبة لها بالعودة الو منزلها وهي لا تحمل الا خيبتها وبضعً من الدموعو لظنها بأن سامر لن يعودَ في وقتٍ كهذا
كان من الجيد أن تستنشق بعض الهواء بعد ساعاتِ اختناقها
وتفكِر جيداً بما عليها القيامَ بهولكن..صوتٌ أجش جعلها تجفل واقفةً في مكانها
وخوفٌ شديد تسبب بفتحها عينيها على مصراعيها
بعد أن كانت منغمسةً بالظلام السائد"ماذا تفعلين هُنا؟"
لم تُرِد الالتفات الى جهة الصوت لكونها تعلمُ جيداً لِمَن يعود
إلا أنهُ أمسَك رسغها
وأدارها بقوةٍ اليهِ دون افلاتِ يدها التي شد عليها بقسوة
جال بعينيه في ملامح وجهها وقد كان ينعكسُ عليها ضوءَ القمرِ الذي لم يزيدها الا فتنة
وبالرغم من كُل تلك الكدمات الموزعة على معالمِ وجهها إلا أنها اخفقت في انقاصِ شيئاً من جمالها
هذا ما كان يجولُ في فكر من أطال النظرَ بحُسن خلقها.."آدم؟"
هَمَسَت بصوتها الدافئ المشابه لهذا الجو
فلمعت عينيهِ رُغماً عن قلبه فور سماعهِ لاسمهِ يتسللُ من ثغرها العنابي"همم ، هل كُنتي بانتظارِ شخصٍ آخر؟"
همهم آدم متحدثاً بصوتٍ خافت بعد الإيماء لها بخفة
وهو ينظرُ بعُمقٍ في عينيّها السوداءضيقت اسيل محيط عيناها بعد عقدها لحاجبيها وسألَتهُ مستغربةً أمرَه
"مالذي ترمي له من كلام؟.."اصدر صوت سخريةٍ من فمه مع ارتفاعِ طارف شفاههُ بابتسامة مزيفة
وأجاب عليها قائِلاً
"لا أرمي لشيء ، ولكن مالذي تفعله فتاةٌ في عُمرك في مكانٍ يخلو من الجن والإنس؟الا اذا كانت بانتظار أحدٍ ما لأن يأتي.."