وصلتني رسالة إلى البيت ، توجهت للباب حتى ألتقطها فسمعت طرقا ، و تساءلت ترى من ، و عندما فتحت تفاجئت بكونها هي .
لقد عادت ، و رغم التجاعيد وجهها ما زال متوردا ، و ما زالت محافظة على ابتسامتها البشوشة ، فبادرت إلى عناقها ، و بادلتني أيضا ، كنت سعيدة برؤيتها مرة أخرى ، لقد ظننت أن لقائها أصبح مستحيلا ، فبعدما تم اعتقالنا أنا و والدي لم أرها بعد ، و أخبرني تيراز أن المنزل بات فارغا بعد ذلك ، فقلت لابد أنها رحلت بعد رحيل سيدها ، إنها كبيرة الخدم في بيتنا ، لكن بالنسبة لي لم تكن مجرد خادمة .
منذ أن والداي افترقا ظلت هي تعتني بي جيدا ، و لن أنسى ما قدمت لي طوال حياتي ، فهي مثابة أمي .
رحبت بها في بيتي ، و تفضلت بالجلوس على الأريكة ، ثم أحضرت الشاي سريعا و عدت لها ، تحدثتنا بشأن غيابها ، و أبديت لها مدى اشتياقي ، فابتسمت و عادت بي لذكريات طفولتي رفقتها ، ثم تساءلت فجأة عن سبب قدومها ، فقالت لي :
-يجدر بك قراءة الرسالة بنيتي.
إذا هي من وضع الرسالة ، لكن هل كانت تنوي تركها أسفل الباب و الرحيل ، ثم فكرت جيدا و اختارت البقاء ، أم طرقت الباب من أجل قدوم أحد ليفتح ثم يلاحظ الظرف و عندما يفتح الباب لا يجد أحدا ؟!
-اه حسنا .
استدركت بعدما صمت طويلا .
كنت قد وضعت الرسالة على الطاولة بيننا ، فالتقطتها و فتحت الظرف الورقي ، ثم أخرجت الورقة المكتوبة بالحبر ، بدأت بقراءة السطور ، فاستغربت مما قرأت ، و في أسفل الورقة ختم باسم المرسل : سيليا.
رفعت نظري بصدمة .
-إنها أمي . قلت بتبعثر ، فردت :
-أجل ، طلبت مني إيصالها لك ؛ بما أنك قرأت محتواها ف .. هل ..
لم تستطع إكمال حديثها ، فقلت لها :
-لقد علمت مؤخرا أنها ليست ميتة ، مع أنني اعتدت كونها كذلك ، و الآن تريد لقائي بعدما أزيح أبي عن الطريق ؟
و أكملت :
-لا أدري، لست واثقة تماما ، سأحتفظ بالورقة حيث عنوان مكانها ، و عندما أقرر سأزورها.
فاومأت لي بابتسامة، و خضنا حديثا آخر عن حياتها هي الأخرى و بعدها بوقت قصير ودعتني و غادرت .
جلست بمفردي و الورقة ما زالت بين يداي ، أصابنتي الحيرة لوهلة ، و قلت :
-على كل حال ، هو من أذنب و رغم ذلك زرته في آخر ثوان حياته ، و لم لا أزورها هي أيضا .
أنت تقرأ
سطوع الشمس.
Historia Corta《 أناسا يأتون ، و أناسا يرحلون 》 هنا في هذه الرواية ، كل شخصية تخفي ماض أليم ، كل واحدة لها اتجاه سبيل ، كل لسان يحكي قصة ، القصة التي يتشاركون في عيشها ، لكن .. عليك أن تعرف جيداً ، مع من تتعاطف ، مع من تعفي و تسامح . أحيانا ، لا ندري لمن نعطي ثقت...