البارت الثامن:
جراح الغربة
بقلم نجلاء عامر
*********
بعد مرور يومين اصبح الحال غير الحال فقد فعلت سلمى فعلتها واثارت جنون اخيها وبعد اجتماعها مرة اخرى بالبنات تجلس تحكى لهم عن ما فعلته به تحت دهشتهم بما فعلت
-باس يا ستى ومن ساعة ما قولت له ان محمد عايز يتقدم ليكى وهو ولا على حامي ولا على بارد كل شوية يدخلى اوضتى ويقولى طب هى ردت بايه طب هو قالها ايه احب اقولك اخويا شوية وهينزل يجري فى الشارع ويعترف انا مجنون ريم ههههههه
لتضحك البنات على طريقتها بسرد ما فعلته مع اخيها لتنتفض ريم
-حرام عليكى يا سلمى هان عليكى كده
-نعم ياختى دلوقتى هان عليكى مش كنتى زعلانة وقلقانه انه مش بيحبك اهو ياختى طلع مجنون ريم
-يوه يا سلمى انا صعبان عليا
-ميصعبش عليكى غالى شوفى مش اخويا بس احسن عقبال التانى ما ينطق ان خلاص انا اللى هروح اخطبه
لتتحدث رحمة بعقلانية
-اهدى يا سلمى اكيد هيتكلم اصبري
- اصبر دا انا الصبر قرب يشتكى منى
ليرن هاتف سلمى برقم عمرو لتصرخ
-الحقى ده بيتصل اعمل ايه اعمل ايه
لترد نسرين مسرعة ومستنكرة حالتها
-تعملي ايه ردى ياهانم امال عمالة تقولى اروح واخطبة وانتى من اول رنة تليفون ضربتى لخمة
-طب اسكتو خالص ، الو مساء الخير دك اقصد عمرو
-مساء النور يا سلمى ازيك عاملة ايه
-بخير الحمد لله
-معلش كنت عايز اطلب منك طلب
تضع يدها على قلبها وهى تحدثه تحت ضحك البنات وكتمهم لصوت الضحك
-اامر كنت عايز ايه
-كنت عايز اقبلك علشان عايزك فى موضوع على انفراد لو ينفع يعنى
- لتتحدث بصوت هامس لا يسمعه غير البنات بجوارها فيقوموا بضربها على مؤخرة راسها
-ينفع و ينفع اوى كمان
-افندم
-اه ممكن بس فين وامتى
-ينفع بكرة على الساعة ١٢ الضهر فى الكافيه اللى جنب الجريدة
-اه ينفع تمام هكون موجودة فى الميعاد
لتغلق الهاتف وتضعه على موضع قلبها وتنظر فى الفراغ
-هقبله بكرة الساعة ١٢
لتقوم رحمة بوضع يدها على كتفها
-طيب يا ست سلمى اهدى كده بدل ما تفضحينا وخليكى عقلة فى كلامك معاه
-هحاول بس موعدكمش يا رب يكون عايز يقبلنى علشان اللى بالي وعقبال يا ريم لما امجد يتكلم
-يا رب يا ختى لحسن من ساعة ما كلمتيه وهو شايط كل شوية ينادينى فى مكتبه ويسالنى على حاجات مش مهمة نفسي ينطق بقى
-هينطق هينطق تحبي ازود شوية بهارات واجننه زيادة
-لا ابوس ايديكى هو كده كويس وادينى قاعدة مستنيه يتكلم
لتجلسا الاثناتين تنظران فى الفراغ بحالمية اما رحمة ونسرين فينظران اليهم وقد فقدا امل ان يتعقلا
*************************************
نعود الى مدينة ميونخ بعد ان قام ساهر بابلاغ مازن انه حصل على الموافقة لانشاء المشروع الخاص به واقامة المصنع بمصر اتى مازن وقاموا بتوقيع العقود على اتفاق ان يتم زيارة الموقع الذى سيقام عليه المصنع والتعاقد مع الشركات التى ستتولى الانشاءات الخاصة بالمشروع وان تكون الزيارة بعد شهر من تاريخ التوقيع وبعد انصراف مازن جلس ساهر مع كنان يتناقشا فى امر هذه الزيارة
-ياه يا كنان بجد نفسي جدا اشوف ولدى واكتر واحد هيفرح اوى بالسفرية دى طبعا زين
-اكيد حبيب جده ده هتعمل ايه دلوقتى
-بكرة فى الويك اند هتكلم مع الين علشان اشوف هتعمل ايه واكيد احنا هنحتاجها للمشروع بس هى هيكون شغلها بعد الانشاء انت عارف انما انا كل المطلوب منى انى اشوف المكان واتاكد من جدية الشركات
-تمام يا رب الين ترضى تاخد اجازة وتنزلوا علشان هيكون فارق جدا مع زين
ليصمت ساهر قليل على ذكر زين ويفكر ثم يقوم فجاه ويجمع اغراضه
-بقولك ايه تعالى نروح لزين نخده ونروح ناكل برة واهو الولد يخرج معايا تقريبا مفتكرش مرة خرجنا مع بعض
-تمام يلا وانا هاجى معاك اشوف زين باشا دا وحشنى جدا
يتجه ساهر وكنان الى المنزل وما ان يدخلون المنزل حتى يجد زين يتحدث مع جده عبر احد التطبيقات
ليتفاجأ زين بوجود والده
-بابي انت جيت بدري
-اه حبيبى بتعمل ايه بتكلم جدو
ليحدث ابيه مع ابنه ويلقى السلام على الخالة سعاد ثم يغلق المكالمة لينظر الى ابنه بابتسامة حنونة فقد وجد ان زين ينظر اليه باستغراب فهو متفاجأ لوجوده بهذا الوقت
-ها زين ايه رايك فى المفاجاة دى جيت بدرى اتغدى معاك ايه رايك ناكل بيتزا
لينظر اليه زين كانه يرى كائن فضائى ثم ينظر اليه بحزن
-سورى بابي انا مش بحب البيتزا وانا اكلت من ساعة وانا بكلم جدو
لينظر ساهر الى ابنه بحزن فهو لا يعرف اى شئ عن ابنه ماذا يحب وماذا يكره لينصرف زين ويصعد الى غرفته وهو حزين لان ابيه لا يعلم انه لا يحب البيتزا
ليجلس ساهر وهو يضع راسه بين يديه وهو حزين ليتكلم كنان
-للاسف زين زعل وليه حق انه يزعل لما يلاقى ان بباه مش عارف عنه بيحب ايه ويكره ايه اكيد حاسس انه مش مهم عندك
-لا زين مهم جدا عندى بس ظروف شغلى انا ومامته بتخلينا طول الوقت برة البيت وده كله علشان نوفر ليه بردو حياة مريحة
-ده طفل يا ساهر ميفهمش يعنى ايه ظروف شغل ولا اي حاجة من دى اهم حاجة عنده انه يلاقى اهتمام منكم وياما كنت بقولك كده
-انا فعلا حسيت انى مش عارف حاجة عن ابنى حتى ابسط حاجة ايه اللى بيحب ياكله ان قصرت معاه جدا
-طب حاول تعوضه زين لسه صغير يعنى فى فرصة انك تقرب منه وتعرف كل حاجة عنه
-كل ما افكر واقارن بينى وبين ولدى اللى كان دايما بيهتم بادق تفاصيلى احس انى فعل مقصر اوى مع زين لازم احاول ارضيه وعارف ايه اللى هيرضيه
ليصعد ساهر الى غرفة زين فيجده يجلس فى سريره ينظر الى الفراغ وعلى وجهه علامات الحزن والغضب ليكلمه ساهر بعد ان يحمله ويضعه على احدى قدميه
-اكيد زعلان من بابي صح
-لا يا بابي بس زعلان انك مش عارف انى مش بحب اكل البيتزا وبتوجع بطني
-اسف حبيبي بس فى عندى مفاجاة هتنسيك كل الزعل واوعدك انى اعرف ايه اللى بتحبه ونروح ناكله برة مع بعض وكمان نروح منطقة الالعاب نلعب مع بعض ايه رايك بقى وناخد مامي معانا
-مامي عمرها ما هترضى كتير قولت ليها نروح نلعب وهى تقولى خد النانى معاك
-معلش حبيبي اوعدك لو مرضيتش هنروح مع كنان وانت بتحبه
-اه يا بابي بحبه هو وجدو ورورو وسعاد والنانى
استغرب ساهر من اسم رورو ولكنه ظن انه احد اصدقائه فى الحضانة
-تمام يا بطل المفاجاة بقى اننا احتمال كبير نروح نزور جدو هتفق مع مامى بكرة ونبلغ جدو
ليقوم زين من على قدميه وهو يقفذ من السعادة ويهلل لانه اخيرا ابيه سيحقق له طلبه الذى دائما ما يرجوه ان ينفذه ليرى ساهر سعادة ابنه البالغة ليعلم ان هذه الزيارة ستكون فارقة فى علاقته مع ابنه
*************************************
وانتهى يوم وبدء الاخر واليوم مقابلة سلمى وعمرو تذهب سلمى وهى قلبها يهفو للذهاب الي من يملكه تذهب اليه وكانها تطير مثل طائر يشتاق ان يصل الى وليفه لتصل الى المكان المحدد على الرغم من تحذير رحمة لها ان تتعقل لكنها لا تفكر الا بما سيقوله لها لتجده بانتظارها و ينظر فى ساعته
-مساء الخير عمرو
-اهلا مساء الخير يا سلمى عاملة ايه
-بخير الحمد لله اتاخرت عليك
-لا ابدا تشربي حاجة
لترد عليه بفقدان للصبر فهى تشتاق ان تسمع منه كلمة تريح قلبها لا تعلم عندما يتحدث او يقولها ماذا ستفعل
-لا شكرا حضرتك كنت عايزنى فى حاجة مهمة
لينظر لها ويبدو على وجهه القلق والارتباك فهو لاول مرة يكون فى هذا الموقف لدرجة انه ظل يتحدث بكلمات غير مرتبطة ببعضها فابتسمت سلمى على ما هو فيه ليشرب بعض الرشفات من الماء ويستجمع قوته ويقولها بلا مقدمات
-سلمى انا بحبك وعايز اتقدم ليكى
لتتسع عيون سلمى كالعادة ولا تستطيع ان تتحدث من صدمتها فهى لم تتخيل انه سيقولها هكذا بصراحة وبتلك الطريقة وعندما تطيل الصمت يشعر عمرو انه قد تعجل فى طلبه ليعتذر لها بحزن
-انا اسف يظهر انى كنت متخيل ان فى اعجاب منك ليا واستعجلت وقولت الكلام ده
لتحاول ان تفيق نفسها ماذا يقول ذلك الابله اعجاب ايه دا انا بقالى سبع سنوات فى انتظار هذه الكلمة لتنتفض وتعود سلمى المجنونة
-استعجلت ايه دا انا مصدقت لتضع يدها على فمها مما تقول ويبتسم عمرو حد الضحك على مجنونته نعم هى مجنونته التى ستحيل حياته الى فرح وبهجة هو فى اشد الحاجة اليها لكم كان وحيدا فى حياته وسلمى ستملأ حياته اما سلمى فيبدوا انها قد ضربت بوصايا رحمة عرض الحائط لتسترسل فى الحديث وعمرو سعيد بما تقوله فهى شخصيتها مناقضة لشخصية عمرو لقد ادرك فعلا انه يحبها لا بل يعشقها ليشكر الله على ان ادخل تلك المجنونة حياته
انتهى اللقاء بالاتفاق ان عمر سيحدث امجد ويزور عائلة سلمى للتقدم رسميا "الله يكون فى عونك يا عمرو كنت طيب هتتجنن رسمى على ايد سلمى "
**************************************
وبنفس الوقت بالجريدة يدخل محمد قسم التحقيقات والمراسلين وكانت ريم فى ذلك الوقت وحدها بالغرفة حيث ان رحمة ونسرين يغطون حدث مهم فاستاذن ودخل وترك الباب مفتوح قليلا
-مساء الخير انسة ريم
-اهلا استاذ محمد حضرتك محتاج حاجة
لينظر لها بتردد فهو يهيم بها حبا ويريد ان يعرف لما لم توافق على طلبه فلديه امل باقناعها ان تقبل بعرضة ويتقدم للزواج بها ليسالها
-ممكن اعرف انتى مش موافقة على فكرة الزواج ككل ولا لعليا انا بالتحديد
-استاذ محمد انا سبق وقلت لحضرتك انى مش بفكر فى موضوع الجواز خالص
-ليه يا انسة ريم هو فيه سبب محدد ولو علشان شغلك انا معنديش مشكلة بالعكس هبقى فرحان بنجاحك
لتقوم ريم من على المكتب وهي لا تعلم ماذا عليها ان تفعل لتتخلص من الحاح ذلك الشخص عليها فكانت تريد ان تترك له المكان اما محمد فقد اراد ان يقنعها بكل السبل لتوافق عليه لم يلاحظا الاثنين ذلك الواقف بالخارج يستمع الى حديثهم فمنذ وجد محمد يتجه الى حجرة المراسلين وهو يعلم انه يريد التحدث الى ريم فتتبعه لكى يطمئن قلبه بعد ان اشعلته سلمى بكلامها
فحاول محمد ان يلفت انتباه ريم بانه حاول لمس يدها وهى تخرج من الحجرة فما كان منها الا انها نهرته
-فيه ايه استاذ محمد ليه مش عايز تفهم انى مش بفكر فعلا فى الموضوع ده وبعدين ازى تحاول انك تمسك ايدى
الى هنا جن جنون امجد وما كان منه الا انه اندفع الى داخل الغرفة وهو يحاول ان يسيطر على انفعاله
-ايه اللى بيحصل فيه ايه يا ريم وانت يا استاذ محمد
لتتعجب ريم من انه لفظ اسمها بدون اى القاب وهو معتاد فى الجريدة ان يسبق اسم اي من العاملين معه بلقب استاذ او استاذة حتى شقيقته سلمى لتنظر اليه بصمت و بتعجب اما محمد فتحدث سريعا وتلجلج وهو يتجه الى الباب فقد لمح نظرة الغضب بعينه وهو يعلم جيدا ان غضب امجد لا يبشر بخير فهو على رغم هدؤه لكنه فى وقت الغضب الافضل البعد عنه فاتقى شر الحليم اذا غضب
-لا يا استاذنا مفيش حاجة انا اسف استاذة ريم عن اذنكم
لينظر امجد لريم والشرر يتطاير من عينه ويستفسر وهو يتقدم نحوها اما هي فتتراجع الى الخلف وهى خائفة من رد فعله فهو يبدو عليه الغضب
-كان عايز بس يسألنى ليه مش موافقة على انه يتقدم ليه بس والله مفيش حاجة تانية
لينظر لها ولخوفها وتبدو كطفلة صغيرة قد ضبطها ابيها بالجرم المشهود لقد كان وجهها يشتعل من الخجل فاضفي عليها جمال اخاذ فأقترب منها بهدء وتحولت نظرات عينه من الغضب الي نظرات حانية فأرتبكت ريم ووقفت تنظر له فأقترب منها ممسكاً بيديها الاثنان بين يديه فنظرت ليدها بين يديه بخجل وهمس هو بحنان