الفصل الثالث

805 57 12
                                    

بداخل مسجد الكفر، جلس الشيخ حِلي على مقعده، وهو يوزع نظره على كِبار وصِغار الكفر الذين اجتمعوا ليجلسون من أمامه، يستمعون إلى خطبه بقلبٍ تتغلله الراحة أثر كلماته التي يكون لها سحرٍ على كل واحداً منهم، سلاسة كلماته التي تصل لقلوب الصِغار قبل الكِبار، مما يجعلهم ينتظرون كل خُطبة ليستمعوا إليه بكُل إنصاتٍ وحُب، ليبدأ الشيخ حِلي خُطبته يقول بصوتٍ رخيم ذو نبرة لينة:

-"اللّه سبحانه وتعالى في بعض الأحيان يترُكك، يراك.. ولكنه يترُكك، تذهب إلى فُلان، تطرُق باب فُلان، تبكي على باب فُلان، تشكي إلى فُلان، وفي النهاية.. اللّه ينتظِرك، تذهب إلى الدُنيا كُلُها، ثم تعود إليه.. تعود إلى اللّه، كل الأبواب ستُغلق، حتى يعلمك اللّه سبحانه وتعالى، أنه تركُك وحدك، ليكفلَك وحده".

وسط إستماعهم له بآذانٍ مُصغية، تحدث ذلك الشاب قائلاً بنبرة سريعة بباديء الأمر قبل أن يسبقه أحد:

-" يا شيخ حِلي، هل لي بسؤال؟".

أومأ له الشيخ حِلي برأسه مُبتسماً، ليبدأ ذلك الشاب بسرد مشكلته التي أظهرت ضيقه وقهرته أثناء قوله:

-"قام أحد الشباب بظُلمي، فتبلى علي، ويعلم الله أشد العلم أني لست بظالم، ماذا أفعل لكي أخذ حقى منه؟".

تنهد الشيخ حِلي بهدوء، ليعود بنظره إلى ذلك الشاب مرة أخرى وهو يقوم بسرد قِصة قصيرة عليه أثناء قوله بنبرته اللينة:

-"قال أحدهم إلى الله، يا ربي.. إن هذا ظلمني، فخُذلي حقي منه، قال لماذا؟ اخدلك حقك كيف؟ قال أعطني من حسناته قدر ما اساءني! طيب الشخص دة ليس لديه حسنات، قال له خذ من سيئاتي، قال هل يرضيك أن تكُن لك سيئة؟ فقال له.. إذاً يا رب، كيف أخذ حقي؟ كيف اقتص منه؟ قال له الله أنظر يمينك، فنظر الرجل يمينه، وجد قصور وبساتين وجِنان، قال الرجل لمن هذه يا ربي! قال لمن يدفع ثمنها، قال وما ثمنها؟ قال أن تأخُذ بيد أخيك إلى الجنة".

نظروا الجميع إلى بعضهم البعض وهم يبتسمون أثر رحمة الله وحِكمته، ليستكمل الشيخ حِلي خطبته التي انتهت بعد وقتٍ، ليبدأ بالإجابة على جميع الأسئلة، وسط إهتمام الجميع بالإستماع إلى إجاباته المُتعلقة بحديث الله، ليجعلهم يشعرون بالراحة والسكينة.

أنتهى الشيخ حِلي تماماً من الإجابة على جميع الاسئلة، ليتأهب للذهاب بعدما ذهب الجميع، ولكنه وجد ذلك الشاب يأتي إليه ليمسك بيده يستند على ذراعه، حتى إبتسم له الشيخ حِلي ليتحدث قائلاً بنبرة هادئة:

-"كيفك يا إلياس".

إبتسم له إلياس ابتسامته البشوشة، ليتحدث قائلاً بنبرة مُحبة تخرج دائماً بذلك الشكل عندما يجمعه الحديث مع شيخه:

-" بخير يا شيخ حِلي".

ضحك الشيخ حِلي، ليضع يده على كتف إلياس، ثم بدأ بتوزيع نظره عليه وعلى نيار الواقف بجانبه، ليتحدث الشيخ حِلي قائلاً بنبرة هادئة من وسط إبتسامته:

كفر دُرغام.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن